هل كانت ملحمة العيون المحتلة منظمة ام عفوية؟


الكثيرون كانوا يظنون، خطأ،  أن المحتل المغربي غرز أظافره في مفاصل الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة، وأنه تحكم في الوضع، وأنه سيطر تماما بعد اعتقال قادة الميدان هناك بعد ملحمة كديم ازيك.  لكن، في الحقيقة، الشعوب لا تمكن السيطرة على نبضها ولا على عروقها ولا على تفكيرها ولا على هديرها ولا على ابداعها. الشعوب المظلومة لا تموت ولا تمل من التضحية ومن الإبداع، وكلما ظن مغتصبوها انهم اقفلوا كل الأبواب في وجهها تحطم هي جدارا لتصنع من مكانه بابا. كان ما حدث في العيون يوم 19 جويلية2019م كان ملحمة تضاف إلى ملحمة الزملة وملحمة كديم ازيك وملحمة الانتفاضة سنة 2005م. هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد أو منهزم؛ حقيقة أعظم من بلاغات بيانات الإدانة الإنشائية المنافقة، واعظم من بكائيات الرسائل التي لا تعني شيئا ما لم يسيل دم الشهداء والجرحى. نحن، كتبة رسائل الإدانة وكتبة بيانات الاستنكار والتنديد، نعيش في عطلة مدفوعة الأجر في انتظار أن يضحي أحد ما بدمه لنجد مادة خاما نكتب حولها بياناتنا التنديدية التي أصبحت منافقة. نعم، كانت ملحمة العيون عملا رائعا لم نعيشه منذ سنوات. الآن وبعد أن أطلقنا عليها اسم ملحمة الشهيدة صباح، وبعد أن تناولتها صحافة العالم، وبعد أن أصبحت العيون مدينة محاصرة، وبعد أن نددنا وادنا- من الادانة- وكتبنا الرسائل للامين العام ولمجلس الأمن، وبعد أن غنينا اغنية تحية للأبطال في العيون، أصبح بإمكاننا أن نجلس لنقييم تلك العملية، وكيف حدثت، وهل كانت عفوية ام منظمة؟ أسئلة يفرضها واقع التقاعس الذي نعيشه، والذي بلغ بالانهزاميين القول أن العدو احكم طوقه على الانتفاضة وأصبح يتحكم فيها، وأنه وأنه.  حين نقول " عفوية" يعني أن الشباب الذي قام بها فعل ذلك تلقائيا دون أوامر ودون تخطيط من التنظيم الصحراوي سواء المتواجد في الداخل المحتل أو في اللجوء. وحين نقول هل كانت" منظمة" فإننا نعني العكس: هل خططنا لها كحق مشروع لنا، وكجزء من معركتنا العامة مع العدو لتكون عملية ناجحة مثل عملية كديم ازيك؟ في كلتا الحالتين هنيئا للأبطال الذين قاموا بها. هي عملية ذكية، وحين نقول ذلك فإننا تعاند ونصر على ما نذهب إليه. هي معركة لأنه حدثت فيها الخسائر المادية، وشارك فيها جيش صحراوي مدني كبير، وابانت عن استعداد كبير للمقاومة، وسقط فيها الشهداء والجرحى، وتم فرض على المحتل المغربي أن يلجأ إلى جيشه وإلى سلاحه. إذا لم يكن ما وقع معركة فما هي مواصفات المعركة والملحمة؟ والذي ابهرنا نحن كتبة بيانات الإدانة ورسائل الاحتجاج هو توقيتها. لقد تم التخطيط لها بذكاء، وكانت نقطة الصفر هي نهاية مبارة الجزائر. تم التخطيط للعملية في وقت كانت فيه الأنظار والعيون مشدوهة لمتابعة المبارة، وكانت الناس منتبهة ومتحفزة. لكن الذكاء تجلى أكثر في أن الذي نظموها وشاركوا فيها لم يربطوها بنتجية المبارة، انما اعتبروا نهاية المبارة بمثابة نقطة الصفر. اي انهم كانوا مصرين على القيام بها كجزء من معركة مخطط لها مسبقا. في الرسائل التي وصلتنا عبر الإنترنيت كتب المنظمون: ساعة الصفر هي نهاية المقابلة سواء فازت الجزائر ام لم تفوز. ومن حسن الحظ أن الجزائر فازت فتضاعف الحماس، وفارت الدماء المناضلة ودخلت العيون والانتفاضة التاريخ. من نتائج هذه الملحمة المباركة أن العالم تطرق اليها، ووصل صداها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ اعادت التأكيد للعدو أن الصحراويين لا يمكن تدجينهم ولا القضاء عليهم؛ ضربة قوية للانهزاميين الذين كانوا يشككون في جدوى الانتفاضة ويستهزيئون بقدراتها الإبداعية في الميدان؛ بروز جيل جديد من القيادات الميدانية حل محل القادة المسجونين من مجموعة كديم ازيك . وعلى أية حال نتمنى أن لا تكون هذه الملحمة حدثت عفوية، فإذا كانت كذلك فهي ضربة لنا نحن كتبة  رسائل التنديد والاستنكار.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء