حق الصحراويين في تقرير المصير... وفي المقاومة



استهلال:
الصحراويون شعب قليل عددا وأرضهم غنية واستراتيجية...
 مَختل  ظل الذين أرادوا احتلال الصحراء الغربية، منذ قرون،  يظنون أنه نقطة ضعف تاريخية يمكن استغلالها للقضاء على هذا الشعب أولا ولنهب ما يملك من خيرات بعد ذلك. لكن نقطة الضعف تلك، كما يظنها البعض، كانت هي نقطة القوة التي ارتكز عليها الصحراويون ليصنعون تاريخا أكبر منهم ومن أرضهم. لقد كتب لهم القدر أن ينتموا إلى الشعوب التي تصنع تاريخا أكبر منها، وحين تحاول إن تكتبه لا تستطيع وتلك مأساة من مآسي التاريخ.

كل الذين حاولوا الوصول إلى الصحراء الغربية بنوا إستراتيجيتهم على القضاء على شعب الأرض المذكورة وتصفيته بالقوة، لكن ذلك كان، أيضا ومن جهة أخرى، خطؤهم الفادح الذي وقعوا فيه.
لن نعود إلى التاريخ كثيرا كي نبرهن على ما كتبنا، وسنكتفي فقط بذكر الحالة التي قام بها المغرب ضد الصحراويين كي يغزو ويحتل أرضهم ويحاول أن يصفيهم. ببساطة حاول القضاء عليهم ونزع جذورهم كمجموعة بشرية كي تبقى له الأرض الكبيرة الغنية، كي تكبر مساحته، لكنه لم يكن يدري انه بفعله هذا كتب لهم حياة أطول، وتاريخا مجيدا ما كانوا يحلمون أنهم سيصنعونه وسيكتبونه ذات يوم، ومن جهة أخرى كتب لنفسه تاريخا بالغ السوء سيظل المغاربة على مدى وجودهم يخجلون من ذكره.

وقع غزو واحتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب في وقت –السبعينيات- بدأت فيه آخر الشعوب المستعمَـرة تستيقظ وتتحرك ببطء لتتخلص من ما بقى و تبقى من ظاهرة الاستعمار التي تعتبر عار التاريخ الحديث. كانت الثورات المسلحة آنذاك، أو ثورات الكلاش انكوف، هي العقيدة التحررية التي اعتنقتها الشعوب المطالبة بحق ما، خاصة الحق في تقرير المصير والحرية، وقد نجحت الكثير من تلك الثورات في ذلك التاريخ بفضل البندقية مثلما حدث في زيمبابي وانغولا وارتيريا وجنوب افريقيا.
في الصحراء الغربية لجأ الصحراويون، مثلهم مثل كل الشعوب الخاضعة للاستعمار، إلى الكفاح المسلح سنة 1973م، لكنهم لم يلجئوا إليه إلا بعد أن استنفذوا كل الطرق الأخرى. فمن جهة رفضت أسبانيا أن تمنح لهم حق تقرير المصير الذي كان المجتمع الدولي يطالب به، ومن جهة ثانية أجابتهم بالقوة والرصاص حين أرادوا أن يطالبون بذلك الحق على الأرض عن طريق انتفاضة الزملة السلمية سنة 1970م. من جهة ثالثة ارتكز الصحراويون في لجوءهم إلى الكفاح المسلح على قرار شهير خاص بالصحراويين أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14 ديسمبر سنة 1972م يحمل رقم 2983 تقول فيها أنها "" تؤكد شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب الخاضعة للاستعمار، وتؤكد تضامنها ومساندتها لشعب الصحراء الغربية في الكفاح الذي يخوض من أجل ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال، وتطلب من كل الدول أن [1]تقدم له الدعم المادي والمعنوي الضروري في الكفاح."1
المهم، اندلع الكفاح المسلح المطالب بتقرير المصير في الصحراء الغربية سنة 1973م، حين كانت ثورات الكلاش انكوف في أوج شهرتها وانتشارها، لكن بعد خمسة عشر سنة من الكفاح [2]حدثت طفرة مفاجئة في المناخ السياسي العام في العالم: سقطت إمبراطوريات، زالت دول كبيرة من الخريطة، وهبت رياح قوية أطاحت بالكثير مما كان العالم يظن انه باق خالد لا يسقط ولا يتحطم.
في المنطقة وجدت الثورة الصحراوية، أخر الثورات المسلحة الحقيقية في العالم، نفسها وحيدة في ميدان المعركة، وحولها عالم يرفع الرايات الزرقاء والبيضاء يطالب بالسلام والمفاوضات.
صدق الصحراويون السلام وأعادوا بنادقهم إلى مخازنها، لكن بعد سنوات من الانتظار على مضض، فتحوا أعينهم فجأة فاكتشفوا أن السلام الذي بشرهم العالم به قد تاه في صحرائهم، وتحول إلى شيء يشبه السراب.
وجدوا أنفسهم في عالم جديد حقا: انتفاضات، مظاهرات، جدران تسقط وأنظمة تهوى من عليائها، الحناجر تصدح بالشعارات، والأصوات كلها مسموح بها ما عادا صوت الرصاص الذي أصبح إطلاقه مرتبطا بالإرهاب أو بالاحتفالات. عالم جديد حل محل العالم القديم: الكفاح السلمي بدل المسلح، المظاهرة بدل المعركة، العلم بدل البندقية، الشعار بدل القنبلة وحقوق الإنسان أولوية الأولويات.
بالنسبة للصحراويين، لا محل ولا مجال للتردد. لم يكن أمامهم أي خيار أخر: كان عليهم التكييف مع المناخ الجديد ومع توجه العالم الذي أصبح ينظر إلى الأشياء بعين أخرى، بمنظار آخر ومن زاوية ثانية. بدؤوا الكفاح السلمي على ثلاثة محاور: الأول، انتفاضة سلمية، متواصلة من أجل الحصول على حق تقرير المصير الذي تعترف لهم به كل القوانين الدولية، خاصة التي يعتنق العالم الجديد ويتغنى بها؛ الثاني الطلب المستمر للأمم المتحدة أن تطبق القانون الدولي، تنظم الاستفتاء، تضع الإقليم تحت إدارتها وتراقب وضع حقوق الإنسان؛ أما الثالث فهو القيام بحملة إعلامية كبيرة، خاصة في المناطق المحتلة، كي يتضح للعالم إن هناك منطقة غير متمتعة بتقرير المصير، منطقة محتلة وتُنتهك فيها كل القوانين الدولية والاتفاقيات، خاصة ما تعلق منها بحقوق الإنسان البسيطة. لكن المشكلة التي واجهها الصحراويون حين التزموا بالديمقراطية، وبحل النزاعات سليما تحت راية الأمم المتحدة، هي أن المغرب، الدولة التي تحتل أرضهم، تنتمي إلى صنف الدول القليلة العاصية في العالم التي لا تفهم الديمقراطية ولا حل النزاعات بالطرق السلمية ووفقا للقانون الدولي. لقد جابه المغرب المقاومة الصحراوية السلمية الشرعية، مقاومة المظاهرات، التجمعات، المطالبة بتقرير المصير، بالعنف وبإرتكاب جرائم تُصنف في خانة جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة. إن هذا الإجراء المغربي المتعنت لم يقمع الشعب الصحراوي، أو يُسكت صوته، إنما جعله يمعن أكثر في الانتفاضة السليمة و، أكثر من ذلك يحولها إلى استراتيجية.
وبين الكفاح السلمي من جهة، وإمكانية العودة إلى الكفاح المسلح الشرعي بقيت القضية الصحراوية معلقة بخيط رفيع، وبقى العالم بأسره مسئولا عن تدهور الوضع إن هو لم يهتدي إلى السلام الذي تاه في هذه الصحراء التي لا تهدأ إلا لتثور.

إن عدم تمكين الصحراويين من حقهم في تقرير المصير، الذي يعترف به العالم لهم، قد يجعل مبادئ العالم الجديد تخطئ في الصحراء الغربية وتصاب بنكسة، فالكفاح المسلح والسلمي حاضران في النفسية الصحراوية في وقت معا، وما لم تتحقق الأحلام التاريخية لهذا الشعب في تقرير المصير فكل شيء قابل للمراجعة.
إن المسؤولية تقع بين أيدي العالم وهو وحده من يجب أن يجد لها حلا عادلا يتطابق والقانون وهذا قبل أن تثور الرياح في الصحراء التي لا أحد يمكن أن يتنبأ فيها بحالة الطقس. 


الجزء الأول:

حق تقرير المصير والمقاومة في القانون الدولي
"ليس من الجائز مقايضة الناس بين سيادة وأخرى كما لو كانوا أموالاً منقولة أو حجارة لعب، وأن الشعوب لا يسيطر عليها ولا تحكم إلا بناء على موافقتها، وأي تسوية إقليمية تنتج من هذه الحرب يجب أن تكون لمصلحة الشعوب ذات العلاقة."
الرئيس الأمريكي ودرو ويلسن في إحدى خطبه المؤيدة لتقرير المصير
منذ القرن السابع عشر والعالم يحاول ويفكر\يجتهد إن يجد صيغة تحمي الشعوب المغلوبة، وتمنح لها الفرصة كي تكون لها الكلمة الفصل في تحديد مصيرها. ففي السابق، كان تقرير المصير يقترن بحرية الإرادة( free Will)، لكن مع الوقت تم الاهتداء إلى تعبير تقرير المصير.(1)    
يعتقد الكثيرون إن مبدأ\حق تقرير المصير بدأ من عبارة الرئيس الأمريكي ودرو وليسن المذكورة سابقا، ومن مبادئه المعروفة باسم " مبادئ أو ولسن". وإذا كان الرئيس الأمريكي ويلسن هو الأب السياسي لتقرير المصير أو لفكرته، فإن المجتمع الدولي بذل، كذلك، الكثير من الجهود لترقية هذا المبدأ وتحويله، فيما بعد، إلى حق. 
حق تقرير المصير ظهر بشكله الحالي أول مرة بالإنجليزية هكذا  (right of self-determination) ، وهو مصطلح يعني في مجال السياسة الدولية والعلوم السياسية حق كل مجتمع ذا هوية جماعية متميزة، مثل شعب أو مجموعة عرقية أوغيرهما، في تحديد طموحاته السياسية، وتبني النطاق السياسي المفضل إليه من أجل تحقيق هذه الطموحات، وإدارة حياة المجتمع اليومية، وهذا دون تدخل خارجي أو قهر من قبل شعوب أو منظمات أجنبية.
                       ففي مؤتمر سان فرانسيسكو المنعقد سنة 1945م تم التطرق إلى تقرير المصير بالكثير من التفصيل. ففي البيان الذي صادق عليه المؤتمر المذكور نجد " إنماء العلاقات الودية بين الأمم، على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام"، أيضا نجد نص المادة (55) من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي ما يأتي"  تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها."[3]
في البداية كانت المجموعة الدولية تستعمل مصطلح "مبدأ" تقرير المصير، لكنها، لاحقا، وبعد ظهور فتور في تعامل الدول الاستعمارية مع مصطلح "مبدأ"، وحتى تكون النتيجة أكثر ضمانا، تم استبدال مصطلح "مبدأ "بمصطلح " حق". فالصحيح في عصرنا هو استعمال مصطلح "حق" تقرير المصير للتعبير عن طموح شعب ما في الحرية والاستقلال.      
بدأ حق تقرير المصير يتطور اصطلاحا ومضمونا حتى وصلت المجموعة الدولية إلى القرار الهام 1415 الصادر سنة 1960م( إعلان منح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة)، والذي يؤكد بجلاء أن تتمتع جميع الشعوب الواقعة تحت لاستعمار بحق تقرير المصير.
وتتفق المجموعة الدولية أن حق تقرير المصير يمارَس عموماً عن طريق الوسائل الودية والديمقراطية التي يُعد الاقتراع العام أهمها، ويفضل أن تتم ممارسته بإشراف الأمم المتحدة أو تحت رعايتها وعلى أساس أن لكل شخص صوتاً واحداً بغض النظر عن أصله وعرقه ودينه ولغته… إلخ. أما إذا رفضت القوى المحتلة أو المسيطرة على السلطة داخل الوحدة السياسية التي يعيش الشعب فيها أو القوى الاستعمارية تطبيق هذا السبيل الودي، وأنكرت على الشعوب حقها في تقرير مصيرها، فإن لهذه الشعوب الحق أن تمارسه بالكفاح المسلح، وهو ما يسمى تقرير المصير بالثورة أو بالكفاح الوطني. والكفاح الوطني المسلح ضد الاستعمار أمر أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها والمواثيق التي أصدرتها، وهو ليس إرهاباً. الإرهاب هو في التصدي للكفاح الوطني المسلح وفي العدوان والاحتلال.

والواقع أن الكثير من الناس يتصور أن إعلان منح الاستقلال للشعوب المستعمرة الصادر سنة 1960م تحت رقم 1415 هو القرار الوحيد الذي يؤيد حق تقرير المصير، لكن الحقيقة أن الكثير جدا من القرارات الأممية ينص على تقرير المصير نصا مباشرا وليس مؤولا.  لنرى الآن جملة من القرارات الدولية التي تؤيد حق تقرير المصير وحق المقاومة:
1)ميثاق الأمم المتحدة الصادر سنة 1945م والذي تنص مادته رقم 25على ما يلي: " إنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس المبدأ الذي يقضي بأن الشعوب متساوية." وفي نفس الميثاق نجد إن المادة 51 تنص على "شرعية حق المقاومة للشعوب من أجل الدفاع عن نفسها إذا داهمها العدو بقصد احتلالها "..
2) قرار رقم (1514) لسنة 1960م، وهو اشهر قرار صدر لصالح تقرير المصير، والذي جاء فيه:" إن إخضاع شعب ما للاستعباد، السيطرة، والاستغلال الأجنبيين يشكل إنكارًا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعرض السلام والتعاون الدوليين للخطر."
3) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ  في 16 كانون/ديسمبر1966م، نجد انه هو الآخر، في الجزء الأول، المادة الأولى، يلح على تقرير المصير:" لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي."

4- هناك أيضا القرار الشهير رقم 637 بتاريخ 16/12/1970، الصادر عن الأمم المتحدة الذي يعتبر أن حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطا أساسيا للتمتع بسائر الحقوق والحريات الأخرى."
5- من القرارات الهامة أيضا هناك القرار رقم 3101 الصادر في ديسمبر 1972 في الدورة الثامنة والعشرين، والذي أكد على "حق الشعوب الخاضعة لاستعمار في التحرر منه بكافة الوسائل "
6)- من بين القرارات التي تؤيد هذا الحق نجد القرار 3103 لسنة 1973 الخاص بالوضع القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية. ففي إحدى نقاط هذا القرار نجد:" إن نضال الشعوب في سبيل حقها في تقرير المصير والاستقلال هو نضال شرعي يتفق تماماً مع مبادئ القانون الدولي ، وأن أية محاولة لقمع الكفاح المسلح هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان."
5- في سنة 1974م أصدرت الجمعية العامة قرارا آخر هو القرار 3214 حول "معنى العدوان وحق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من اجل نيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وبالتالي أعطت الضوء الأخضر لكل لشعوب، دون استثناء، في الكفاح ضد الاحتلال من أجل التحرر"، أكثر من ذلك أكد نفس القرار " أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي".
7) في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في جوان 1993م،([4]) نجد" :" لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير(...). إن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، إذ يأخذ في اعتباره الحالة الخاصة للشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية أو غير ذلك من أشكال السيطرة الأجنبية أو الاحتلال الأجنبي، يسلم بحق الشعوب في اتخاذ أي إجراء مشروع، وفقا لميثاق الأمم المتحدة، للمطالبة بحقها، الذي لا يقبل التصرف، في تقرير المصير. ويعتبر المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان إنكار الحق في تقرير المصير انتهاكا لحقوق الإنسان ويؤكد أهمية التجسيد الفعلي لهذا الحق."
          
8)  قرار الجمعية العامة الذي صدر في سنة 1970, رقم 2625 تحت عنوان "الإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي، الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة" وقد نص القرار أن:"على كل دولة أن تمتنع عن اللجوء إلى أي تدبير قسري من شأنه أن يحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها أو من حريتها واستقلالها. وعندما تنتفض هذه الشعوب وتقاوم خلال ممارساتها حقها في تقرير مصيرها ضد أي تدبير قسري كهذا، فمن الواجب أن تتلقى دعماً يتلاءم مع أهداف الميثاق ومبادئه.

وإذا راجعنا جملة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة، نجد أن هناك قرارا يتكرر سنويا يتضمن التأكيد على: " شرعية كفاح الشعوب من أجل الاستقلال (....) والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية، ومن التحكم الأجنبي، واللجوء إلى كل الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح."
 
إن كل هذه القوانين والمواثيق الشرعية العالمية هي التي تشجع وتفتح نافذة أمل في أخر النفق، وتشعل شمعة للشعب الصحراوي كي يتشبث أكثر بحقه في تقرير المصير. إن هذا الاهتمام القانوني بحق تقرير المصير يرقيه إلى درجة أن يصبح مقدسا، ويحوله من مجرد مبدأ سياسي إلى حق قانوني ثابت، أو أكثر من ذلك ليكون ركيزة القوانين العالمية كلها. إن الحق المذكور، تقرير المصير، هو الوسيلة الوحيدة التي تستطيع، ولو نظريا، حماية الشعوب الصغيرة والضعيفة من عنجهية الهيمنة وقوى التسلط التي تسحق العالم يمينا وشمالا. إن الشعب الصحراوي هو اليوم واحد من تلك الشعوب الصغيرة التي يجب إن تبقى عاضة على تقرير المصير ومتمسكة به، وأن تدافع عنه في كل مكان. لكن يجب إن لا يغيب عن أذهاننا أن التمسك بحق تقرير المصير يتطلب الدفاع عنه والكفاح من أجل فرضه؛ يتطلب الصبر، طول النفس، التضحية والاستمرارية.        


[1] - قرار 2983 الصادر عن الجمعية العامة سنة 1972

[3] -  تاريخ تقرير المصير- موسوعة دول العالم الثالث- دار العلم- ص 66
[4] - قرارت معروفة صادرة عن الأمم المتحدة

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء