ملاحظات على الدراسة المعنونة ب"تلويح الاحتلال المغربي باجتياح المناطق المحررة".

 



قرأنا في بعض  المواقع الصحراوية دراسة ل"معهد الدراسات الصحراوية" الذي لا معلومات لنا عنه ولا نعرف  أين يوجد مقره ومن هم الإخوة الذين يشرفون عليه، وشخصيا لا أعرف هل هو صحراوي أم يوجد في دولة أخرى. باختصار، الدراسة(بما أن المركز مركز دراسات) تحاول استشراف ما سيقوم به العدو في حالة قام بعملية لاحتلال الأراضي المحررة من الصحراء الغربية. أظن، وهذا رأي شخصي جدا، أن "الدراسة" رسمت للعدو خطة متقنة في حالة يهاجم الأراضي المحررة، واعطته اقتراحات ما كانت تخطر على بال ضباطه ومنظريه، وربما ما كانت تخطر على بال الإسرائيليين الذين يقومون الآن بالتخطيط لكل شيء في المغرب خاصة ما يتعلق ب"أمنه القومي". إذا كتبت مثل هذا الكلام فهذا لا يعني إطلاقا توجيه التهمة الجاهزة بأن الدراسة تخدم العدو. فالإخوان الذين أعدوا الدراسة يبدو أنهم يعرفون طبوغرافيا الأرض الصحراوية جيدا، ورسموا للعدو خطة مكتملة الأركان إن هو هاجم الأراضي المحررة. 

فمثل هذه "الدراسة"، بهذا الشكل، كان يجب أن توضع تحت تصرف القيادات الصحراوية الميدانية ولا يتم نشرها لإنه لن يكون مفيدا. لا أعرف ما سيفيدني كقارئ صحراوي أن أقرأ عن سيناريو متخيل أو مجموعة من الاحتمالات لعملية سيقوم بها الجيش المغربي لاحتلال الأراضي المحررة؟ الملاحظة الثانية، أن الدراسة أهلمت، وهذا هو الأهم، الجانب السياسي لمثل هكذا عملية متخيلة إلى حد الآن. من الجانب السياسي، العملية لا يمكن استبعادها في أي وقت، وهناك ما يشجع عليها. أولا، الأراضي المحررة، من الناحية السياسية، هي شوكة مغروزة في حلق المغرب، وهي مناطق مزعجة له ومثلما تتمنى إسرائيل أن تستيقظ يوما وتجد غزة ابتلعها البحر، فإن الاحتلال المغربي يتمنى أن يستيقظ يوما ويجد الأراضي المحررة الصحراوية قد ابتلعها بحر الرمال. في الواقع، هذه المناطق مزعجة كثيرا؛  تتواجد فيها النواحي العسكرية والسلاح، وفيها العاصمة المؤقتة وتُعقد فيها المؤتمرات، وتزورها الوفود الأجنبية، ورغم محاولة المغرب خداع شعبه وتسميتها "المناطق العازلة" إلا أنه فشل. لهذه الأسباب كلها مجتمعة، لا شك أن العدو المغربي حاول أكثر من مرة أن يحتلها،  لكن لم يقدر على ذلك بسبب تواجد الأمم المتحدة ورفض الولايات المتحدة، وبسبب عدم قدرته على القيام بالعملية غير محسوبة العواقب. ثانيا،  يمكن أن يستغل العدو هذه الفوضى التي أحدثتها الحروب في أوكرانيا وغزة، ويستغل شلل الأمم المتحدة ويقوم بالعملية؛ ثالثا، يريد العدو المغربي من عملية ضم الأراضي المحررة الصحراوية إقناع الدول الإفريقية  التي وقّع معها ما يُعرف بكذبة مخطط لأطلسي، والدول التي  سيمر منها أنبوب الغاز المتخيل، بتحييد خطر البوليساريو التي يدعي أنها ستعرقل هذين المشروعين. رابعا، الاعتقاد كبير جدا أن المغرب ينتظر بفارغ الصبر عودة ترامب إلى البيت الأبيض كي يوافق له على الخطة، وكي يفتح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة المحتلة.  في هذه النقطة بالذات يجب أن  لا ننسى أن المغرب لا يستطيع أن يقوم بأبسط فعل في قضية الصحراء الغربية دون مشاورة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن احتلاله لمعبر الكركرات سنة 2020م حدث بموافقه ترامب. الآن، مع احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يمكن أن يستغل المغرب ذلك، ويطلب منه الموافقة على العملية ولا أظن أنه سيرفض. للتذكير فقط، فقد طلب المغرب من إدارة أوباما سنة 2009م أن يضم الأراضي المحررة أو يهاجمها، لكن أوباما رفض. خامسا، هل سيقبل الحليف أن يمتد الجدار المغربي إلى حدوده؟ هناك تكمن خطورة الوضع. إقامة جدار رملي عسكري مغربي على حدود الجزائر هو تهديد خطير ومباشر لأمنها القومي. سادسا، في ظل الوضع الحالي الذي تَحْضر فيه إسرائيل بقوة إلى جانب المغرب، ومع أخذ في عين الاعتبار سيولة الأموال الفاسدة الاماراتية على المغرب لمناكفة الجزائر، يمكن أن يجد المغرب تمويلا كافيا للعملية، لكن هل يستطيع أن يحتفظ بالسيطرة على المنطقة، ويُبْقي جيشه مرابطا على الجدار الذي سيصبح أطول بكثير من الجدار السابق. 

السيد حمدي يحظيه 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء