المرأة الصحراوية: الكفاح من اجل التمثيل في السلطة (دراسة يتبع)



نتيجة بحث الصور عن ‪mujeres sahara occidental‬‏كما رأينا من قبل كانت النساء هن أعمدة وركائز المخيمات الصحراوية في ذلك اللجوء المنسي. فبصبر أسطوري لا يمكن تصوره وإرادة من حديد تمكنت النساء من تثبيت الحياة في تلك المخيمات المنسية في الصحراء وجعلها تسير إلى الأمام حتى تخطت مرحلة الخطر. كانت كل المؤسسات تحت إشراف النساء: مدارس، مستوصفات، مستشفيات، مرافق. ورغم ذلك، وعلى مدى حوالي ثلاثة عقود وأزيد، بقيت المرأة بعيدة تماما عن دائرة القرار السياسي الصحراوي. لم يسمح لها أو لم تجد الفرصة مثلا أن تتحمل مسئولية الدوائر والبلديات التي نسبة الرجال فيها هي فقط 3%. كان مسئول الدائرة دائما رجل يتم تعينه من طرف سلطات البوليساريو السياسية. فأثناء الانتخابات المحلية تأتي لائحة مغلقة، كلها رجال، إلى المواطنات ويُطلب منهن انتخاب واحدا من
بينهم ليكون هو رئيس الدائرة. ورغم أن كل المواطنات وكل المسيرات هو نساء إلا أن مسئولية المخيم أو الدائرة بقيت حكرا على الرجال. فمنطقيا، أن مخيما يتكون كله من النساء وهن اللواتي يقمن بكل صغيرة وكبيرة فيه يجب أن تكون كل سلطاته في يد النساء دون أي تدخل للرجال.
من جهة أخرى قد يعود عدم منح المرأة سلطة الدائرة هو أن النساء لم يطالبن ولم يلححن أصلا على أن تكون تلك السلطة من نصيبهن. وإذا تمعنَّا في السلطات التي يمارس مسئول المخيم نجد أنها بسيطة ولا تحتاج إلى مؤهلات معينة حتى تبقى حكرا على الرجال فقط؛ هي سلطات تتعلق أساسا بتسيير الحياة وبتوزيع العمل في المخيم وبمراقبة إنجازه وإحصاء الحضور وتوزيع المواد الغذائية، وبالتالي فإن قيام المرأة بهذه المهمة قد يحقق نجاحا أكبر مما يحققه نجاح الرجل. إن مسئولية المخيم هي مسئولية شرفية فقط وإعطائها للمرأة هو نوع من الاعتراف لها بما قامت به من دور في تنظيم وتسيير الحياة في المخيمات.

بعد مُضي عقود على تأسيس المخيمات، وبعد انتزاع المرأة، بجدارة ثقة شعبها، بدأ الصحراويون في مرحلة متأخرة يناقشون، في المؤتمرات العامة والمحلية ضرورة منح النساء مقاعد أكثر في التشريعي والحكومة الصحراوية. فمنذ سنة 1976م إلى سنة 2000م ( 24 سنة) لم تحصل النساء على أي مقعد في اللجنة التنفيذية والحكومة رغم اعتراف الجميع أنه يجب إعطاء مقاعد أكثر للنساء اعترافا بتضحياتهن. كان المنصب الوحيد الذي اسند للنساء في الهيئات العليا هو مقعد واحد في المكتب السياسي الذي كان هيئة مساعدة للجنية التنفيذية. وحتى وجود امرأة واحدة في المكتب السياسي الأمينة العامة لاتحاد النساء- كان مفروضا: من جهة يفرضه الدستور الذي يقول أن الأمينة العامة لاتحاد النساء يجب إن تكون عضوا في المكتب السياسي؛ ومن جهة أخرى لا يستطيع رجل أن يصبح أمينا عاما لاتحاد النساء.
كان الجميع يلاحظ إن تمثيل المرأة في السلطات التنفيذية هو تمثيل غير عادل نظرا لنسبة النساء في المجتمع ككل وللدور الرائد الذي يلعبنه في تسيير الدولة الصحراوية.
في التسعينات، حين تأسس البرلمان الصحراوي على أنقاض المجلس الوطني تم انتخاب الكثير من النساء فيه، بل أن النسبة وصلت إلى 35%، وهي نسبة جيدة ويمكن أن تكون أكبر بكثير من نسبة النساء في الكثير من البرلمانات الأخرى. لكن إن كان ذلك انتصارا حققته المرأة فإنها من جهة ثانية بقيت متشبثة بأن تحصل على مكاسب أكبر في السلطات التنفيذية والمحلية خاصة تسيير الدوائر بدلا من الرجال. ورغم أنه في المؤتمرات الشعبية العامة يمكن أن يتم الترشيح بطريقة حرة، ويُسمح لكل من أراد أن يترشح أن يقوم بذلك بشرط استفاء بعض الإجراءات البسيطة إلا أن النساء لم ينجحن في فعل ذلك أو يمكن أن نقول أنهن لم يقمن بما فيه الكفاية كي يرشحن بعضهن البعض.
إن كفاح المرأة من أجل مكاسب أكبر في السلطات التنفيذية أوصلها، سنوات عديدة بعد ذلك، إلى الحصول على كرسي في الحكومة وكرسي في الأمانة الوطنية، لكن ذلك لم يكن كافيا ولا عاكسا لتضحيات وخدمات المرأة في جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي وفي المدن المحتلة. لم تتوقف المرأة الصحراوية عن الضغط على السلطة الصحراوية حتى تعطيها حقها. كان الضغط يتواصل يوميا تقريبا حتى حصلت المرأة على ما يسمى بالكوطة في المؤتمر الثالث عشر للجبهة. تم فرض على كل مصوت أن يضع في لائحته الانتخابية أسماء أربع نساء وإلا يتم إلغاء لائحته. بالفعل تم انتخاب أربع نساء في الأمانة الوطنية.
إن هذه المكاسب التي تم الحصول عليها في السلطات التنفيذية الصحراوية لازالت في نظر النساء غير كافية؛ فحسب نظرة الكثير من المدافعات عن حقوق المرأة الصحراوية فإن المنطقي هو أن تحصل المرأة على الثلث في السلطات التنفيذية.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء