المقاومة الصحراوية السلمية: لا تقرير مصير بدون مقاومة

لا تقرير مصير بدون مقاومة

حق تقرير المصير في القانون الدولي هو حق نظري فقط، ولا توجد آلية دولية ولا أممية تفرضه على الأرض. إن عدم وجود آلية عالمية تنصف الشعوب وتمكنها من حقها في تقرير المصير يفرض على الشعوب المستعْمَرة أن تخلق هذه الآلية بالمقاومة. إنه من المنطق الإقرار بأن الدول الاستعمارية، تاريخيا، لا تخرج طوعا من المستعمرات ولا تتركها إلا تحت الضغط والمقاومة. إذن، إذا آمنا أنه لا توجد آلية تفرض تقرير المصير على الأرض، والدول الاستعمارية لا تخرج طوعا وتبرر بقائها في مستعمراتها، ولا تعترف بالقوانين النظرية مثل حق تقرير المصير، فإن على الشعوب أن تخلق آلية تطبيق تقرير المصير على الأرض. إن الآلية المذكورة لن تكون إلا المقاومة في الميدان وفرض على الاستعمار أن يخرج ويترك الأرض لأصحابها. إن حق تقرير المصير الذي تعترف به القوانين والأعراف الدولية هو غطاء نظري فقط للمقاومة ويشرع للشعوب أن تناضل، وهو مبرر واضح يمكن أن تعتمد عليه الشعوب كي تتحرك وتثور لإخراج المستعمر.
فإلى حد الآن لازالت حوالي 16 إقليما صغيرا مسجلا في الأمم المتحدة في لائحة الأقاليم التي لها الحق في تقرير المصير، ويجب أن يُصفى منها الاستعمار، لكن الدول التي تستعمرها لا تأبه بذلك ولازالت تمارس فيها الاستعمار بتلذذ، ولا تهتم بحق تقرير المصير ولا بضرورة تصفية الاستعمار. إن الذي جعل الأقاليم المذكورة لا يُسمع عنها شيئا ولا أحد يهتم بها وبقضيتها وبتقرير مصيرها - بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها- هو أنها أقاليم لا تهتم شعوبها بمعادلة تقرير المصير يساوي حسابيا المقاومة. فبما أن هذه الشعوب لا تقاوم فهذا يعني أنه لا أحد سيثير قضية تقرير مصيرها وقضية تصفية الاستعمار منها. إنها، على ما يبدو، شعوب تآلفت مع الاستعمار ولا تريد أو لا تستطيع تغيير الواقع الاستعماري القائم.
إن وضع قضية الشعب الصحراوي على أولويات أجندة الأمم المتحدة ليس راجع إطلاقا إلا أن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير وتصفية الاستعمار، أو أن عيونه سوداء بل لإن هذا الشعب فهم أن حق تقرير المصير وتصفية الاستعمار يتطلبان المقاومة على الأرض. فلو أن الشعب الصحراوي سكت عن حقه في تقرير المصير وتصفية الاستعمار كان بقى في النسيان مثل الشعوب ال16 المسجلة في لائحة الأقاليم التي يجب أن يُصفى منها الاستعمار. إن قضية الصحراء الغربية هي أكثر قضية في تاريخ الأمم المتحدة صدرت في حقها قرارات تطالب بتقرير المصير وتصفية الاستعمار.                     








الجزء الثاني

1) الاتفاقيات، المعاهدات والقوانين الدولية التي تنطبق على الصحراء الغربية وشعبها  
من الناحية القانونية، قضية الصحراء الغربية لا خلاف عليها، مطلقا، من حيث أنها قضية تصفية استعمار. أي أن الصحراء الغربية هي بلد مفروض على الأمم المتحدة إن تساعد في تمكين شعبه من تقرير مصيره. أكثر من ذلك أن كل الاتفاقيات والقوانين الدولية تعطي للشعب الصحراوي الحق في المقاومة بكل أنواعها حتى يحصل على استقلاله. لنرى مجموعة من أهم القرارات التي تعطي الشعب الصحراوي الحق في المقاومة وفي تقرير المصير:
أ) أرض محتلة
حسب اتفاقية لاهاي لسنة 1907م، نجد أن تعريف الاحتلال بالقوة قد ورد في المادة 42  كما يلي: "الاحتلال هو اجتياز قوات أجنبية معادية إقليم دولة أخرى والسيطرة عليه سيطرة فعلية من خلال نجاحها في إنشاء وإقامة إدارة عسكرية تمارس من خلالها أعمال إدارة وتسيير شؤون الإقليم المختلفة في ظل احتفاظها بقدرة فرض الأمن والنظام عليه بشكل فعلي ومتواصل."2 إن هذا التعريف الوارد في هذه المادة يجعل المغرب قوة احتلال، ويجعل الصحراء الغربية أراضي محتلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكنتيجة لذلك تنطبق عليها ( الصحراء الغربية) وعلى شعبها بنود اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 م الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب؛ أي إن كل ما تعرض له الشعب الصحراوي من جراء الاحتلال المذكور هو جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. 
ب) وضع الصحراء الغربية وشعبها في " إعلان منح الاستقلال للشعوب والبلدان المُستعمرة:
هو إعلان مهم صدر في 14 ديسمبر عام 1960م تحت الرقم 1514( الدورة 15). وفيه نجد أن:[1]
 -1 إن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين.
 -2 لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلي تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
 -3لا يجوز أبدا التذرع بنقص الاستعداد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي لتأخير منح الاستقلال لشعب ما.
 -4 يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية، الموجهة ضد الشعوب الواقعة تحت السيطرة( الاستعمارية)، لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام، وتُحترم سلامة ترابها الوطني.
إن هذا القانون، أيضا، مثله مثل الوعد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية مستهدف بالنسيان وبالحذف، وتعمل إسرائيل والمغرب بصفة خاصة، وأيضا الدول التي تدعمهما مثل فرنسا، على شطبه نهائيا من القانون الدولي بذريعة أنه انتهت صلاحيته. وإذا كان هناك من في مصلحته شطب هذا الإعلان الهام من أرشيف الأمم المتحدة، فإن الذين لازال في مصلحتهم بقاءه كمرجع لإثبات حقهم، مثل الصحراويين، عليهم أن يدافعوا عنه ويتخندقوا وراءه وان لا يسهون عنه.
ج) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
هو وثيقة دولية مهمة اسمها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، صدرت عن الأمم المتحدة يوم 16 ديسمبر 1966م، والتي تقول في مادته الأولى:
" لجميع الشعوب الحق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي وا[2]لاجتماعي والثقافي.
3. على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسئولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
 ورغم أن هذا العهد أو القانون المذكور لم يعد يتم الرجوع إليه كثيرا، بسبب أن الشعوب التي ينطبق عليها أصبحت قليلة\ شبه معدومة، إلا أن واجب\ حق الشعب الصحراوي أن يبقى متمسكا به، يحيه، يدافع عنه وان يشهره في كل المحافل الدولية حتى لا يتم نسيانه.


د) قضية الصحراء الغربية وشعبها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان  
هو إعلان تاريخي صدر في فيينا في 25 يونيو سنة 1993م، وكان من بين ما جعل العالم يصدره هو ما حدث من عنف وتصفية عرقية بشعة في يوغسلافيا منذ نهاية 1991م، وطبعا يجب إن لا ننسى إنه في نفس المؤتمر ذكر أكثر من تقرير مقدم من طرف منظمات دولية حقوقية مثل هيومن رايتس وتش، امينيستي انترناثيونال ومنظمات أخرى ظروف الاعتقال السري والانتهاكات الجسيمة التي أرتكب المغرب بعمد في حق شعب الصحراء الغربية. إن أكثر من مادة من الإعلان المذكور تنطبق على الصحراء الغربية وشعبها. مثلا، تقول المادة الثانية من الإعلان:" لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير، وهي، بمقتضى هذا الحق، تحدد مركزها السياسي بحرية وتسعي بحرية إلي تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
 المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، إذ يأخذ في اعتباره الحالة الخاصة للشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية أو غير ذلك من أشكال السيطرة الأجنبية أو الاحتلال الأجنبي، يسلم بحق الشعوب في اتخاذ أي إجراء مشروع، وفقا لميثاق الأمم المتحدة، للوصول إلى حقها، الذي لا يقبل التصرف، في تقرير المصير. ويعتبر المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان إنكار الحق في تقرير المصير انتهاكا لحقوق الإنسان ويؤكد أهمية الإعمال الفعلي لهذا الحق."[3]
          
 ه)- الصحراء الغربية ومحكمة العدل الدولية
   يوم 16 أكتوبر 1975م أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا شهيرا حول الصحراء الغربية يقول بوضوح:" :" إن الاستنتاجات التي خرجت بها المحكمة، بالرجوع إلى المعاهدات الداخلية الخاصة بسيادة المملكة المغربية وكذا المعاهدات الدولية، فإنها كلها بالاتفاق لم توضح وجود أية رابطة قانونية في تلك المرحلة بين المملكة المغربية والصحراء الغربية.( ...) طبقا لذلك فإن المحكمة لم تجد ما يمنع تطبيق مبدأ قرار 1415، الخاص بمنح الشعوب تقرير مصيرها."
و) الصحراء الغربية ورأي محكمة الشعوب الدائمة التي يوجد مقرها في ايطاليا
هذه المحكمة أيضا أصدرت قرارا مهما خاصا بالصحراء الغربية وسكانها بتاريخ 11 نوفمبر 79م وفيه رأت أن" حق الشعب الصحراوي هو مبدأ حتمي في القانون الدولي(..)، وفي ميثاق الأمم المتحدة(..)، وفي العقد العالمي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب، وأن هذا الحق موجود في كل الأعراف الدولية، وان سكان الصحراء الغربية يشكلون الشعب الصحراوي الذي له الحق في أن يقرر وضعه السياسي بكل حرية(..) طبقا للإعلان العالمي لحقوق الشعوب."(1)

أما عن رأي المحكمة في شرعية البوليساريو، فترى" أنها الحركة الوحيدة الشرعية التي تقود الشعب الصحراوي ومعترف بها من طرف كل الهيئات الدولية(..)، وان مقاتليها يجب أن يستفيدوا من حق الحماية الإنساني للحروب طبقا لإتفاقيات جنيف الصادرة سنة 1949م والتي تمت مراجعتها في سنة 1977م."
وأعادت المحكمة تأكيد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية السابق فيما يخص نفي وجود أية روابط ذات صفة سيادة، أو ذات أية صفة أخرى، بين المملكة المغربية والصحراء الغربية.
أما عن اتفاق مدريد الموقع يوم 14 نوفمبر 75م ، فترى المحكمة انه" مُلغى وغير  شرعي لأن أسبانيا، القوة الاستعمارية، باعت إقليما كان في طريقه إلى أن يصفى منه الاستعمار، ولا تمتلك الحق أن تنقل سيادته إلى أطراف أخرى خاصة أن الاتفاق يخرق إحدى المبادئ  العالمية وهو تقرير المصير."
أما بخصوص إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، فترى المحكمة "أن عدم شرعية اتفاق مدريد جعل الشعب الصحراوي يمارس حقه في تقرير المصير من خلال إعلان دولة اسمها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية."[4]               
و)الجمعية العامة وقضية الصحراء الغربية..
تعتبر قضية الصحراء الغربية الآن أقدم قضية تصفية استعمار تناقشها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي أيضا،  بالموازاة مع ذلك، القضية التي صدر فيها أكثر عدد من القرارات الدولية. ففي سنة 1963م، أصدرت لجنة تصفية الاستعمار قرارا تقول فيه ََ إن الصحراء الغربية( الأسبانية سابقا) إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي وينطبق عليه قرار 1415 الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1960م() ومنذ ذلك القرار والجمعية العامة لا تفتأ تصدر كل سنة قرارا خاصا بالصحراء الغربية يؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وتقر الجمعية العامة، بوضوح وبدون لبس، أن المغرب هو قوة احتلال. ففي يوم 21 نوفمبر سنة 1979م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا هاما يعترف بجبهة البوليساريو كممثل وحيد وشرعي للشعب الصحراوي. ففي النقطة السابعة من القرار المذكور " تعترف الجمعية العامة أن البوليساريو هي الممثل الوحيد للشعب الصحراوي"، أما في النقطة السادسة فتطلب " من المغرب أن ينهي احتلاله للصحراء الغربية." إن اعتبار الأمم المتحدة للمغرب كقوة احتلال، يسحب عليه، أوتوماتيكيا، اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالمدنيين الواقعين تحت الاحتلال.              
2) رحلة الشعب الصحراوي الشاقة وراء حق تقرير المصير
إن أغلى شيء ظل يحتل أذهان الشعب\ المجتمع الصحراوي على مدى عصور، ومنذ النشأة تقريبا، كان هو الحلم بالحرية والتشبث بها. إن الحلم بالحرية، والحرية وحدها ولا شيء غيرها، كان هو ما يمسى وينام عليه الصحراوي، وعليه، أيضا، كان يصبح. إنه لم يكن من المنطق في شيء الحديث عن الإنسان الصحراوي كذات متفردة، كشخص وتفكير، كجماعة وشعب دون ربطه بالحرية. وفي سبيل هذا الحلم( الحرية) خاض الصحراويون، منذ قرون حسب ما يقول التاريخ، كل أشكال الكفاح التي يمكن إن تخطر على بال: قاتلوا، ناضلوا، ضحوا، منعوا الاستعمار من الدخول، منعوا الملوك المغاربة من المرور إلى إفريقيا، غلبوا أقوى الدول الاستعمارية مثل فرنسا، سُجنوا، نفيوا وماتوا.  
إن الإنسان الصحراوي لا يستطيع إن يعيش دون يكون حرا، ويصل به التطرف والمغالاة في حب الحرية والحلم بها إلى القول انه لا يحلو له النوم حين يكون دون السماء جدار، حائل أو غطاء. فحتى السكن والنوم في مكان غير مفتوح على الهواء، السماء والشمس يوهم الصحراوي إن في ذلك استعبادا له ونقصا لحريته.. إن هذا راجع ربما لعوامل وراثية أو لطبيعة البدوي العربي القديم، أو راجع للسكن بعيدا عن المدن في الصحراء الشاسعة التي هي المكان الوحيد [5]جغرافياً الذي يستطيع إن يمارس فيه الكائن البشري حريته.
في التاريخ الحديث، حين أصبح العالم يطلق على الحرية والاستقلال اسم تقرير المصير، ركب الشعب الصحراوي الموجة. كان أول شعب طالب بتقرير المصير في صيغته الحديثة، وكان من أول ثلة قليلة من شعوب المعمورة التي أنطبق عليها إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المُستعمَرة الصادر في سنة 1960م. ابتداء من ذلك التاريخ بدأ الشعب الصحراوي رحلة شاقة، مريرة، سلمية ومسلحة مليئة بالتضحيات في سبيل الوصول إلى هذا الحق الذي يُسمى تقرير المصير. أصبح تقرير المصير حلما براقا يقترب تارة ويبتعد أخرى، يصعُب ويسهل، يحتاج الكفاح المسلح تارة، وتارة أخرى يحتاج الكفاح السلمي. وفي كفاحه من أجل هذا الحق المكتوب بالذهب في قانون الأمم المتحدة، تحمَّل الشعب الصحراوي كل شيء تقريبا: السجن، النفي، اللجوء، التمييز العنصري، الاختطاف، الاختفاء، الموت، الاعتقال؛ تحمل أبشع الجرائم، وقعت عليه أفدح الانتهاكات، أعطى أغلى الأولاد، وباختصار قدم كل شيء وبرضى من اجله.

ورغم كل هذا بقى الشعب الصحراوي، صامدا، يناضل، يتحمل، يكافح ويقاوم من اجل التمتع بهذا الحق. وحين نتحدث عن مبدأ تقرير المصير فإننا لا نتحدث عن حق أخلاقي فضفاض أو أتوبيا، إنما عن حق أجمع العالم في كل قوانينه وشرائعه ومعاهداته على إنه حق وشرعي ويجب إن يمارسه الجميع.    
فالحق في تقرير المصير هو أكثر ما تحدثت عنه قوانين، مواثيق وعهود المجتمع الدولي. تذكره القوانين التي تتحدث عن الحرية والاستقلال، تذكره المعاهدات التي تعالج موضوع حقوق الإنسان، تذكره العهود الخاصة بالمقاومة، وباختصار هو اشهر حق على الإطلاق في تاريخ المجتمع الدولي وفي التاريخ الإنساني.
لكن لماذا، في الوقت الراهن، يصر عليه الشعب الصحراوي؟ ببساطة شديدة لإن: 1) الصحراء الغربية لازالت محتلة\ مُستعمَرة، 2) لإنها مسجلة في قوائم البلدان التي لازالت لم تقرر مصيرها، 3) لإن الشعب الصحراوي هو أكثر شعب في التاريخ، رفقة الشعب الفلسطيني، تم إصدار قرارات أممية بضرورة تمكينه من حقه في تقرير المصير، 3) لإن الشعب الصحراوي لديه إصرار وعناد أن يفرض هذا الحق في يوم من الأيام؛ و4) لإن العالم اليوم يريد إن يحل النزاعات عن طريق الحلول السلمية الديمقراطية، وتقرير المصير هو أرقى عملية ديمقراطية ابتكرتها البشرية في التاريخ.
والواقع أن مطالبة الصحراويين بحق تقرير المصير ليست بجديدة. فحسب بعض المناضلين الصحراييين، فإن المتظاهرين في مظاهرة الزملة سنة 1970م حملوه وكتبوه علا لافتات كبيرة وكتبوه على الشوارع والجداران. في سنة 1975م، حين ثار الصحراويون على أسبانيا، حملوه في كل مظاهراتهم التي نظموها في الشوارع وفي المدن.    
ولم يبق تقرير المصير فقط شعارا سياسيا أو مبدأ في أوراق الأمم المتحدة وأروقتها، أو في الوثائق الخاصة بالصحراء الغربية، إنما خرج إلى الشارع، دخل البيوت الصحراوية، أصبح لافتات، رايات، أعلام. فلا توجد دار لصحراوي في العالم إلا وفيها لافتة تحمل شعار "نطالب بتقرير المصير".. في المدن المحتلة أيضا، خاصة منذ وقف إطلاق النار واندلاع انتفاضة الاستقلال، تحول تقرير المصير إلى شعار يقول " لا بديل عن تقرير المصير"، لكن لم يبق فقط شعارا يردده المناضلون في خرجاتهم ومظاهراتهم، إنما أصبح هو أكثر شعار يُكتب على الجدران ويُرفع على أسلاك الكهرباء. إن شعار " لا بدل عن تقرير المصير هو أكثر شعار يردده الصحراويون الآن، وهو أيضا، واحد من الشعارات القليلة التي دخلت قصائد الشعراء و أغاني المغنيين، وهو ربما أكثر شعار يحفظه الأطفال الصغار.    






[1]- قرار 1415 سنة 1960م 
[2] - قرارات معروفة صادرة عن الأمم المتحدة- ارشيف الأمم المتحدة المنشور عن الجمعية العامة للامم المتحدة
[3] - المرجع السابق 
[4] - محكمة الشعوب الدائمة- راي خاص بالصحراء الغربية بتاريخ 11 نوفمبر 1979م – الارشيف الوطني الصحراوي 

 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء