حين أبلغت السويد السفارة المغربية ومقر
الاتحاد الأووبي أنها جادة هذه المرة في دراسة الأعتراف بالجمهورية الصحراوية ثار القصر والحكومة والبلد كله كأنما تحركت
الأرض تحته وهزته هزا.. الكل لدغته، وفي ذات اللحظة، أفعى. الكل تحرك وفي كل
الاتجهات محاولا أيقاف السويد عن الأعتراف.. كم هو هش هذا المغرب الذي يتغنى
بالاستقرار وبوضوح الرؤية و"بالاستراتيجية الثابتة" في قضية الصحراء الغربية..
وحتى " يشارك الجميع في ثني السويد عن قرارها تحركت وحدات المخزن مستعملة
العصي والتهديد والرشوة، وحركت الشارع ليحتج أمام سفارة السويد تحت شمس حارقة
ورطوبة عالية.. بح الجميع وكح الدم وأختلط العرق بالغبار على الجباه، لكن ذلك لم
يحرك شعرة واحدة من رأس السويد.. في لحظة أختلط فيها الغوغاء والصراخ وروائح
الدخان والغبار والمخدرات نسى الشارع المغربي المهيج أن قرار السويد السيادي لا
يمكن أن تثنيه المهرجانات ولا المسيرات اليائسة ولا اللافتات ولا الصراخ في
الأبواق حتى الإنهاك..
في الواقع قد يسجل المغرب رقما قياسيا في خداع
شعبه المنهك بتنظيمه للمسيرات الخائبة والمسيرات المشابهة للقنابل الدخانية
المضللة التي ترمى هنا وهناك في سماء المنطقة.
فالحديث عن المسيرات الخائبة لا يتوقف.. مسيرات
مغربية في كل الاتجاهات، فمرة الحديث عن مسيرات إلى الشمال " لاستعادة"
سبتة ومليلية، ومرة مسيرات اتجاه الماء لاستعادة جزيرة البرخيل، ومرة التخطيط لمسيرات إلى الجنوب
"لاستعادة" التفاريتي وربما سيتم التخطيط لمسيرات مغربية قادمة "
لاستعادة" القمر إذا أمكن. من يدري
فالمملكة غارقة في وهْمِ المسيرات إلى الأذنين، ومغرمة برسم صورة غوغائية للشعب
المغربي هو في غنى عنها. فمن يرى صورة الشعب المغربي في سنة 1975م وهو يهيم في
الصحاري تصدق عنده الصورة النمطية في السينماء العالمية: الغوغاء والهمج وهو
يتدافعون في الصحراء وراء السراب. فالذي
جناه الشعب المغربي من هذه المسيرات منذ سنة 1975م ليس سوى تشويه لصورته في
الإعلام العالمي.. فصورة تلك المسيرات الغاضبة التائهة في الصحاري وصورة أولئك
المواطنين المهيجين والمشحونين من طرف المخزن بحماس وهمي "لاستعادة" مكان
ما لم يحصل منها الشعب المغربي سوى على صور له وهو يحاول تكسير الأبواب والجدران
بطريقة همجية أو يموت في الصحاري. فأين الوعد الذي وعدهم به الحسن الثاني باستعادة
"جنة" الصحراء الغربية وشرب الشاي على ماء الغدير وجمر شجر الجداري في
العيون خلال أسبوع.؟ لم يتحقق منه أي شيء، وكلما حدث هو تشويه لصورة المغرب في
العالم وفي التاريخ وفي الأفلام وصور التلفزيون؛ فالمغرب بفعل غزو الصحراء الغربية
الهمجي بقى معزولا جغرافيا عن جيرانه في الجنوب والشرق، وبقى معزولا عن إفريقيا
وعن بقية العالم، أما صورته في عيون العالم الآن فهي صورة لا يتمناها عدو ولا
صديق: الناس يصرخون في مسيرة وهم في هئية غير لائقة ويصرخون..
بالنسبة لما تمت تسميته مسيرة "الضغط على السويد"
سوف لن يكون لها من النتائج سوى ما كان لما سبقه من مسيرات. فهذه المسيرة لن تكون
سوى وسيلة خداع جديدة للشعب المغربي، أو هي تكتيك يشبه تكتيك رمي القنابل الدخانية
في سماء المعركة للهروب من موقع أو النجاة من ورطة، فالمغاربة الذين هيجهم النظام
الملكي وحرضهم ضد السويد أصبحوا يتساءلون
عن ماذا ستفعل حكومتهم لثني السويد عن قرارها,؟ وحتى يخفف المخزن من وقع الضغط فهو
يحاول تنظيم مسيرة مضللة دخانية لإفراغ نفوس المغاربة من الضغط، وسوف لن يحصل منها
أي شيء؛ فالسويد لن تخيفها لا المسيرات ولا الصراخ في الأبواق والمسيرة لن تصل
إليها،وكلما في الأم انها مسيرة مثل مسيرة تحرير سبتة ومليلية. فبكل تأكيد أن
تنظيم المسيرة ليس هدفه الضغط على السويد،
وكل ما سيحصل هو تنظيم مسيرة للتسويق
الإعلامي والصورة فقط حتى ينخفض الضغط الموجود في صدور المغاربة.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء