المرأة الصحراوية: الترواح ( إحضار العروس بالقوة إلى عريسها) دراسة يتبع)

Resultado de imagen de ‫المراة الصحراوية‬‎حين تنتهي الأنشطة في خيمة الرق، وتنتهي عادة في ساعة متأخرة من الليل، يبدأ البحث المحموم عن الزوجة المتخفية لإحضارها إلى زوجها في خيمة الرق.
وتجيز العادة للباحثين عن الزوجة( أوزير وجماعته) دخول كل الخيام التي يشَكُّون أن العروس موجودة فيها بما فيها خيام الناس الكبيرة المحترمة مثل القاضي وغيره، وحتى يستطيعون دخول خيمة أهلها دون إن يلومهم احد. يلجأ الرجال إلى القوة لإخراج العروس من مخبئها. إن استعمال القوة لحمل العروس تقابله قوة مضادة مقاومة تقوم بها النساء للدفاع عن العروس حتى لا تتعرض للخطف بالعنف. إن العروس التي لا تستطيع أن تختفي أو التي يُعثر عليها بسهولة أو التي لا تدافع عنها صديقاتها بشراسة تتهم أنها امرأة سهلة ومنقادة للرجال وفاشلة.. في هذه الحالة لا يتأخر الناس كثيرا في الحديث عنها أنها لم تعجبهم .. حين لا يستطيع فريق العريس العثور على العروس يتعرض للنقد الشديد والسخرية من طرف بقية الرجال. في بعض الحالات، رغم القوة الجسدية للرجال، تستطيع النساء تخليص العروس من بين أيديهم ويذهبن بها لتختفي مرة أخرى في مكان أخر. في هذه الحالة ينصب اللوم كله، من طرف الرجال، على العريس وعلى أوزيره ويتهمون أنهم ليسوا رجالا ويتعرضون لفضيحة كبيرة في المخيم وحتى في المخيمات المجاورة. 
 إن فشل العريس وجماعته في العثور على العروس أو هروبها من بين أيديهم يتحول في اليوم الموالي إلى الخبر الرئيس في خيمة الرق ويتندر به كل رجال المخيم.
حين يتم اكتشاف العروس و"القبض" عليها يخلد الرجال ذلك الحدث كانتصار كبير بضرب الطبول والتصفيق. يتم إعلان العثور على العروس من طرف اوزير في خيمة الرق فيتوجه الرجال، والشبان على وجه التحديد، إلى المكان الذي عُثر على العروس فيه ليرافقونها محمولة على بين الأذرع إلى خيمة الرق. تُحمل العروس باكية حزينة إلى الخيمة في جو من الفرح والغناء ورفع البنود وترديد الإيقاع التالي:
"راحت لالة رائحة راح الخير محاذيها."            
حين يصل الموكب إلى خيمة الرق تُرمى العروس بالقوة بين أيدي الزوج كتعبير أنها أصبحت زوجته وعليه السيطرة عليها. يمسك الزوج العروس من معصميها بالقوة ويجلسها إلى جانبه حتى لا تهرب مرة أخرى.  في بعض الأحيان، بمساعدة النساء، تتخلص العروس من براثن الزوج وتهرب إلى الخارج لتختفي من جديد. في هذه الحالة لا يُكلف أوزير وأصدقاء الزوج أنفسهم عناء البحث عن العروس لإن مسئوليتهم انتهت بمجرد رميها بين أيدي العريس. إذا هربت العروس من بين أيدي الزوج أو تغلبت عليه وفرت فإن ذلك الأمر سيُعرضه لسخرية كبيرة من طرف الجميع. في عادات المجتمع، يعني تغلب العروس على زوجها وهروبها من بين يديه انه زوج فاشل في المستقبل ولا يستطيع بناء أسرة ولا التحكم في امرأة. في المقابل، يتم النظر إلى العريس الذي يُحكم سيطرته على العروس بأنه رجل قوي وقادر. في هذه النقطة يجيز العرف للرجل أن لا يكون لطيفا مع زوجته التي تحاول إن تهرب من بين أيديه، وأن لا يتأثر بدموعها ولا يلين أمام استعطافها. وقد تَعْمد المرأة إلى اختراع بعض الحيل، غير استعمال القوة، للهروب من بين أيدي الرجل كأن تتظاهر بأنه أغمي عليها أو أنها مريضة. في هذه الحالة حين يرق قلب الزوج ويفك قبضته عن معصمها تهرب وتختفي.       
وجرت العادة أيضا أن لا يتم البحث عن الزوجة مرتين في الليلة الواحدة من طرف اأوزير وأصدقاءه؛ فإذا تمكنت الزوجة من الهروب، على الزوج وحده البحث عنها أو تركها. إن عدم البحث مرة أخرى من طرف الرجال عن الزوجة التي تخلصت من براثن الزوج هو نوع من الاعتراف لها بشجاعتها وقوتها ودفاعها عن شرفها وعفتها. إذا استطاعت الزوجة تحرير نفسها من بين أيدي الزوج تتحول إلى بطلة ويتحدث الناس، خاصة النساء، عنها في اليوم الموالي بإعجاب.        
 الليلة الأولى من العرس هي ليلة تعارف فقط وتماس، ومن عادات هذه الليلة أن لا يتكلم العريس أما الناس خوفا من أن إصابته بالسحر. الليلة الثانية والثالثة يتم حمل العروس، إن عُثر عليها، بالقوة إلى عريسها، وهاتان الليلتان تسميان ليالي الدخلة ( الدخول). ويتم الأتيان بالعروس تحت الأهازيج:
فرحي اللا فرحي يالله            ويدوم الفرح ن شاءالله
مئة ناقة والجنة                   ما يدوروا اللا لولاد
ريم ما تخيب الظنة              رمكة وفحل ينقاد
     
إن سلوك التمنع الذي تمارسه الزوجة في ليالي زفافها يندرج في إطار معركتها عن سمعتها. ولا تتوقف معركة الدفاع عن العفة عند التخفي والهروب والحزن؛ تستمر حتى بعد أن يبقى الزوج وزوجته وحدهما في خيمة الرق. حين يخلو الزوجان الجديدان في الخيمة تبدأ العروس معركة أخرى مكملة للعفة. . فحسب بعض المسنات الصحراويات، كانت البنت إذا علمت أنها خُطبت، تتوقف عن قص أظافرها، وتتركها تطول استعدادا ليلة الزفاف. في هذه الليلة على العروس أن تقنع الناس أنها لم تستسلم للزوج بسهولة ولم ترضخ له. إن وسيلة الإثبات الوحيدة التي كان يقتنع بها المجتمع، هي أن تقوم العروس بجرح العريس في أماكن ظاهرة من جسده مثل مرفقيه وعنقه جروحا يراها الناس في الصباح. الزوج من جهته، عليه أن يدافع عن رجولته وقوته أمام عروسه فلا يتركها تجرحه أو تخدشه في معصميه ورقبته.
وفي الليلة الأولى للزفاف،  أو حتى في الليالي التي تليها، يقوم الصحراويون بعادة أخرى هي عادة التصنت على الزوجين في مخدعهما. فحين تُطفأ الأنوار في خيمة الرق، تتجمع النسوة والرجال خارج الخيمة في الظلام يستمعون إلى الزوجين ويشجعانهما؛ فالنساء يصرخن قائلات للزوجة:" اجرحيه. غيسي فيه أظفارك" أما الرجال فيقولون للزوج يحرضونه:" لا تخليها تجرحك. أكسر أصابعها ومعصميها."
إن عادة الاستماع للزوجين في ليلتهما الأولى قصدها هو التسلية فقط؛ فطبقا للعادة أيضا تهرب العروس من مخدع الزوجية قبل الساعات الأولى للفجر ولا يبقى في خيمة الرق إلا الزوج وحده. فإذا تأكد الناس إن الزوج بقى وحده يتسابقون إلى زيارته قبل طلوع الشمس، خاصة الرجال غير المتزوجين والعزاب، فحسب المعتقد أن أي أعزب يدخل الأول على العريس يكون ذلك فآل حسن عليه فيتزوج هو الآخر. يقوم العزاب وغير المتزوجين بنطح العريس نطحا خفيفا ويقولون له : " أنت السابق وأنا اللاحق" ، أما الرجال المتزوجون فلا ينطحون العريس، لكن يسألونه:" هل أنت صابر أو  حامد." فإذا قال "انه حامد"، فهذا يعني إن العروس لم تستطيع أن تهرب من قبضته أو تجرحه؛ أما إذا قال "انه صابر" فهذا يعني أنه عليه أن يصبر إلى الليلة القادمة. حين تطلع الشمس يبدأ زوار العريس يتوافدون على الخيمة ليعرفوا هل جرحته العروس أم تغلب عليها. ويركز زوار الخيمة نظرهم على مرفقي العريس ورقبته؛ وهل تعرض للجَرحِ والخدش أم لا؛ فإذا ظهرت عليه جروح ورضوض فإنه سيتعرض لسخرية الناس والرجال بوجه خاص، وسيقولون أن المرأة غلبته وأنه ليس في مستوى أن يتزوج ما دام لا يقدر على امرأة. إن ظهور جروح على يدي العريس سيجعل النساء يزغردن انتصارا للعروس ويشيعون في المخيم إن ابنتهم هي عفيفة وطاهرة، وأنها دافعت عن شرفها وعفتها ببسالة.
وبالإضافة إلى فحص زُند العريس ورقبته يبدأ الناس يحكون حوارات خيالية في كثير من الأحيان يزعمون أنهم سمعوهم تدور بين الزوج وعروسه في الليل.
في الليالي الثلاثة الأخيرة من العرس، خاصة الليلة الأخيرة، يتم وضع العروس فوق قطعة قماش بيضاء وسط أغنيات وأهازيج النساء:
لاتجونا ما جبتوها  يا مات الظفائر السود
( لا تأتون إلينا دون إن تأتون بها ايتها النساء ذوات الضفائر السوداء)
راشقات البند وراها  ساريات والناس رقود
( رافعات البنود وراءها ساريات والناس نيام)    

 في الليلة الأخيرة هي مخصصة للنساء الكبيرات أو الجدات اللاتي يتكلفن بجمع كل ما تبقى من أشياء وهدايا والذهاب به إلى خيامهن. 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء