الصحراويون وزمام المبادرة

Resultado de imagen de antonio gutierres نجح المغرب، رغم الدماء الكثيرة التي سالت من أنفه، ورغم الضربات الموجعة التي تلقاها من كل الجوانب، في المناورة مع الأمم المتحدة كي توقف الحرب عن جيشه في مرحلتها الحاسمة، كما نجح، بعد ذلك، في جر نفس الأمم المتحدة من أنفها إلى مستنقع استراتيجيته المبنية على عامل الوقت، واستفاد من 26 سنة من الجمود الذي كان كله هدرا للوقت والجهد عبثا. فحين رفض المغرب المضي قُدما في العملية الاستفتائية وأعتبرها " مستحيلة التطبيق" استسلمت الأمم المتحدة لذلك، وجرت البوليسياريو معها كي تتخلى، ولو مؤقتا، عن فكرة الاستفتاء هي الأخرى، وحين أقترح المغرب فكرة الحكم الذاتي قبلت الأمم المتحدة تجريب المقترح، وفرضت على\اقنعت البوليساريو أن تتفاوض حول المشروع كي تفنده وتظهره أنه مشروع غير قانوني وغير قابل للتطبيق. خلال هذه السنوات الطويلة من المماطلات كان المغرب يلعب على عامل السنوات وعامل العُهد وعامل الأمناء المعامين وعامل المبعوثين الشخصيين، واستنفذ عُهد خمس أمناء عامين للأمم المتحدة تاركا القضية في المربع الأول وفي نقطة الصفر.
الآن جميع الصحراويين وحتى المتحمسين لهم ولقضيتهم أصبحوا على قناعة تامة أن لعبة السير مع الأمم المتحدة في هذا الفراغ القاتل، ولعبة مجاراة المغرب في سياسته واستراتيجيته أصبحت ضربا من العبث الغبي. في تقديري أنه أصبح من الغباء الجري في دائرة الصفر الواسعة من جديد. فالآن أمامنا أمين عام جديد يبحث عن مبعوث شخصي، وأمامنا عدو مغربي  منتشي بنجاح سياسته على مدى 26 سنة، وأمامنا ماثلة وشاخصة حزمة من القناعات تتلخص فيما يلي: 1) قناعة أن المغرب يريد تجريب سياستة التي أصبحت تقليدية مع الأمين العام الجديد وهي أن يبدأ معه من الصفر ويلعب معه لعبة القط والفأر حتى تنتهي عهدته ويذهب مثلما ذهب الذين سبقوه؛2) قناعة أن المغرب لن يترك الصحراء الغربية إذا لم يتدخل عامل ضغط خارجي مثل الحرب أو الضغط الأمريكي؛3) قناعة أنه لا يوجد في يد الأمم المتحدة حل سحري للقضية ما عدا الاستفتاء الذي يرفضه المغرب ويسخر منه؛4) قناعة أنه تم إلى حد الآن تجريب كل الحلول السياسية وفشلت؛5) قناعة ان القضية لا بد ان يكون فيها خاسر ومنتصر؛
خلال هذه السنوات الضائعة ظهر أن الأمم المتحدة فشلت في فرض أي حل قانوني على المغرب، وظهر أنه ليس لديها لا الرغبة ولا الإفلاس المالي حتى تنفض يدها من القضية، وظهر أنها قابلة للانصياع مع السياسة المغربية في كل تجلياتها. كل هذه القناعات والحقائق أصبحت تتطلب منا نحن أن نأخذ زمام المبادرة في المرحلة القادمة. كل المؤشرات توحي أن المغرب سيبدأ التعامل مع الأمين العام الجديد من نقطة الصفر مثلما فعل مع سابقيه، وأن المفاوضات حتى لو استمرت قرنا من الزمن سوف لن تفرض على المغرب القبول بحل لا يرضاه، وسوف لن تكون عاملا يجعل المغرب يترك الصحراء الغربية التي يحتل. إذا كنا مقتنعين، حقا، أننا سنبدأ الجري من جديد في نفس الدائرة بغير نتيجة، وسنبدأ نلهث وراء أمم متحدة عاجزة ولا يهمها الحل فلماذا نفعل هذا؟. لقد أخذت الأمم المتحدة ما يكفي ويزيد من الوقت، ويبدو أنها مستعدة للبقاء ولا يوجد ما يزعجها، وهذا يفرض علينا أن نتحرك ونتعامل معها على أساس أنها لا يجب أن تبقى تضحك على ذقوننا إلى الأبد وان تضع جدولا زمنيا مضبوط بالتاريخ لتواجدها في الإقليم وفي حالة ان لا تفعل ترحل.       
فالمؤشرات، وهي كثيرة، توحي أن المغرب لا نية لديه في التخلي عن سياسته في التعامل مع الأمم المتحدة، وهذه الأخيرة لا يبدو أنها مستعجلة في مغادرة الصحراء الغربية، ويبدو أنها تآلفت مع هذا الواقع الذي يبدأ دائما من الصفر، ثم أنه، وهذا مهم، يجب أن لا نستعبد بتابتا أن المغرب يمكن أن يكون هو من يمول بعثة المينورصو ماليا حتى تبقى في الصحراء إلى الأبد  . السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل سيقبل الطرف الصحراوي، بما أنه هو المتضرر، أن يتآلف، هو الآخر، مع الواقع ويبقى ينتظر أن يبدأ الأمين العام الجديد " مساعيه" لحل الصراع مثلما فعل نفس الشيء مع خمسة أمناء عامين سابقين.؟     

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء