المقاومة الصحراوية السلمية: النشطاء الحقوقيون وأجندة الترهيب( دراسة تابع)

Resultado de imagen de intifada saharaui 2005في المغرب توجد خمسة أنظمة أمنية كل واحد منها يراقب الآخر، لكن حيناندلعت الانتفاضة في المدن المحتلة، تم تحويل كل هذه الأجهزة مجتمعة لتراقب الصحراويين وترهبهم. لقد أتضح إن هذا الشعب الصغير هو العدو رقم واحد لهذه المملكة الكبيرة التاريخية. فحين يتم القبض على معتقل صحراوي يظهر له معتقلوه نواياهم مباشرة التي تعكس نوايا نظامهم. أنهم يقولون للذين يقبضون عليهم:" صدق الحسن الثاني حين قال للدليمي والبصري يجب تصفيتكم." ويقولون لهم بنفس الحقد:" لو كان بيدي الأمر لأحرقت كل الصحراويين أحياء." وفي مرات أخرى يقولون لهم:" رفضتم ضيافة المغرب لكم حين قدم لكم الشاي، والآن هاكم النوع الثاني من الضيافة المغربية." وينهالون عليهم بالعصا. لما يبلغ الغضب أقصى مداه برجال التحقيق يقولون للمعتقلين:" نحن لا نريدكم أنتم. نحن نريد الأرض فقط. لا نريد مزيدا من السكان. إننا نصدرهم إلى أوروبا مثل الطماطم والبرتقال".

  فمن بين وسائل الإرهاب التي انتهجتها سلطات الاحتلال للقضاء على الانتفاضة نجد محاولة إسكات صوت الحقوقيين الصحراويين الذي انتشر في العالم وسبب صداعا لرأس المملكة. ولتنفيذ دورها القذر تقوم القوات المخزنية والعسكرية بمتابعة النشطاء وتلفيق تهم لهم لسجنهم عدة سنوات. ففي كل المحاضر توجد تهم ملفقة  تتكرر بنفس المفردات:" محاولة تشكيل عصابة أشرار للإخلال بالأمن، والتعرض لعناصر الأمن أثناء تأدية عملهم." ورغم أن التهم غير متوفرة إثباتا إلا أن جهاز المخابرات البوليسي يقوم بفبركة تهم لهم ويعتقلهم. حين لا ينفع الإرهاب المعنوي،  تقوم الشرطة بتعذيبهم حتى يفقدون الوعي، بعد ذلك تدس لهم مخدرا مسكرا في الماء وتسقيه لهم. وحين تغيب الدنيا من أمام أعينهم يطلبون منهم توقيع محضر قضائي وهم فاقدون الوعي، أو يرغمونهم على توقيعه وهم معصوبي الأعين. في المحكمة، حين يمثل هؤلاء أمام القاضي يتلو عليهم محضرا ملفقا مزورا، ويحاول أن يقنعهم أنهم فعلا وقعوا عليه.  ولما يرفضون الاعتراف يحالون إلى قاعة مجاورة للمحكمة  يسمونها "قاعة المجزرة" ويتعرضون للتعذيب، ثم يعادون إلى القاعة للمحاكمة إن هم قبلوا الاعتراف. وعندما لا ينفع هذا يحاولون تصفيتهم بشتى الطرق؛ فأحيانا يستعملون الدهس بالسيارات، وهي طريقة شائعة في المغرب ومنذ القديم، خاصة ضد السياسيين. فإذا تم القبض على شخص في انتفاضة يحمل عنوة في الليل ويرمى في الطريق السريع خارج المدينة مكتوف الأيدي والأرجل لتدهسه السيارات المارة بالطريق بسرعة. أحيانا أخرى تهاجم مجموعة من جهاز المخابرات في لباس مدني الناشط المطلوب، وتطلب منه أن يختار بين ترك الإقليم أو يقتل في أيام، أو، إن أراد الحياة، أن يتعاون معهم ويصبح مخبرا سريا.. وحين يعاندون تتم ملاحقتهم، ومن ُيلقى عليه القبض يوضع كيس بلاستيكي على رأسه ويخنق حتى يقارب الموت ثم ينهالون عليه بالضرب في سيارة الشرطة حتى يغمى عليه ويرمى في مكان خارج المدينة في الليل.
ولا يتوقف إرهاب هؤلاء عند هذا الحد، فهم يعيشون حياة يومية مراقبة؛ سياراتهم مراقبة، أجهزة هاتفهم واقعة تحت التصنت ومنازلهم محاصرة. فكلما شُوهد أحدهم يتكلم في الهاتف ولو مع أمه يتم استدعاؤه واستنطاقه بطريقة مهينة. إن هؤلاء، في نظر البوليس، ينقلون عدوى الانتفاضة إلى الآخرين، فإذا ضُبط أحدهم مثلا في سيارة يتم اتهام كل من فيها بركوب قافلة النضال السلمي، ويسجلون عند الشرطة وتحرر لهم محاضر. ويتعدد الإرهاب ويتنوع ضد النشطاء، فهم ممنوعون من السفر إلى الخارج وبلا وثائق، وممنوع تنقلهم بين المدن الصحراوية وعائلاتهم تحت المراقبة. إن الشرطة بالمرصاد لهم دائما، ومن حالفه الحظ منهم ووقفت المنظمات الدولية إلى جانبه يستطيع أن يخرج بعد أشهر من المماطلات.
من جهة أخرى تلجأ المخابرات المغربية إلى العناصر الأكثر هشاشة عاطفية في عائلة الحقوقي، وتبدأ في إرهابها. فمثلا يطلبون من العائلة لجم تحركات ابنها وإلا فإنه سيُصفى . إن إرهاب العائلات الذي تمارسه المخابرات على عائلات الحقوقيين هو إرهاب لا يخطر على بال بشري، ولم تقم به من قبل أي دولة أو إمبراطورية ولا قوة استعمارية في التاريخ. فحتى النازية وإسرائيل رغم صورتهما الملونة بالبشاعة لم يرتكبا أعمالا مشابهة. فالمغاربة يرهبون كل أفراد العائلة، ولا يهمهم هل هم مسنون أو أطفال أو قاصرون، ويركزون بالأساس على الأفراد المباشرين كالأمهات والأخوات، فيحشدون كل ما استطاعوا من مخاوف في نفوسهم لجعلهم يؤثرون على النشطاء لثنيهم عن عزمهم. إن من أشهر وسائل الترهيب تهديد الأخوات والبنات، حتى لو كن قاصرات، بالاغتصاب، وتهديد الأمهات بإخفاء الابن إلى الأبد إن هو قبض عليه في الانتفاضة. ففي مرات عديدة تم اختطاف الكثير من النساء اللاتي  لهن رابطة قرابة عائلية مع النشطاء، البعض منهن تم جرها بواسطة شعرها مسافة 50 مترا، والكثير من الحالات تم سكب البنزين على ملابسها، وهددوها بإشعال النار فيها إن لم تطلب من قريبها الكف عن النشاط السياسي. ففي إحدى الحالات تم اعتقال المناضلة د.ع في العيون من طرف أحد الضباط، وتبول عليها ثم أشعل النار في ملابسها، وحين نجت تم رميها في قمامة المدينة على بعد خمسة كيلومترات من مكان سكناها. الكثير منهن أيضا مورس عليه تعذيب يشعر الإنسان بالتقزز حين يُحكى عليه مثل استعمال العصي وإدخالها في الضحية أو اغتصابها وسكب الخمر على أعضائها الداخلية وهي عارية. هناك أيضا من سكب الحامض  وماء جافيل والخل على رأسها لتبقى بلا شعر إلى النهاية، أو التي أطلقت عليها الكلاب عارية لتعضها مباشرة.
وبشهادة بعض الناجيات من المعتقلات فإن "رجال الأمن كانوا يوجهون السكارى منهم إلى النساء لأن الواعيين قد لا يفعلون ما يفعل السكارى".. إن ما حدث شيء مروع وحتى الذين وقع عليهم لا يمكن أن يصفوه بدقة وتفاصيل.      
إن الحقوقيين لا يستطيعون التحرك بحرية وطريقة عادية في وطنهم، ففي كل زاوية يوجد كمين، وأمام كل خطوة هناك حجر عثرة أو فخ منصوب للإيقاع بهم. إن تأثير مثل هذا النوع من الإرهاب مضر بالأعصاب، لكن من جهة أخرى تعوَّد هؤلاء عليه وتآلفوا معه وأصبحوا يتحدونه.



يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء