دوافع جون بولتون والولايات المتحدة هل هي سياسية أم مالية فقط؟


Resultado de imagen para john boltonللمرة الثانية تفرض الولايات المتحدة – رغم انف فرنسا- قرارها القاضي بالتجديد للمينورسو لمدة ستة أشهر فقط بدل سنة، وهي المدة التي يطالب بها المغرب وفرنسا، ويطالب بها، بحماس زائد، كل من كوهلر وحتى الأمين العام غوتيريس الذي مال ميلانا حرا مع الاطروحة المغربية الفرنسية في تقريره الأخير. فرض التجديد ستة أشهر جعل المغرب يوجه كل سهامه وحرابه وسيوفه نحو جون بولتون كاتب الدولة الامريكي للأمن القومي " المنحاز"، حسب المغرب، للاطروحة الصحراوية، والذي يعتبر- حسب الرباط دائما- هو مهندس الضغط على المغرب عن طريق قطع التمويل عن المينورسو.
في الحقيقة جون بولتون ليس منحازا للبوليساريو ولا للصحراويين، لكنه رجل برغماتي، ودفعته برغماتيته إلى أعتبار ان المغرب ليس بالدولة التي تقدم الشيء الكثير لسياسات الولايات المتحدة، وأكثر من ذلك يرى انها دولة أجهضت كل محالاوت المجتمع الدولي لحل قضية الصحراء الغربية، وأجهضت محاولات الأمريكي الجمهوري جيمس بيكر.
والواقع أن جون بولتون عمل لفترة قصيرة مساعدا لبيكر، واقتنع مثله تماما أن المغرب هو الذ يعرقل أي مجهود يمكن أن يجعل المجتمع الدولي يحل قضية الصحراء الغربية حلا منطقيا، كما لم يغفر للملكة أنها رفضت مقترح بيكر الثاني سنة 2004م. يقول جون بولتون في تقرير له بتاريخ 18 مايو 2006م، " أن "ثقافة الجمود" في الصحراء الغربية، وأطمئنان الاطراف إلى الجمود يتطلب أن التغيير سيأتي فقط إذا تم فرضه بواسطة قرار مثل إنهاء مهام المينورصو". ويواصل بولتون في نفس التقرير قائلا "إن قدرة المغرب على الابتزاز، وعدم رضوخه لأية ضغوط عليه، كانت عاملا مهما في اتخاذ قرار التجديد المستمر لمهمة المينورصو. يواصل بولتون قائلا، السياسات والقانون الدولي يعملان جنبا إلى جنب في الصحراء الغربية، والتغيير سيحدث فقط إذا أردنا نحن ذلك.. دائما حسب نفس التقرير، في سنة 1991م- يقول بولتون- صوَّتنا على المينورصو، وفكَّرنا ان كل شيء سينتهي مع نهاية السنة، لكن المغرب أفشل ذلك. في سنة 1997م كنا سنذهب إلى الاستفتاء، لكن المغرب أفشل ذلك. في سنة 2004م أعدَّ بيكر مشروعه الثاني، لكن المغرب أفشل ذلك." وفي كتابه " الاستسلام ليس خيارا" يقول بولتون: "أﻛﺒﺮ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ﻫﻲ ﺑﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ وزارة الخارجية الامريكية اﻟﺘـﻲ ﻳﺪﻋﻤﻬﺎ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣـﻲ ممثلا ﻓﻲ اﺑﺮاﻫﻤﺲ إﻟﻴﻮت، ﻓﺎالمؤسستان ﻗﺒلتا ﻓﻜﺮة ان اﺳـﺘﻘﻼل اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، الخيار اﻟﺬي ﺳﻴﺼﻮت ﻋﻠﻴﻪ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺼﺤﺮاويين ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ، ﺳﻴﺨﻞ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮار المغرب ﻟﺼﺎﻟﺢ الإسلاميين."
الآن بعد تجديد عهدة المينورصو لمدة ستة اشهر، ضد إرادة الجميع، يعود جون بولتون الى واجهة الاحداث في قضية الصحراء الغربية. جون بولتون قطعا ليس مثل بيكر فهو أكثر برغماتية منه، وأقل قدرة سياسية، لكن مع ذلك هو امريكي لايقبل الإهانة ويحس أن المغرب ليس بالدولة التي تستطيع أن ترفض ما يمليه المجتمع الدولي والولايات المتحدة.
في مايجري على الأرض هناك دلائل أن جون بولتون هو الذ يقف وراء فرض تحديد ستة أشهر كمهلة للمينورصو كي يتم إحراز تقدم: أ) بولتون كان قال سنة 2006م( مذكور أعلاه) أن إنهاء مهام المينورصو هي الكفيلة بإحراز تقدم في المفاوضات؛ ب) أن تحديد مهلة ستة أشهر جاء فقط منذ تولي بولتون مقاليد كتابة الدولة للامن القومي؛ج) أنه لا ترامب ولا وزير خارجيته ذكرا ولو مرة، علنا، قضية الصحراء الغربية، وبالتالي فإن بولتون هو الأكثر ترجيحا أن يكون هو الذي تولى الملف في الادارة الامريكية وفرض تحديد المهلة بستة اشهر مرفقة بالتهديد بوقف التمويل؛ د) المغرب شن حملة مسعورة على جون بولتون متهما اياه بانه هو من يقف وراء الضغط على المغرب.
التهديد دافعه أقتصادي أم سياسي؟
لنترك جون بولتون كشخص يرتاح، ولنعرج على ما هي دوافعه ودوفع الولايات المتحدة من الاصرار على التجديد للينورصو لستة أشهر فقط. في تقرير الأمين العام الاممي الأخير حول الحالة في الصحراء الغربية، وقرار مجلس الامن الأخير أيضا نرى انحيازا فاضحا واضحا للاطروحة المغربية، والنقطة الوحيدة التي ليست في صالح المغرب وفرنسا، والتي تعتبر هي كعب أخيل فيه، هي فرض الولايات المتحدة، تحت التهديد، التمديد للمينورصو لمدة ستة أشهر فقط. ما هي دوافع الولايات المتحدة حتى تتصرف هكذا هي التي غضت الطرف خلال السنوات الماضية عن عنجهية المغرب ووقفت ضد بيكر.؟ في الواقع هناك إما دافع أقتصادي مالي وهو انها لا تريد صرف اموالها على بعثة راكدة فاسدة تحرس الاحتلال؛، والثاني دافع سياسي يوحي بتغيير في سياسة الولايات المتحدة العامة اتجاه منطقة شمال غرب إفريقيا.
إذا كان الدافع هو أقتصادي، ويتعلق بعزم الولايات المتحدة على أيقاف تمويل البعثة، فالمرجح أن فرنسا والدول العربية ستحاول إيجاد تمويل بديل للبعثة لإنقاذ المغرب، وجعل الوضع يبقى كما هو عليه لمدة لا يعلمها أحد. أما إذا كان الموقف سياسي فهذا يمكن تفسيره أن له علاقة بتغيير الولايات المتحدة لموقفها العام وسياستها واستراتيجيتها من دول المنطقة، وستبدأ بالضغط على المغرب من خلال تغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية كمؤشر أولي على الجدية في اتباع استراتيجية جديدة. المهم، بما اننا مقتنعين أن المفاوضات لن تكون ذات جدوى، إلا اننا يمكن أن نحدس أن الستة اشهر القادمة ستكون فاصلة في معرفة ماذا تريد الولايات المتحدة من فرضها لتقليص عهدة المينورصو من سنة الى ستة اشهر، وهل غايتها هي سياسية ام مالية.؟
Blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء