المرأة الصحراوية: تعدد الزوجات في مجتمع الصحراء( دراسة تابع)

Resultado de imagen de mujer saharauiإذا كان تعدد الزوجات مباح في الإسلام فإنه قليل جدا في الصحراء الغربية؛ بل يكاد يكون منعدما. إن مشايخ الصحراويين العارفين بأسرار الدين يرون أن إباحة تعدد الزوجات لابد له من شرط العدل الصعب جدا بل شبه المستحيل. من جهة ثانية، يظهر أن دور المرأة حاسم في منع الرجال من الزواج بنساء كثيرات في وقت واحد. إن المرأة الصحراوية وحدها - وليس المجتمع ككل- هي من كافح بكل الوسائل لمنع تعدد الزوجات.
فهذه المرأة المذكورة تربط كرامتها وعزة نفسها بأن تكون هي السيدة الوحيدة في خيمتها وأن لا تكون ضرة أو يضار بها أو عليها. فالشرط الأساسي عند عقد الزواج هو " لا سابقة ولا لاحقة"؛ أي إن الرجل إذا كان متزوجا عليه أن يطلق زوجته وإذا كان أعزباً عليه أن لا يتزوج على زوجته.
فحين يفكر رجل متزوج في الزواج من جديد يصطدم برفض المرأتين معا؛ تقول له الزوجة:" طلقني إذا أردت أن تتزوج"، وتقول له التي يريدها زوجة جديدة: " طلق زوجتك." أو تقول له " الشرط الأول هو إن أضع رسالة طلاق زوجتك في ضفيرتي."
وحتى يتم التقليل من ظاهرة تعدد الزوجات نجد في الثقافة الشعبية الصحراوية الكثير من الأمثال والأقوال التي تحارب تلك الظاهرة. فمثلا نجد في بعض مناطق الصحراء المثل الذي يقول: "الحرة ما تعود ضرة ولا ترضى بضرة"؛ أي إن المرأة الحرة الكريمة لا ترضى إن تصبح ضرة أو ترضى أن يُضار عليها. ومن بين الأمثال المهمة أيضا نجد تكرار المقولة الشائعة: "إلى دخلت الضرة من لكفى تمرك الحرة بالحفاء" ويعني أن الضرة هي زوجة غير مرغوب فيها وتدخل دائما متخفية من لكفى ( شريط منسوج من الشعر يغلق الخيمة من الخلف) وحين تدخل فإن الزوجة الحرة لا ترضى بها وتخرج ( تعود إلى أهلها) دون إن تنتظر حتى أن تلبس خفيها أو نعليها. إن المرأة الصحراوية، في سبيل محافظتها على كرامتها، وبسبب رفضها للإهانة، تسمح في كل شيء وتغادر: تترك أحيانا الأطفال الصغار، تترك مالها وممتلكاتها وتغادر إلى بيت أهلها أين سيتم استقبالها استقبالا احتفاليا.
فإذا تزوج رجل بزوجة أخرى على زوجته الأولى يقال انه " رقق بها"، أي، يجعلها في صف الخادمة أو الوصيفة.
فحين تسمع امرأة صحراوية إنه في بلدان عربية أو إفريقية يعيش الرجل مع أربع زوجات أو أكثر في نفس المنزل أو في نفس الغرفة تتعجب من ذلك وتعتبره غريبا جدا.   

إن الذي نستشفه من ورود الكثير من الأمثال والحكم المتعلقة برفض الضرار في الثقافة الشعبية الصحراوية يعني إن هناك مقاومة معنوية وفعلية لمنع ظاهرة الضرار وتعدد الزوجات. حين تكبر المرأة وهي تسمع أمها وقريباتها وجاراتها يوميا يذممن الضرار ويسخرن من المرأة التي تقبل إن تكون ضرة أو يُضار عليها، يتولد عندها شعور إن الضرار وكل ما يتعلق به هو مذموم وغير مسموح به اجتماعيا. إن صمود المرأة الصحراوية ورفضها لقبول تعداد الزوجات جعل المجتمع يرضخ للأمر الواقع ويكف عن ما يُسمى الضرار أو يحد منه إلى أقصى ما يمكن.  

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء