في رحاب المؤتمر (iv): أزمة قوانين


في حالتنا الاستثنائية، غير العادية، غير الطبيعية يصبح القانون هو الحكم. فسن دستور عادل، منطقي، ورسم قوانين واضحة هو الذي يمكن أن يقفل أبواب هذا الذي يمكن أن نسميه
التعسف السياسي الذي أدى إلى خلود الأشخاص في المناصب. في الحقيقة خلود الأشخاص في المناصب وتخندقهم في المسؤوليات هو غير مقبول، ويعرقل انسياب الحياة بشكل طبيعي، والأدهى والأطم هو أن يصبح تقليدا ويصبح هو القاعدة في حين أنه هو الاستثناء. فخلال تجربتنا الطويلة والمريرة كان المسؤول دائما خالدا في المنصب، وفي حالة ان يترك مسؤولية يتقلد أخرى بدون إحساس بملاحظات القاعدة البشرية التي ظلت تتحلى بصبر لا مثيل له. كان الرادع دائما هو أن المصلحة الوطنية تقتضي الإلتزام الصارم بالمحافظة على الوحدة الوطنية والسياسية، وتقتضي سد اي منفذ يمكن أن يدخل منه العدو، لكن الوقت طال، وأصبح الانضباط حفاظا على الوحدة الوطنية والسياسية مطية ركبتها تلك القيادات الخالدة لتتعسف أكثر في حفاظها الشخصي على المناصب.  هل يمكن أن يقضي القانون على ظاهرة بقاء الأشخاص ابديا في المنصب؟ بكل تأكيد نعم. فبمجرد ان يكون القانون هو الحكم ستختفي الظاهرة أو تصبح محددة في فلسفة أصحابها وحتى ابتزازهم ببعبع العدو وخطور التغيير البشري. فتحديد العهدة السياسية، بنص قانوني، بسنوات محددة أصبح مفروضا كي نتخلص من ظاهرة بقاء الأشخاص في المناصب حتى الموت، وحتى لا نبتدع بدعة سياسية ما انزل بها الشرع من سلطان.. بدل أن نكون قد حاربنا البقاء الأبدي للاشخاص في المناصب شجعناه قانونيا وسياسيا. اظن ان هناك نص قانوني يحرم أو يجرم الاستقالة، وهذه ظاهرة غريبة لا يمكن أن يتقبلها العقل البشري. على مستوى سياسي بقى الذئب يرعى مع الحمل. لا محاسبة ولا معاقبة ولا قانون يتصدى لظاهرة التعسف في استعمال السلطة. كل هذا شجع ظاهرة البقاء الأبدي في السلطة. التغيير على مستوى الأفراد كان يجابه بتلك الدعاية الغبية التي تقول أن الأمر لا يعدو كونه صراع أجيال وطموح شباب متعطش السلطة. الأمر بسيط: إلا يمكن أن يحل شخص كبير في السن محل شخص آخر؟ أليس هذا تغيير طبيعي أيضا.؟ لو غيرنا مسؤول شيخ بمسؤول آخر شيخ، إلا يعتبر هذا طبيعي.؟ اظن ان كل الحجج لتشريع البقاء الأبدي في السلطة قد تهاوت، وكل المبررات قد تساقطت، وبالتالى لا بد من تدخل القانون.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء