المرأة الصحراوية:ثقل الضيافة( دراسة)


إن الضيافة عند الصحراويين هي شيء شبه مقدس. هي إرث منذ زمن العرب الأول. ورغم القفز على الكثير من العادات القديمة إلا أن الضيافة بقيت كما هي: مقدسة، لا يتم التسامح فيها ولا تتغير قوانينها غير المكتوبة.
نتيجة بحث الصور عن ‪mujer saharaui‬‏فحسب قانون الضيافة الصحراوي غير المكتوب فإن العائلة ملزمة باستقبال الضيف إذا مر بها حتى لو لم تكن تعرفه. فالضيف حين يحل بخيمة عائلة عليها أن تقدم له أحسن ما عندها: يأكل ويشرب هو الأول وذا بقى عنه شيء من الأكل تأكله العائلة؛ يفرش له في أحسن مكان ويُغطى بأحسن أغطية، يقوم الجميع بخدمته. وإذا كان عند العائلة مسكن واحد عليها أن تفرغه وتتركه للضيف حتى لو اضطرها ذلك إلى المبيت في العراء. ويستطيع الضيف إن يبقى ما شاء عند العائلة المضيفة دون أن يسأله أحد عن سبب بقائه ضيفا.

بعد تأسيس مخيمات الصحراويين في اللجوء ازدهرت الضيافة الصحراوية أكثر وظهرت في صور جديدة. في الصحراء الغربية، قديما، كانت الخيام متباعدة والناس مشتتون في تلك البادية الواسعة، وكنتيجة لذلك التباعد الجغرافي، كانت الضيافة قليلة وكان تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء قليل أو شبه معدوم ما عدا في المناسبات الكبيرة كالأعياد أو الأفراح. في اللجوء، في الحمادة، كان الناس، أصدقاء وأقارب، شبه متجاورين ولم تكن الخيام متباعدة كما كان الشأن من قبل، ثم إن "لفريك" أو "المحصر" الذي كان يتكون من مجموعة خيام قليلة، قد أصبح مخيما كبيرا أو شبه مدينة من الخيام والعائلات. إن تواجد هكذا عدد من السكان والمخيمات في مكان واحد أو في أماكن متقاربة قد سهَّل حركة الناس بين المخيمات فكثرت الزيارات وكثُر التعارف بين الناس. إن هكذا وضع جعل الضيافة تزدهر أكثر وتتطور.
إن ازدهار الضيافة، نظرا لما ذكرناه أنفا، قد أضاف عبئا جديدا على عاتق النساء اللاتي يسكن ويُسيَِرن المخيمات. فمثلا امرأة تعمل معلمة أو إدارية أو ممرضة تعود لخيمتها في ساعة متأخرة من النهار لتستريح بعض الوقت، قد تجد في خيمتها مجموعة من الضيوف ينتظرونها دون موعد مسبق ودون علم منها نفسها، وكلهم يجب إن يأكلوا ويشربوا. فحسب قانون الضيافة الصحراوي غير المكتوب فإن أي ضيف زار عائلة عليه أن " يذوق ملحها" والا فإن زيارته ستكون غير مقبولة بالكامل.. في بعض المرات حين تنتهي المرأة من إعداد وجبة لوفد ما من الضيوف قد يدخل وفد جديد، وعلى نفس المرأة أن تعد وجبة جديدة. في أحيان أخرى، واحتراما لقانون الضيافة، تقدم المرأة المضيفة غذاء أبناءها للضيوف وتترك عائلتها بدون أكل وشرب. وحتى تفي المرأة، ربة البيت، بكل حيثيات الضيافة عليها أن لا تقول " لا أستيطع أن افعل كذا" أو" لا أريد أن افعل كذا للضيف" وحتى إذا لم يكن عندها ما تقدم للضيف و" تستر نفسها" عليها إن تستلف أو تأخذ من عند جارتها ما يلزمها حتى تستكمل شروط الضيافة كما يريدها المجتمع.
في المخيمات، بالإضافة إلى الضيافة العادية التي يكون ضيوفها من المعارف والأقارب والأصدقاء والجيران، كان هناك نوع أخر من الضيافة هو ما يسمى "الاستقبال". ففي المخيمات نظرا لانعدام الفنادق والاستقبالات الرسمية اضطر الصحراويون إلى اللجوء مرة أخرى على النساء ليثقلن عاتقهن من جديد بظاهرة " الاستقبال" الذي يعني " إيواء مجموعة من الناس في مهمة أو مشاركين في احتفال معين في إحدى المخيمات أو الولايات." فمثلا حين يتم تنظيم ذكرى من الذكريات الوطنية الكثيرة في مخيم من المخيمات يتم توزيع المشاركين في الاحتفال على خيام نساء المخيم الذي تُنظم فيه الذكرى ويبقون هناك حتى ينتهي الاحتفال.
ولا يقتصر "الاستقبال" على سكان المخيمات فقط بل أن تعداه ليشمل استقبال الوفود الأجنبية الكثيرة التي تزور المخيمات باستمرار.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء