المرأة الصحراوية: "عصر خالاتي .." دراسة/



جملة " عصر خالاتي" هي جملة ابتدعها المقاتلون الصحراويون حين كانوا يعودون من خنادق القتال ليقضون عطلتهم في المخيم. وكلمة " خالاتي" هي تسمية صحراوية للنساء عموما.
Resultado de imagen para mujer saharauiبدأ يظهر جليا تحكم المرأة في المخيمات في اللجوء. ولم تكن النتيجة مشجعة فقط، بل كانت مدهشة. كانت المرأة تحس أنها وُضعت أمام امتحان صعب فنجحت فيه. بدأت المؤسسات تسير بشكل أكثر من جيد.
كان أول المنبهرين بنجاح المرأة في التسيير هو الرجل الصحراوي؛ لم يصدق الرجل الصحراوي، العربي، البدوي القادم حديثا من الصحراء أن يرى الحياة تسير بشكل طبيعي في المخيمات بواسطة المرأة. في لحظة إعجاب تخلى الرجل الصحراوي عن كبريائه، عن ثقافته التي تنظر إلى المرأة كعنصر ضعيف؛ تخلى عن الصورة التي كان يحمل في رأسه للمرأة وبدأ يصدق عينيه وينظر إلى الواقع أمامه كما هو: المرأة هي التي تسيير المخيمات والدولة الصحراوية.الآن المرأة رفعت التحدي؛ لم تعد في مخيلة الرجل "ولية"( تستحق الرفق) لم تعد "ظلعة عوجاء" ( ضِلع أعوج)؛ أصبحت معلمة، ممرضة، ومُسيرة وإجمالا هي ركيزة المجتمع بأكمله.
حين يعود الرجال من خنادقهم في عطلهم القصيرة كانوا ينشرحون لما يجدونه في مخيماتهم: مخيمات نظيفة منتظمة، الأطفال يذهبون إلى المدارس، المرضى يتداوون، والكل يعمل كخلية نحل، باختصار هناك مظاهر حياة حقيقية في تلك الحمادة القاهرة. تم قهر شراسة اللجوء.
إن المجهود الظاهر للعيان الذي تقوم به النساء في المخيمات من تسيير وتدبير أعطاهن تقديرا إضافيا عند المجتمع ككل. فالرجال حين اقتنعوا بالحقيقة التي يرون لم يعارضوا إطلاقا. فأثناء استراحة المحارب التي تدوم 15 يوما كل ثلاثة أشهر أصبح الرجال المقاتلون يضعون أنفسهم، عن قناعة تامة، تحت تصرف نساء المخيم وتحت أوامرهن دون معارضة. فالرجل مهما كانت مكانته في البوليساريو أو مكانته الاجتماعية أو مهما كان غنيا، حين يدخل المخيم تطبق عليه الإجراءت والقوانين الجاري بها العمل في المخيم ومن طرف النساء. حين يصبح الرجل في محيط المخيم يتخلى عن قوته ومأموريته ورتبته ويخضع للقوانين التي تنفذها النساء؛ يستقبل الأوامر من طرف المرأة، ممنوع عليه أن يعارض أو يتهرب من أي شيء طُلب منه. وحتى لو كان الرجل موجودا فإن امرأته بدلا من أن تطبق أوامره مثلما جرت العادة، تطبق أوامر الدائرة والتنظيم. فمثلا قد لا تُحضِّر امرأة الطعام لزوجها أو لا تعد له الشاي لإن عندها اجتماع أو حملة نظافة أو عندها حصة في المدرسة، وحتى لو طَلب هو منها أن تترك العمل لتهتم به ترفض.
إن الرجال أثناء تواجدهم في المخيم مطالبون بتطبيق قانون المخيم حرفيا. فامرأة مثلا مسئولة في مخيم تستطيع أن تطلب من الرجال أثناء عطلتهم أن يشاركوا في حملة نظافة أو حملة حفر آبار؛ تستطيع أيضا أن تخبرهم أنه عليهم أن لا يتحركوا بعد الساعة كذا وعليهم أن يبقون في خيامهم حتى إشعار آخر. أكثر من ذلك أن المرأة المسئولة أو العريفة تستطيع أن ترفع شكوى بأي رجل يرفض أوامرها أو يخالف أي قانون في المخيم. فإذا وجدت امرأة مثلا أن رجلا يقود سيارته أثناء وقت منع التجوال تستطيع أن تذهب به مباشرة إلى سلطات دائرتها ويطبق عليه القانون وتتم معاقبته.
عن طريق النساء أيضا يتم إخبار الرجال بكل شيء في المخيم. فلو تخلف رجل ما عن كتيبته ولم يعود معها إلى القتال يبدأ المخيم يتحدث عن ذلك، وحين تصل الأخبار إلى المسئولات يتصلن بالرجل المعني ويسألنه عن سبب تخلفه عن جماعته.
في سنوات الحرب لا يظهر أي رجل يتحرك في المخيم ما عدا أولئك الذين هم في عطلة. أن أي رجل تعثُر عليه النساء في المخيم وتشك في وجوده فإن القانون يسمح لها أن تطلب منه إظهار رخصته لتتأكد أنه فعلا في إجازة أم لا.
كانت سلطة المرأة تظهر في كل شيء. فالرجل، حتى لو كان في إجازة، لا يستطيع أن يذهب إلى مخيم آخر دون أن يشعر سلطات مخيمه. أيضا حين يجد نفسه أمام مشكلة تتعلق بالمخيم عليه أن يذهب إلى مسئولة الحي والدائرة ويعرض عليهن مشكلته ويطلب منهن الحل.
إن وضع الكثير من السلطات المحلية في يد المرأة جعلها تحس بالكثير من المسئولية والفخر؛ تحس أنها قادرة ومهمة وتؤدي دور له معنى في الحياة.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء