أغرب لغز في تاريخنا: السكوت عن اسبانيا


   
   
  

اللغز الذي لن نفك شفيرته تاريخيا مهما حدسنا وخمنا، ومهما فسرنا وتفلسفنا هو لماذا سكتنا عن إسبانيا بصفتها هي الاستعمار الحقيقي والقانوني للصحراء الغربية؟  اللغز الذي يبحث الجميع، من باحثين وسياسيين أجانب واسبان، عن اجابته ولا يجدون اي شيء.

تبدو قضية الصحراء الغربية قضية غريبة جدا، فهذا البلد المذكور هو الآن مُستعمرٌ من طرف بلدين معا هما أسبانيا والمغرب. فالاستعمار الأول ( أسبانيا) هو إلى حد الآن الاستعمار الذي تعترف به الأمم المتحدة كاستعمار "شرعي" تقع عليه المسئولية الكاملة كي يأخذ بيد الشعب الصحراوي إلى تقرير مصيره. وبالعودة إلى قرارات الأمم المتحدة نجد أن هذه الأخيرة لم تعترف للمغرب بالسيادة على الإقليم، فهي التي رفضت الاعتراف باتفاق مدريد سنة 1975، وهي التي أعادت في سنة 2000 عن طريق مستشار الأمين العام للأمم المتحدة التأكيد "أن المغرب لا يمتلك السيادة على الإقليم، وكل ما يقوم به هو دور محتل غاصب يمارس نوع من الاحتلال غير الشرعي وغير القانوني، وبالتالي تبقى المسئولية ملقاة على عاتق الاستعمار الأول( أسبانيا)."أما الاستعمار الثاني( المغرب)، فهو استعمار بربري غريب دخل بالقوة بالتآمر مع الاستعمار الأول ( الشرعي)، وكرس نفسه بالقوة كاستعمار يجب التفاوض معه في الأمم المتحدة في كل ما يخص القضية الصحراوية.

إن اغتصاب المغرب للصحراء الغربية بالطريقة الهمجية التي نعرف جميعا دفع الصحراويين، وحتى الأسبان العاديين، إلى نسيان دور أسبانيا الرسمية في القضية، ونسيان مسألة قضية الضغط عليها في الأمم المتحدة لتتحمل مسئولياتها كاملة في الإقليم. فخلال أكثر من ثلاثة واربعين سنة من الزمن لم يقم الصحراويون بالعمل الكافي للإلحاح، في الامم المتحدة خاصة، على تكريس أن تبقى اسبانيا  طرفا في النزاع، وركزوا ضغطهم على المغرب وحده، ووجهوا صدورهم وبنادقهم نحوه، ونسوا إسبانيا تاركينها تلعب وتمرح دون أدنى وخز ضمير.

نحن الان نريد ان نفهم،فقط، خلفيات سكوتنا عن إسبانيا في الامم المتحدة؟  أليست إسبانيا هي القوة التي لازالت الأمم المتحدة تعترف بها كقوة استعمارية الصحراء الغربية؟ لنتصور فقط وهذا حقنا، ولنفكر بصوت مرتفع وهذا حقنا ايضا، اننا ظللنا نشكوا إسبانيا للامم المتحدة رفقة المغرب، وظللنا نلح عليها... فخلال الزمن الماضي كان يجب معاملة أسبانيا والمغرب على حد سواء خاصة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن. إن ترك أسبانيا جانبا وعدم الإلحاح بالضغط عليها جعلها تهرب يوما بعد يوم إلى الأمام وتتخلص، بالوقت، من مسئوليتها اتجاه مستعمرتها السابقة.

قد يقول بعضنا أننا لا نمتلك من الإمكانيات ما يجعلنا نضغط على أسبانيا، لكن الضغط الذي أعني قد يكون بسيطا جدا، لكن في بساطته تكمن قوته. في أسبانيا نمتلك قوة شعبية معتبرة داعمة لنا ولحقنا في تقرير المصير، وهذه القوة على قدر كبير من التنظيم، لكن مشكلتها أنها لا تمتلك المعلومات الكافية كي تضغط على حكومتها. إن الذي تعرفه الشعوب الأسبانية هو إن أسبانيا خانت الصحراويين وباعتهم هم وأرضهم. هذا كل ما تعرفه هذه الشعوب الاسبانية، أما الجانب المهم من القضية وهو ان اسبانيا لازالت هي القوة المعترف بها من طرف الأمم المتحدة  فهو غائب بالكامل..

إن توعية هذه الشعوب أن أسبانيا لازالت هي الاستعمار الحقيقي "الشرعي" للصحراء الغربية هي معلومة غائبة تماما عن الوعي الشعبي الأسباني. إن المشكلة تكمن الآن في إن الوقت يمر بسرعة، والأجيال الجديدة في أسبانيا قد بدأت تهمل قضية الصحراء الغربية ومسئولية حكوماتها اتجاهها. إن ضغط هذه الشعوب على حكومتها، وضعنا نحن عليها في قضية مثل هذه قد يجعل أسبانيا تعود إلى الواجهة كطرف جديد/ قديم في قضية الصحراء الغربية.

.أظن إننا لم نتحرك بشكل رسمي وبإلحاح في الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن بالخصوص، ولم نلح ونعاند  ان تبقى أسبانيا مسجلة في لوائح الأمم المتحدة كاستعمار رسمي للصحراء الغربية إلى جانب المغرب. إن عدم الإلحاح على دور أسبانيا في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية جعلها بالوقت تنجح في شطب اسمها من لوائح الأمم المتحدة، وتتهرب من مسؤوليتها  كطرف في نزاع الصحراء الغربية. إن إعادة أسبانيا إلى لوائح الأمم المتحدة الخاصة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية يجب إن تكون موقف رسميا وشرطا وأولويا من الآن فصاعدا في أي تفاوض يقوم به الصحراويون مع الأمم المتحدة. إن هذا الموقف سيكون مهما جدا،  وستكون نتيجته أكثر مما نتصور. اظن ان أسبانيا لن تقاوم الضغط، وستجد نفسها مضطرة للتدخل، فهي تنتمي إلى الإتحاد الأوروبي، وهذا الاخير، رغم هفواته، سيصبح منزعجا من وجود دولة من دوله مسجلة في الامم المتحدة انها لم تقرر مصير إقليم تستعمره قانونيا.
.إلا يمكن أن نجرب الآن رغم أن ذلك متأخر كثيرا. في الأخير هل يوجد من يستطيع جعلنا نفهم حل هذا اللغز التاريخي؟
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدى يحظيه






       



       
       
       

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء