وثيقة: لقاء محمد عبد العزيز مع ممثلة في السفارة الأمريكية بنيورك


نحن في سنة2007م، السنة التي أرادت فيها إدارة بوش أن تحل قضية الصحراء الغربية عن طريق حكم ذاتي يتم فيه "تقاسم" السيادة بين المغرب والبوليساريو. فالأمريكان مثلما رأينا في مقالات سابقة في هذا الموقع أرادوا أن يفتحوا مفاوضات بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية والحدود، لكن الجزائر رفضت، وحاولوا أن يقنعوا المغرب أن يلتقي مع البوليساريو ويناقش معها مشروع حكم ذاتي يتفق الطرفان على صيغته، لكن البوليساريو رفضت. حين رفضت البوليساريو اللقاء مع المغرب حول الحكم الذاتي، أراد المغرب النقاش مع نفسه، وأدعى أن البوليساريو ليست هي الممثل الوحيد والشرعي للصحراويين، وأن المجلس الأستشاري( الكوركاس) هو ممثل الصحراويين وتم النقاش معه وثيقة الحكم الذاتي..
بأختصار كانت سنتا 2006م- 2007م سنتين صعبتين بالنسبة للقضية الصحراوية، لكن الذي جعل ريحهما تمر بسلام هو أن الصحراويين لم يعلموا بما حدث فيهما لإنه كان سريا للغاية، ولم يتم كشفه حتى سربته الوثائق..
فتهديد الولايات المتحدة للجزائر وللبوليساريو جعل الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز يحمل حقائبه إلى الولايات المتحدة ليبلغها، شخصيا، وبصفة رسمية، رفض البوليساريو للقاء المغرب حول مقترح الحكم الذاتي، وليقول لها أن أية مفاوضات يجب أن تجري تحت إشراف الأمم المتحدة..
فحسب تقرير للسفارة الأمريكية بنيورك بتاريخ 7 مارس 2007م، ويحمل رقم07usunnewyork192_a فإن الرئيس الصحراوي رحل إلى نيورك وطلب لقاء مع السفير الأمريكي بالأمم المتحدة، وأن السفارة الأمريكية أتصلت بكتابة الدولة للخارجية وطلبت الرد، وأنه فعلا تم قبول ان يتم لقاء بين جاكي ساندس والرئيس الصحراوي الذي كان مرفوقا بكل من محمد خداد، البخاري، مولود سعيد والمستشار عبداتي بريكة.. وحسب التقرير فإن الرئيس الصحراوي أعطى نبذة مطولة عن تاريخ النزاع الصحراوي المغربي، وقال أنه جاء إلى الولايات المتحدة كي يقطع الشك باليقين حول ما تم ترويجه حول الحكم الذاتي، ويؤكد من جديد على موقف البوليساريو من جملة من القضايا مثل: حل القضية، مقترح الحكم الذاتي، حقوق الإنسان، وموضوع الثروات الصحراوية.. بالنسبة للحل قال عبد العزيز أن القضية ستبقى قضية تصفية استعمار وتقرير مصير وحلها بيد الشعب الصحراوي وحده عن طريق استفتاء. أما بالنسبة للمشروع المغربي للحكم الذاتي فقال أنه هو فقط "تسمية" لحل، وهو مناورة أكثر منه مشروع جدي، وأنه، بدل أن يساهم في الحل، سيجعل المنطقة تضطرب..
حين أنهى عبد العزيز تدخله المطول - حسب التقرير- تدخلت السفيرة ساندرس لتقول أن الولايات المتحدة " تحث البوليساريو على التفاوض المباشر مع المغرب –تحث في لغة الولايات المتحدة هي تأمر- ويكون ذلك بدون شروط مسبقة، وأن نفس الرسالة تم بعثها إلى المغرب، وأن السفير بولتون كان قد قال أن الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تستضيف مفاوضات بين المغرب والبوليساريو، وأن ذلك العرض لازال على الطاولة..
لغة السفيرة الأمريكية ومحاولة تمرير رسالة يُقرأ من خلف حروفها الضغط جعلت الرئيس الصحراوي يتدخل مقاطعا ليقول: أن البوليساريو لن تدخل في مفاوضات مع المغرب حول السيادة مهما كان الأمر، وأنه بالنسبة للبوليساريو سيكون من الصعب تصور مفاوضات بدون شروط مسبقة(..) وان البوليساريو تم تكليفها من طرف الشعب الصحراوي كي تتفاوض فقط حول الأستفتاء الذي سيؤدي إلى تقرير المصير، وان الخروج عن ذلك سيعني نهاية قيادة البوليساريو..            
حين تدخلت السفيرة مجددا قالت أنه فعلا هناك تعاطف دولي مع الصحراويين، لكن هناك حد يمكن أن يجعل المجتمع الدولي يفقد الأهمية في القضية إذا ظهر أن لا فائدة من من حل المشكلة بسبب تعنت هذا الطرف أو ذاك. اكثر من ذلك تقول السفيرة، نقص تجاوب الوبليساريو قد يجعل بعض أعضاء المجتمع الدولي يميلون نحو المغرب، وان اي مقترح يقدمه المغرب لن يمر حتى تصادق عليه المجموعة الدولية، وأنه على البوليساريو أن تفكر ملئيا في أهمية المفاوضات مع المغرب..
ذهاب محمد عبد العزيز إلى نيورك للقاء السفير الأمريكي ليحسم معه موقف جبهة البوليساريو من المقترح المغربي للحكم الذاتي، وليحسم معه أن البوليسايو لن تشارك في أية مفاوضات مباشرة مع المغرب خارج إطار الأمم المتحدة، يوضح إلى أي مدى كانت الضغوطات كبيرة على الطرف الصحراوي من طرف إدارة بوش التي كانت، على ما يبدو، متعودة على إعطاء الأوامر للدول الصغيرة..                           



يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء