لن
ترون الشمس بعد اليوم:
في شوارع المدن الصحراوية بدأت
المرحلة الثانية من التصفية: البحث عن من يتعاطف مع الذين اُختطفوا قسريا. انتشرت
جموع كبيرة من الشرطة السرية ورجال الأمن تتحسس المنازل وتجس النبض خاصة في
النهار. كانت مهمتهم إظهار نوع من التعاطف مع ذوي المختطفين، لكن الحقيقة أن ذلك
لم يكن سوى طريقة لطيفة لاستدراجهم إلى اللحاق بالمختطفين أنفسهم في السجن. إنها
طريقة جهنمية لا يعرفها الصحراويون من قبل. فهؤلاء - الصحراويون- المتربيين على
العفة، الأخلاق الحسنة، الصدق لا يتصورون أن عدوا يمكن أن يتعاطف مع شخص ليستدرجه
إلى السجن. فالصحراوي إذا أبدى له أحد أي نوع من التعاطف يتحدث معه بكل حرية ويفتح
له قلبه. كان الغزاة الذين يُمثلون دور المتعاطفين يقولون لبعض الصحراويين الذين
اُختطف لهم شخص: لماذا ألقي القبض على ذويكم؟ وحين يشمون في جوابهم رائحة التذمر
مما حدث أو مما لحق بهم أو بذويهم تأتيهم الشرطة في اليوم الموالي لتسوقهم إلى
مصير الذين سبقوهم.
حدثت عمليات حشد وتجميع عنيفة
للصحراويين لسوقهم إلى السجون والمعتقلات السرية. وبالمناسبة، كانت السجون السرية
كثيرة في المغرب أو بعبارة أكثر دقة، كان المغرب هو البلد الذي يوجد فيه أكثر
وأجمل عدد من الفنادق والقصور الملكية، لكن أيضا أكثر وأبشع عدد من السجون المخيفة
والمعتقلات السرية. ففي مقونة الرهيبة كان السياح الذين يرتادون فندق Hotel Dades يتجولون عند سفح الجبل في
مروج الزهور الجميلة التي يُصنع منها أجمل عطر في العالم، وهم لا يدرون أن قربهم،
أو بتعبير أدق تحت أقدامهم، يقع سجن رهيب تفوح منه رائحة الموتى الأحياء، ولا فرق
فيه بين كرامة الإنسان والحشرة. كان رجال الأمن المغاربة يقولون للصحراويين الذين
يريدون معاقبتهم في مقونة:" أنتم ذاهبون إلى الفسحة بين زهور قلعة
مكونة" ويعنون بها أن قرب السجن يوجد الفندق الجميل الذي يرتاده السياح،
وتوجد حدائق الزهور التي يُصنع منها العطر.
كان الصحراويون الذين يتم اعتقالهم
يُحشدون معصوبي الأعين، مكبلي الأيدي، في وضعية لا إنسانية، غير لائقة وحاطة بالكرامة
في ساحات مسيًجة وفي ملاعب رياضية دون معرفة هل هم في الليل أو في النهار، ودون أن
يعرف أحدهم الأخر. كان بينهم الأباء وأبناؤهم وبناتهم، والأخوة وأخواتهم، لكن كان
ممنوع عليهم رؤية بعضهم البعض، وممنوع أن يرفع أحدهم صوته بالسؤال عن هل لديه
أقارب بين المحيطين به. مشهد مشين لا يمكن لذاكرة من عاشه أن تنساه أبدا، وحتى لو
تعاقبت السنوات والقرون فإن أحفاد أولئك الصحراويين الذين لحق الأذى بكرامتهم
سيظلون يذكرون إهانة المملكة المغربية لجدودهم.
وبفظاظة وخشونة تم شحن الآلاف من
المعتقلين الصحراويين في سيارات عسكرية كبيرة، دون التمييز بين النساء والرجال، في
الليل في كثير من الأحيان، راحت تطوي بهم الأرض حتى وصلوا إلى السجون أكلة البشر،
الموجود تحت الأرض، التي سيقضون فيها، كما قيل لهم، بقية حياتهم. لم توجه لهم تهم،
ولم تحرر لهم ملفات، لم يحاكموا أو يخصص لهم محامون، أما أثناء الاستنطاق فكان
السؤال الوحيد الموجه إليهم هو : هل تعرف البوليساريو، هل تريد الاستقلال ، هل
فلان أخوك.؟ لم تكن هناك تهم؛ تأكد
للمعتقلين أن تهمتهم الوحيدة هي أنهم صحراويون يرفضون الاحتلال ويطالبون بتقرير
المصير. تم توزيعهم على مراكز عديدة مثل درب مولاي الشريف، لكنيطرة، أكدز،
بولمهارز، سطات، الرباط، وفي سجون سرية في أماكن مجهولة، لكن أكبر عدد منهم زج به
في سجني قلعة مقونة الرهيب وأكدز الذينِ تقشعر الأبدان لذكرهما في المغرب. وحسب
الناجين منهم بعد ذلك، فإن السجانين حين يستلمونهم من قوات الأمن، كانوا ينزعون العصابة
عن أعينهم ثم ينهالون عليهم بالعصي على الرؤوس والوجوه حتى تسيل الدماء، ولا يدخل
الشخص إلى زنزانته حتى تتلطخ العصا بدمه. حين يغرق جسمه كله في الدم يدفعونه بقوة
إلى الداخل ويقولون له:" لن ترى الشمس بعد اليوم."
جملة رهيبة لها تأثير بسيكولوجي
مدمر على النفس البشرية في كل العصور. في الحقيقة إن سجن الصحراويين على الهوية
وبالجملة لم يكن بقصد العقاب، لكن كان بقصد التصفية الجسدية أو النفسية المروعة.
كانوا يأخذونهم فرادى وجماعات إلى الأقبية المظلمة في الليالي الباردة ويغطسونهم
في مياه مجاري الصرف الصحي التابعة للسجن، ثم يمررونهم على وسائل تعذيب أخرى، وحين
يحسون أن الإحساس مات في شخص ما يوقظونه بالضرب ويقولون له : "أخطي السياسة
تخطيك العصا." كانوا أيضا يطلبون منهم التبرؤ من القضية الوطنية ومن أبنائهم
للإفراج عنهم، لكن السجناء كانوا يعتبرون حرية وطنهم هي حريتهم الشخصية. لقد
تعرضوا لكل أصناف التعذيب التي من الممكن أن تخطر أو لا تخطر على بال إنس أو جن.
تم اغتصاب النساء أمام أقاربهن والرجال أمام النساء، ومارسوا كل الفظاعات غير
الإنسانية التي تحط بالبشر وتجرده من كرامته، ولو لم يكن هؤلاء صحراويون سجنوا من
أجل قضية عادلة، كانوا ذابوا وتحطموا تحت التعذيب أو انهاروا عصبيا ونفسيا. لقد
أنقذت هؤلاء السجناء طبيعتهم وثقافتهم الموروثة من تاريخهم التي تحتقر وتتحدى كل
من يريد أن يفرض عليهم، بالقوة خاصة، ملكا أو حكما لا يريدونه. كانت المملكة
المغربية قد قضت بالعصا على ثورات الريف والأمازيغ وظنت أن ذلك الإجراء قد ينفع مع
الصحراويين، لكن لم تجن من العملية سوى خسارة قلوب وسيوف هؤلاء الجيران وتأليبهم
ضدها إلى الأبد.
\
تجريم وتحريم الاختطاف، التعذيب
والاختفاء القسري
"لا يُعرض أي إنسان
للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة."
المادة
الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الجرائم التالية ممنوعة،
وهي جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب في نفس الوقت في القانون الدولي وتتكفل المحكمة
الجنائية الدولية بالنظر فيها وإصدار الأحكام القاسية عليها:
- إبعاد السكان أو نقلهم قسريا وضد
إرادتهم .
- السجن أو الحرمان المتعمد من الحرية الشخصية ومخالفة القواعد الأساسية للقانون الدولي.
- السجن أو الحرمان المتعمد من الحرية الشخصية ومخالفة القواعد الأساسية للقانون الدولي.
- التعذيب
- الاغتصاب أو الاستعباد[1]
الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم
القسري، أو أي شكل أخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من
الخطورة.
-
الاختفاء القسري للأشخاص.
- جريمة الفصل العنصري.(1)
- الأفعال اللا إنسانية الأخرى ذات الطابع
المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو أي آذى خطير يلحق
بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
- اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد
من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو
دينية أو متعلقة بنوع الجنس أو لأسباب أخرى.ً.
حسب الاتفاقية
الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي صادقت عليها الأمم المتحدة
بموجب قرار الجمعية العامة رقم 61/177 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006م، المادة الأولى
من الجزء الأول فإنه"1- لا يجوز
تعريض أي شخص للاختفاء القسري"و " 2 - ولا
يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع
حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير
الاختفاء القسري." أما في المادة الخامسة من نفس الاتفاقية
" تشكل ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية
جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب
المنصوص عليها في ذلك القانون. "(1)
بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع
الأشخاص من الاختفاء القسري يوجد أيضا " إعلان هام يُسمى "إعلان حماية
جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، وهو إعلان اُعتمد ونُشر علي الملأ بموجب
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/133المؤرخ في 18 ديسمبر 1992م، والذي يقول
في بعض مواده مثل المادة الأولى(1) " أن أعمال الاختفاء القسري جريمة
ضد الكرامة الإنسانية ويدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا
خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان"، وفي مادة أخرى- الرابعة- نجد" يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء
القسري جريمة يعاقب عليها بالعقوبات المناسبة التي تراعي فيها شدة جسامتها في نظر
القانون الجنائي."()
إن كل هذه القوانين، المواثيق، المعاهدات
الدولية تُجرم المغرب وتضعه في قفص الاتهام. فالذي تعرض له الشعب الصحراوي على يد
الاحتلال المغربي من جرائم مختلفة يجب أن لا يمر بدون عقاب. والذي يجعل المغرب،
كدولة، مجرما في نظر القانون الدولي هو أن عمليات الاختفاء القسري والاعتقالات تمت
على الهوية، وأشرفت عليها الدولة نفسها وقوات بطشها.
وبدأت رائحة الجريمة تفوح..
كان
المعتقلون حين يطلبون من سجانيهم أن يأتون لهم بملابس كي تستر عوراتهم يأتون لهم
بأكفانهم ويقولون لهم هذه هي ملابسكم وستلبسونها يوم العيد، ويضحكون..
شهادة احد السجناء
إن
الخطير في ما حدث للصحراويين الذين اُعتقلوا هو أنهم، كلهم بدون استثناء، تم
اعتقالهم وسجنهم في سجون ومحتشدات سرية. أول مرة في تاريخ العالم تلجأ دولة(
المغرب) إلى تنفيذ جريمة الإبادة في السجون السرية. إنها جريمة بشعة ربما يتمنى
الإنسان المسجون، بدلا منها، لو تم تنفيذ فيه الحرق أو الإعدام بالرصاص.
مع نهاية الثمانينيات بدأ هواء
الديمقراطية يتسرب، شيئا فشيئا، وببطء أيضا، إلى رئة العالم بعد الزلزال الذي بدأ
يحرك الكرة الأرضية سياسيا ويقلبها رأسا على عقب.
في الصحراء الغربية زرعت الأمم المتحدة بعض ورود السلام في طريق
الصحراويين، و"نصحتهم" أن يذهبوا- بمساعدتها- إلى تقرير مصيرهم سلميا
بدل العمل العسكري. بالتوازي مع ذلك كان الصحراويون، في المخيمات والمدن المحتلة،
يضغطون بكل قواهم وبكل أشكال نضالهم كي يقنعون العالم أن جرائم بشعة مثل التغيب
والاختفاء القسري وتدمير الناس وقتلهم على الهوية، تُرتكب في ال[2]صحراء
الغربية المحتلة، وأن على الجميع أن يوفد لجان استقصاء إلى الإقليم المذكور. إن ضغط الصحراويين ذاك وأنينهم الذي كان يصدر
من الأقبية المظلمة جعل العالم الحقوقي يدق أجراس الخطر. كل هذا كان يحدث في وقت
بدأت فيه المنظمات الحقوقية العالمية، خاصة منظمة العفو الدولية ومرصد حقوق
الإنسان وهيومن رايت وتش، بالقيام بحلمة كبيرة لفتح نوافذ وأبواب كل السجون في العالم
ليشم الناس هواء الديمقراطية الجديد خاصة سجناء الرأي والحقوقيين وسجناء التعسف
أينما وُجدوا.
ففي سنة 1990م شمت منظمة العفو
الدولية رائحة ما يفوح من سجون المغرب الرهيبة التي يُعاقب فيها الصحراويون، خاصة
تازمامارت، مكونة وأكدز، فطلبت، أكثر من مرة، أن تزورها لكن مصيرها كان الطرد
الفظيع غير اللائق بمنظمة مثلها، بحجة أنه لا توجد سجون ولا معتقلات سرية. بدأت
تضغط على المغرب بكل الوسائل، وحين حل يونيو 1991م بدأ العالم يسمع بحقائق مروعة،
لم تكن مسجلة، قادمة من الصحراء الغربية التي حولها المغرب سنة 1975م إلى ثكنة
عسكرية مقفلة بعد أن احتلها بالقوة ضد إرادة شعبها، وأغلقها في وجه العالم
والإعلام وبدأ يمارس فيها وحشيته. تحت الضغط، تم الإفراج عن 320 مفقودا صحراويا
كانوا قد اختطفوا سنة 1975م وظل المغرب، بتعنت شديد، ينفي وجودهم في سجونه طيلة
احتلاله للإقليم. أفرج عنهم في الظلام، وبطريقة سرية حتى لا يلتقي بهم أو يصورهم
أو يتحدث معهم أحد عن ما لحق بهم من إهانة وتدمير. كانوا بين الحياة والموت، هياكل
عظمية خارجة من مقبرة، بعضهم فاقد تفاعل الحواس مع العالم الخارجي، والبعض فاقد
الذاكرة، والكثير منهم يعد الأيام الباقية له على قيد الحياة. بدأت التقارير
تتوالى عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وبالأرقام التي لا تكاد تصدق. كل
التقارير الدولية والصحراوية تشترك في تعريف ما حدث للصحراويين بأنه يندرج تحت
عناوين كثيرة: جرائم ضد الإنسانية، جرائح حرب، جرائم إبادة، لكن أكثر مصطلح تم استعماله
كان من طرف المنظمات كان جريمة الاختفاء القسري، وهو جريمة في القانون الدولي
ومحرم عالميا، وأنه بدأ في الإقليم منذ نهاية 1975م عندما تم اختطاف آلاف
الصحراويين دفعة واحدة. كانت أرقام مروعة: مع نهاية 1979م كان 15 الفا قد تعرضوا
للاختفاء القسري، وعدد غير معروف مورست علية الرقابة والمتابعة والتحقيق، أما
الذين تعرضوا للاغتيال السياسي، منذ بداية الغزو وبشتى الطرق، فوصل إلى حوالي ألف
صحراوي، أما المهجرين إلى داخل المغرب فكانوا حولي 15 ألفا، بينما تم تشريد حولي
200الف إلى خارج الحدود.
وحسب تقرير منظمة العفو الدولية
الصادر بتاريخ 28 غشت 1991م، فإن 50 رجلا و10 نساء قد أطلق سراحهم أيضا من السجن
لكحل بالعيون بتاريخ 19 يونيو 91م، وهؤلاء هم الذين تبقوا مما يقارب 200 شخص تم
اعتقالهم سنة 1987م أثناء زيارة البعثة
الأممية إلى الصحراء الغربية على أثر خروجهم سلميا للمطالبة بتقرير المصير
والاستقلال.
كانت الخسائر كبيرة في صفوف
الصحراويين المدنيين في السجون المغربية، فقد خلفوا وراءهم ما بين 535شهيدا،
وأعداد غير محصية من المعاقين جسديا ونفسيا، أما الملف السري الخطير فهو وجود
حوالي 512 مفقودا إلى حد الآن في أماكن سرية، أو قد يكون إرهاب الدولة المغربية قد
صفاهم وانضموا إلى لائحة الشهداء. ورغم أن المغرب ينكر وجود هؤلاء في حدائقه
السرية ومعتقلاته إلا أن الصحراويين يحتفظون بالدليل وهو أسماء هؤلاء وصورهم،
ويطالبون بالكشف عن مصيرهم أحياء أو أمواتا.
إن ما ارتكبته المملكة المغربية في
حق الصحراويين من جرائم، مجازر وإرهاب ممنهج يعتبر جريمة ضد الإنسانية ستظل حاضرة
في الذاكرة، والتاريخ وحده هو الذي سيعرف متى ستنسى. والمشكلة أن المغرب، حتى بعد
أن ظهر كل شيء، ظل يرفض باستمرار التصرف في الموضوع بحكمة وبطريقة حضارية، فهو لا
زال ينكر المفقودين والشهداء، ويرفض أن يدل ذويهم عليهم أحياء، أو يدلهم عليهم في
المقابر ليستلمون جثثهم ويدفنونها في مكان يرتاحون إليه، وبطريقة كريمة. إن هذا
النظام الذي انتهك حق الناس أحياء انتهك حقوقهم أيضا وهم موتى فلم يعيد المتوفين
منهم إلى ذويهم ولم يشعرهم أين دفنوا..
محارق آكلة للصحراويين
حين وقعت الصحراء الغربية تحت نير الاحتلال
المغربي تم فتح وترميم مؤسسات جديدة كسجون خصيصا لاعتقال الصحراويين، لكن الحقيقة
أنها لم تكن سجونا عادية إنما، أخطر من ذلك، كانت أماكن هي أشبه بمحارق جماعية
لتصفية كل صحراوي دخل إليها. إن الكثير منا يعتقد أن المحرقة هي التي يتم فيا شوي
الناس أحياء مثلما حدث مع الأقليات في عهد هتلر، لكن الحقيقة أن التعريف الحقيقي
للمحرقة هو أن تتم تصفية مجموعة عرقية أو مجموعة ذات أفكار سياسية بطرق شتى
كالسجن، القتل العمد بأساليب مختلفة. فما حدث للصحراويين، كشعب\ مجموعة بشرية، في
معتقلات المغرب كان، حين نريد التدقيق، بقصد التصفية ولا شيء آخر. فإذا تحاشينا
قول أنه لم يتم شييهم أحياء في الأفران، فإننا سنظل نصر على القول، دائما، أنه تمت
محاولة تصفيتهم بطرق شتى غير الحرق مثل المؤبد، معاملتهم كحيوانات، تركهم يموتون
ببطء شديد.
من السجون التي تم استعمالها من طرف المغرب
كمحارق للصحراويين هناك سجن أكدز، سجن مكونة والسجن لكحل، درب مولاي الشريف،
بالإضافة، طبعا، إلى وجود عشرات السجون والسراديب السرية في أماكن متفرقة في
المغرب والصحراء الغربية لا احد يعرف أماكنها بالضبط.
السجن لكحل: محرقة للقتل بالبخار
الغريب في السجن المذكور( لكحل)، بالإضافة إلى
بشاعته، هو اسمه. الجميع يقولون أن اسمه يعود إلى أسبانيا، لكن، رغم بحثنا، لا أحد
استطاع أن يقول لنا لماذا تمت تسميته بالسجن لكحل. ورغم أن سكان العيون يقولون أن
أسبانيا كانت تستعمله كسجن للصحراويين ولبعض الأسبان المتمردين في الجيش (
الترسيو) إلا أنه لم يكن بالبشاعة حتى تتم تسميته بالسجن لكحل.
هو سجن قديم تركه الاستعمار الأسباني يتكون من
7 غرف ومرحاضين، وطاقته حسب قانون السجون لا تتعدى في أقصى حالات الاكتظاظ 50
معتقلا، لكن الأخبار الواردة منه تشير إلى وجود 660 سجينا داخل هذه الغرف
النتنة. الحالة بالسجن المذكور دفعت
الكثير من المنظمات إلى طلب زيارته، لكن المغرب رفض، وظل يصر أن السجن يتوفر على
المقاييس الدولية. لكن المفاجأة ما لبثت أن بانت مثل الشمس حين تمكن بعض السجناء
من التقاط صور ملونة سرية من هذا السجن سنة 2006م، وبثها على الشبكة الدولية
الواسعة. الصور لا يمكن لذي إحساس وقلب أن ينظر إليها دون أن يتقطع من الداخل
ويصاب بالغثيان. في الصور يظهر السجناء مكدسون في المراحيض والممرات والسراديب مثل
السردين، وحولهم تتناثر فضلات الأوساخ والصراصير.
ورغم أنه في عهد أسبانيا، الاستعمار القديم، لم
تكن أوضاع السجن لكحل توحي أنه كان سجنا سيئا( أكحل أو أسود)، إلا أنه - سبحان
الله- قد أصبح فيما بعد، خاصة منذ دخل الاحتلال المغربي وبدأ يستعمله، "سجنا
أكحلا" حقيقيا بكل ما يوحي الاسم كأنما أن الشخص الذي أطلق عليه في اليوم
الأول هذا الاسم( لكحل) تنبأ أنه سيأتي عصر يكون فيه هذا السجن على هذه الحال من
السوء. فالذين يدخلون إليه من الصحراويين، خاصة المناضلين والحقوقيين، هم، وحدهم،
الذين يعرفون لماذا يُسمى السجن لكحل. فالظروف التي يعيشها السجناء فيه، لسوئها وعدم
القدرة حتى على وصفها، هي التي جعلته سجنا أكحلا: الناس ينامون متكدسين في
المرحاض، تأكل معهم الفئران والحشرات، يفترسهم قمل عملاق متوحش، يشربون من ماء
البالوعات إلخ. إ
إن الاستراتيجية المتبعة في السجن لكحل هي
التعذيب بالضغط والبخار بجعل السجناء يعشون حياة لا تطاق بقطع الماء عنهم
وتكديسهم، بعضهم فوق بعض، في الممرات والمراحيض الساخنة مثل حيوانات متوجهة
للمجزرة.
السجون السرية:
هي سجون كثيرة، ولا أحد يعرف عنها أي شيء وأين
تقع أو يعرف عددها، ومعظمها هو ثكنات عسكرية أو مراكز أمنية. وبالمناسبة فالمراكز
الأمنية في المغرب والصحراء الغربية المحتلة لا احد، من غير العاملين فيها، يعرف
عنها أي شيء؛ فهي سرية ومحاطة بالكثير من الإجراءات وتحمل أسماء غير أسمائها.
فمثلا هناك مباني عمومية تُستعمل في الصباح كمراكز تكوين أو تدريس أو عمل، وفي
الليل تُسلم مفاتيحها للأمن وفيها عادة يتم استنطاق الناس وتعذيبهم ثم يتم تنظيفها
وتعود في اليوم الموالي إلى عملها العادي كان شيئا لم يحدث في الليل.
وإذا كان التعذيب يتم في المراكز المدينة، فإن
المراكز والثكنات العسكرية كانت هي الأخرى تُستعمل مراكز للاعتقال والتعذيب الوحشي
بسبب عدم وجود مراقبة عليها. فالكثير من الصحراويين كانوا يقادون إلى هذه المراكز
قبل الزج بهم في السجون الآكلة للبشر مثل أكذز وقعة مكونة أو درب مولاي الشريف.
فمن بين المراكز العسكرية والأمنية التي استطاع الصحراويون، بعد ذلك، معرفة أين
تقع هي البئر في العيون، وسجن البسسيمي ومعتقلات أخرى.
- سجن أكدز: من قصر تفوح منه رائحة العطور إلى معتقل تفوح منه رائحة الموت
سجن
أكدز هو سجن فُتح خصيصا للصحراويين بعد أن غزا المغرب وطنهم في سنة 1975م، وفيه
ارتكبت ضدهم، أيضا، أبشع جرائم ضد الإنسانية في العالم. عُرف السجن المذكور في لغة
الصحراويين وفي تقارير الجمعيات والمنظمات الحقوقية ب"معتقل أكدز" نسبة
إلى الدشرة التي يتواجد فيها، وهي منطقة آهلة بالسكان بواحة درعة، تبعد حوالي
ب69كلم عن مدينة ورزازات جنوب المغرب. أما في لغة سكان المنطقة المغاربة
فكانوا يسمونه ب"سجن الحد"، (اسم قديم يعني الحد من قوة القبائل
المقاوِمة للاستعمار)؛ أي إن كل من كان يحارب الاستعمار ويتم القبض عليه، يُزج به
في هذا المكان. هو في الأصل، وقبل أن يتحول إلى سجن، كان أحد قصور التهامي الكلاوي
باشا مدينة مراكش الماجن، و أحد أعوان الاستعمار الفرنسي المشهورين، أما من حيث
البناء فهو عبارة عن قصبة ذات أسوار كبيرة و أبراج عالية شيدت بين سنتي 1948م
و1953م، وذلك قصد تطويق قبائل مزكيطة والحد من قوة القبائل المقاومة للاستعمار..
وتم اختيار المكان لأهميته الإستراتيجية، باعتباره سوقا قديما لقبائل المنطقة
وممرا رئيسيا للقوافل.
الذين
شاركوا في بنائه من المغاربة يقولون أنهم بنوه مجبرين ومجانا دون رواتب ولا
تعويضات، وبنوه بنفس الطريقة التي بنى بها الفراعنة اهراماتهم في مصر: كان الناس
ينقلون على أجسادهم على دوابهم الحجارة وجذوع النخيل حتى يوصلونها إلى المرتفع
الذي يقع فوق هضبته السجن المذكور. بني في
الأصل قصرا أو قصبة بلغة العصر للخليفة الباشا الكلاوي، وفيه كان يتم تجمع
الإتاوات والضرائب، ووسيلة ببسط النفوذ الاستعماري على قبائل المنطقة بالقوة
والقهر. وبالإضافة إلى أنه كان شبه إدارة، كان الباشا المذكور المعروف بفسقه يجمع
فيه الكثير من نسائه وحريمه، وكانت تفوح منه على بعد روائح العطور والشواء وكل ما
تشتهي النفس. وبسبب شهرته كان الناس يقولون أن روائحه الزكية كانت تصل إلى أنوف كل
من يمر بجانبه.
بعد خروج
الاستعمار الفرنسي من المنطقة تحولت القصبة( القصر) إلى معتقل سري لا يعلم أحد ما
يحدث فيه. حين غزا المغرب الصحراء الغربية، عادت الحياة إليه حين تم ترميمه
وتحويله إلى معتقل ومكان رهيب لتصفية الصحراويين الرافضين للاحتلال. ورغم أنه كان
معتقلا لآلاف الصحراويين إلا أن أبناء المنطقة التي يوجد فيها لم يكونوا يعلموا
بأي شيء مما يحدث فيه. كان كل ما يُنقل منه\ إليه يتم في الليل بواسطة الطائرات
العمودية الحربية، فحتى تبديل الحراس وجلب الطعام والماء كانت تتم بواسطة الطائرات
حتى لا تنكشف الجريمة. الصحراويون أيضا الذين كانوا معتقلين فيه كانوا، في
البداية، يجهلون مكانه وأسمه، وفيهم من أطلق سراحه وخرج منه وهو لا يعرف ما اسم
هذا المكان ولا أين هو. لم يكن هناك ما يدل على اسم المكان، وأين يقع. الشيء
الوحيد الذي تفطن له السجناء الصحراويون، الذين لا يعرفون أسماء مدن المغرب ولا
مناطقه، إن الحراس كانوا يذكرون كثيرا أسماء مثل ورززات، أكدز، سوق زاكورة. إن هذه
الأسماء التي كان يتم تداولها على ألسنة الحراس جعلت المعتقلين يتوصلون إلى أن
السجن سيكون في المنطقة التي توجد فيها ورززات، أكدز وزاكورة.
كانت
ظروف الاعتقال في المعتقل المذكور رهيبة وسيئة للغاية، وحين نحاول أن نصنفها لا
نجد لها تصنيفا ما عدا وضعها في درجة جرائم ضد الإنسانية. فالمعتقلون الصحراويون-
وهم بالمناسبة بالآلاف- قضوا أكثر من 17 سنة في هذا المكان يموتون ببطء شديد، دون
ماء ولا غذاء ولا دواء في وضعيات ثابتة لا تتغير: إما أن يقضي السجين يومه معصوب
العينين واقفا أو جالسا أو ممددا على الأرض. إن سوء وضعية المعتقل الرهيب جعلته
مسكنا محببا للفئران الكبيرة، العقارب القاتلة، القطط؛ لم يعرف فيه المعتقلون
النظافة بالماء طيلة وجودهم فيه، وبعضهم كان يستحم ببوله أو بريقه أو بأي شيء
سائل، أما ماء الشرب فكان ملوثا ذا لون أحمر وله طعم مثل طعم المياه البالوعات،
ويشعر شاربه بالغثيان أول وهلة. لكن أصعب
ما لاقوا إطلاقا، وهو ما لا يستطيع أحد عاشه أن ينساه، هو أن إدارة السجن كانت
عندها تعليمات بأن يتركوا المعتقلين يموتون ببطء دون أدنى مساعدة. فمثلا كان الشخص
إذا تداعى وأصبح على حافة الموت، بسبب سوء الحياة في المعتقل والأمراض، كانوا
يتركونه في مكانه. كان الذين ينتظرون الموت يقضون الوقت الطويل في أماكنهم حتى
يقضون. لم يكن مسموحا أبدأ أن يساعدهم أحد أو يحركهم، وحتى المعتقلين معهم كان
ممنوع عليهم الاقتراب منهم. فمثلا كان المريض، إذا عجز عن الحركة بسبب العلل، يقضي كل حاجاته من بول غائط في مكانه وزنزانته،
لا يساعده أحد كي يشرب أو يأكل، ويبقى هناك حتى يموت. حين يموت شخص ما في المعتقل
كان يتم نقله في الليل إلى مقبرة المدينة ويتم دفنه دون وضع علامات عليه تؤكد
هويته. لكن أكثر ما كان يؤلم السجناء أنهم يقولون إن سلطات السجن دفنت الكثير من
المرضى أحياء، وأنهم كانوا يسمعونهم يئنون وهم ينقلونهم إلى المقبرة.
لقد تحول
قصر الباشا لكلاوي من قصر للحرائر والحريم تفوح منه رائحة العطور إلى مكان تفوح
منه رائحة الموت في أبشع صورها.
مكونة
: السجن الذي يموت فيه المعتقلون بالتقسيط
يعود
تاريخ بناء معتقل\ سجن مكونة إلى العقد الثالث من القرن العشرين، حين قامت سلطات
الحماية الفرنسية بإقامة ثكنة عسكرية فوق أكبر تل مطل على المركز البلدي (بلدة)
قلعة مكونة، التي كانت صغيرة آنذاك. أطلق عليها السكان المحيلون، الأمازيغ تسمية
«القشلا تاماجكالت» (الثكنة العليا). وبعد حصول المغرب على استقلاله عام 1956،
تحولت إلى بناية مهجورة بعض الوقت، قبل أن تشغلها السلطات المحلية لأغراض مختلفة،
من بينها تخزين أكياس البذور والأسمدة لتوزيعها على الفلاحين المقيمين على ضفتي
وادي مكون وروافده.
كانت
البناية المذكورة محاطة بالأسوار الداخلية، وأصغر بكثير من حجمها الحالي، وتتكون
من طابق تحت الأرض محاط بغرف متعددة الاستعمالات، إضافة إلى البنايات المقامة على
سطح الأرض. كما كانت زواياها الأربع معززة بأبراج للمراقبة.
وبقيت
البناية عادية لا تثير انتباه أحد، حتى تم احتلال الصحراء الغربية في سنة 1975م،
وقتها بدأت الترميمات والإصلاحات التي كانت تتم في الليل وعلى عجل من طرف عمال
ليسوا من المنطقة.
كان سكان
المدينة الصغيرة السياحية، يعرفون أن البناية المقامة على التلة هي معتقل سري\سجن،
لكن قلَّ من كان يعرف ما يجري بداخله. فلم يكن أحد من السكان بقادر أن يعرف
معلومات دقيقة عن ثكنة مقفلة منعزلة عن المدينة والعالم، يُمنع الاقتراب منها أو
التواصل معها، وكل ما يربطها بالعالم الخارجي يتم في الليل بواسطة الطائرات التي
كانت تحط بداخلها حاملة الحراس والجلادين والتموين. في السجن المذكور تعرض
المعتقلون الصحراويون الذين كانوا بالمئات إلى أنواع بشعة من التصفية الجسدية جعلت
الكثير منهم يطلب من حراس السجن إن يطلقوا عليهم الرصاص حتى يرحمونهم مما يعانون.
هناك كان الناس، بسبب وحشية السجن، يموتون إربا إربا، يتمزقون، يتساقط لحمهم
وشعورهم، تتساقط أسنانهم، يخرج من جروحهم الدود، يتجول القمل الكبير على
أجسادهم، دون أن يتدخل أي أحد. في كل يوم
كان السجانون يمرون يبحثون عن من مات ليدفنوه في مقبرة المدينة دون اسم أو
معلومات. كان الناس يموتون وعيونهم مفتوحة ترمش دون إن يحس احد بذلك؛ كان بعضهم
يقضي عدة أيام ميتا قبل أن ينتبه أحد أنه فعلا ميت. إن ما حدث في مكونة للصحراويين
هو واحدة من أكبر الجرائم التي اُرتكبت ضد الإنسانية في عصرنا. وليس فقط الموت
والأمراض الجسدية هي التي كانت تفتك بالمعتقلين، إنما أيضا، كانت هناك أمراض نفسية
أكثر ألما من المرض الجسدي. الكثير من السجناء فقد الذاكرة، البعض أصيب بالجنون،
آخرون أصيبوا بالأرق وقضوا سنوات طويلة مستيقظين لا ينامون أبدا. كان الأنين
والآهات التي يطلقها السجناء المرضى والذين يصارعون الموت هي الأصوات الوحيدة التي
يتم سماعها في السجن.
ألتهم
سجن مكونة الوحشي الآكل للبشر وأساليبه الكثيرة القاسية الكثير من الصحراويين
الأبرياء دون إن يعلم بهم أحد. إنه سيكون من شبه المستحيل، أو من المستحيل صراحة
معرفة أو عد الذين قضوا كلهم في ذلك السجن الملعون. فالصحراويون الذين دخلوا إليه
كانوا كُثر، كانوا بالمئات أو الآلاف، ورغم أنهم كانوا محشورين في نفس السجن إلا
أنهم لم يكونوا قادرين على التواصل بينهم أو معرفة من مات ومن نجا بأعجوبة. كان
الموت البشع يقضي عليهم ببطء، يفتك بهم واحدا واحدا وكل يوم تقريبا، لكن لم يكن أي
من السجناء يستطيع أن يفعل شيء أو يسأل عن من مات أو مرض؛ كل سجين كان يعني وحده في
صمت رهيب دون أن ينجده أحد.
تجريم الاعتقالات السرية
إن حالات الاعتقالات والاختطافات
التي تعرض لها الصحراويون، بعد غزو واحتلال أرضهم، شكلت استثناءا في تاريخ
البشرية. فرغم ما نسمع وما نقرأ، في أحيان كثيرة، عن بشاعة الاعتقال في زمن
النازية والمحارق، إلا أن الحقيقة أن ما قام به المغرب فاق كل ذلك الرعب النازي.
فلأول مرة في التاريخ، خاصة تاريخ الاعتقال، يلجأ بلد إلى ارتكاب جريمة ما يسمى
" المعتقلات السرية". فكل الصحراويين الذين تم اعتقالهم، اختطافهم
وسجنهم كان يُرمى بهم في معتقلات سرية، مجهولة، في أماكن لا يعرف عنها أحد. فإذا
كان القانون الدولي، خاصة اتفاقيات جنيف لسنة 1949م، تشدد على أن المعتقل يجب إن
يتمتع بحق المحاكمة، حق الدفاع، حق معرفة سبب الاعتقال وحقوق أخرى، فإن الصحراويين
الذين وقعوا في يد الاحتلال المغربي، لم يُحرموا فقط من المحاكمة والدفاع، إنما
حُرموا، وحُرمت عائلاتهم من معرفة حتى أماكن تواجدهم على مدى أكثر من 17 سنة في
أحيان كثيرة. إنه من الصعوبة بمكان إن يتقبل الذهن البشري إن يبقى شخص معتقلا كل
هذه السنوات دون أن يعرف أين هو موجود، أو دون أن تعرف عائلته وشعبه أين هو من
خارطة الجغرافيا. إنه وضع يجعل الشخص يفقد، أراد أو رفض، جزاءا من آدميته
وبشريته. (يتبع)
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء