مغرب العهد
الجديد والملك الجديد وبلد الحريات والصحافة الحرة والأزدهار الفكري والصحفي يعود
إلى عادته القديمة.. كل تلك الأوصاف من "جديد" و"شاب" و"ملك
الفقراء والملك الذي سينزع عن شعبه عادة تقبيل اليد ولعق الحذاء" نزعت عنها
الحقيقة السافرة ما كان يزوقها ويرونقها ويجعلها براقة.. عاد المغرب إلى وضعه
الحقيقي: وضع الظلم والأضطهاد ووضع الشرائط اللاصقة على الأفواه وعلى العيون وكسر
الأقلام وسكب الحبر على وجوه الصحفيين وفي عيونهم.
في عهد الحسن
الثاني كان ممنوعا على منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان أن تتواجد
في المغرب، وعمل ما في وسعه كي لا تدخل لا سرا ولا علنا إلى البلاد، لكن من سوء حظ
الحسن الثاني أن كل تقرير كان يصدر عن العفو الدولية أو منظمة مراقبة حقوق الإنسان
كان يضع المغرب أولا على لائحة الدول التي تنتهك الحقوق وتمسح بكرامة الإنسان الأرض والحائط. فالمغرب في أدبيات
وتاريخ منظمتي العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان هو بلد السجون، التعسف،
القمع، السجن، غياب المحاكمات، تكميم الصحافة، وبالتالي فصورة الإنسان في المغرب، ودائما طبقا
لتقارير المنظمات الحقوقية، هو أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان.
في عهد محمد
السادس الذي حاول أن يلمع صورته بهالة من المساحيق والأكاذيب، وحاول أن يجعل من
نفسه ملكا عادلا مزيفا، سمح لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان أن تتواجد في المغرب، لكن
بالكثير من القيود منها أن لا تزور الصحراء الغربية ولا يتم فتح لها مكتب فيها..
تم أيضا فتح مكاتب لمنظمات حقوق الإنسان وظن الناس، خاصة البلهاء، أن المغرب عاد
إلى رشده، وأصبح بلدا آخرا غير الذي كان فيه الإنسان أقرب إلى الحيوان منه إلى
الآدمي.. وحتى يبالغ في تلميع صورته عمد الملك إلى تشكيل لجنة للإنصاف والمصالحة
وراح يردم قبر أبيه قبل أن يجف ثراه ويرجمه ويسميه عهد سنوات الدم والرصاص والموت
حتى تكونت في أذهان الناس صورة للحسن الثاني أنه هو الشيطان الرجيم المرجوم وهو الجلاد والقاتل ودراكولا مصاص الدماء
والجزار وهو الذي شوه صورة المغرب في العالم.
وبدأت الطاحونة
تطحن، وبين ليلة وأخرى أصبح المغرب بلد الأستقرار والتعددية والصحافة الحرة وحرية
التعبير والزهور والأحلام، لكن في الحقيقة هذا كله كان دعاية فجة لم تعمر طويلا..
كان فقاعات صابون أو زبد.
فأمس فقط
طالعتنا الصحافة أن المغرب طرد منظمة مراقبة حقوق الإنسان، وان الطرد جاء على شكل
رسالة بعثتها الحكومة المغربية للمنظمة المذكورة
تطلب منها تعليق أنشطتها في المغرب.. وحتى يتم نشر الرسالة في جريدة "
ول ستريت الأمريكية" في صفحة الإعلانات تم دفع مبلغ مالي يصل إلى 5000 دولار
حتى يتم نشرها. الرسالة موقعة بتاريخ 23 سبتمبر ، وتطلب من المنظمة المذكورة تعليق
أنشطتها في التراب المغربي..
تم تشميع صورة
المغرب بلد حقوق الإنسان، وبلد الحريات وبلد حرية التعبير، وبلد الصحافة. عاد المغرب إلى زمن الشيطان الحسن الثاني الذي رجم
ولده محمد السادس قبره، وأتهمه بانه كان وراء
كل تلك التقارير التي سودت وجه المغرب وسودت صورته..
لكن على ما يبدو
فالمنظمة الدولية المذكورة هيومن رايتس وتش، رفضت أن تستسلم وقررت مواصلة مراقبتها
لقضية حقوق الإنسان في المغرب عن طريق وسائلها الخاصة.
إن سبب الطرد راجع
إلى أن المغرب يتهمها أنها منحازة وغير عادلة، وبالتالي فالمنظمة متهمة أنها
منحازة للصحراويين، وتوثق ما يحصل لهم من تعذيب وتنكيل وسجن في الصحراء الغربية
المحتلة.
إذن، نحن أمام
مغرب عدو تاريخي لحقوق الإنسان وعدو للصحافة، وعملية طرد هذه المنظمة يجعل التاريخ
ينصف الذين كانوا يشككون في نية المغرب
الحسنة نحو تحسين حقوق الإنسان.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء