في تدخله ضمن فعاليات الندوة الجانبية الإفتراضية التي نظمتها مجموعة من الدول لإحياء الذكرى الستين لإعلان حق الشعوب في تقرير مصيرها وتصفية الاستعمار من بلدانها، الذي يؤطره القرار 1514، الصادر في ديسمبر 1960م، قال سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، أن تقرير مصير الصحراء الغربية حدث سنة 1975م، طبقا لاتفاقية مدريد. الأمر غير صحيح اطلاقا، وهو مجرد إمعان في التضليل وفضح المستور. تحدث تصفية الاستعمار بطريقيتين: الأولى، يعترف الاستعمار بسلطة شعب الإقليم الواقع تحت سيطرته، ويعيد له السيادة ويتم تسجيل هذا العقد عند الأمم المتحدة، والثانية، هي أن الاستعمار ينظم استفتاء لشعب الإقليم الذي يستعمر ويسلم له السلطات والسيادة. في حالة اتفاق مدريد، لم يتم اللجوء إلى أي من الطريقتين. هو مجرد عملية اقرصنة مصير الشعب الصحراوي، لكنها فشلت وبان عليها الضوء. في نص اتفاق مدريد ذاته، الموقع يوم 14 نوفمبر 1975م، تقول النقطة الثالثة منه: "حق الشعب الصحراوي يعبر عنه عن طريق جماعة الشيوخ ويُحترم." هذه النقطة هي النقطة الرئيسة في الإتفاق المذكور، لكنها لم يتم تطبيقها. لم تجتمع جماعة الشيوخ الصحراوية ولم تقرر مصير الشعب الصحراوي، والاجتماع الوحيد الذي عقدته كان يوم 28 نوفمبر 1975م بقلتة زمور، كان فقط من أجل إعلان حلها ولتسلبم السلطات للبوليساريو.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن الأمم المتحدة والجمعية العامة لم توافقا على اتفاق مدريد. في قرارها الصادر يوم 10 ديسمبر 1975م، تحت الرقم 3858(د30) Aو B, تمت الإشارة إلى اتفاق مدريد في الشطر B من القرار، لكن لم يتم الإعتراف به ولم يتم تبنيه. في النقطة الأولى من القرار المذكور، شطر (B), نجد ما يلي: "تأخذ- الجمعية العامة- بعين الاعتبار اتفاق مدريد"، لكنها لم تقل تتبناه أو تعترف به أو تصادق عليه. في النقطة الرابعة من نفس القرار نجد: "رأي سكان الصحراء الغربية يعير عنه عن طريق الجماعة." هذه النقطة هي الواردة، حرفيا، في اتفاق مدريد، ولم يتم تطبيقها لأن جماعة الشيوخ رفضت أن تجتمع لتقرر مصير الشعب الصحراوي، وحلت نفسها. النقطة الثانية المهمة التي تلغي اتفاق مدريد، هي أن أحد الأطراف الموقعين- موريتانيا- عليه نفض يده منه، وتبرأ منه ثلاث سنوات بعد توقيعه. وحتى تطعن الأمم المتحدة والقانون الدولي في شرعية اتفاق مدريد أكثر، أصدر المستشار القانوني للامين العام للأمم المتحدة يوم 29 يناير 2002م رائا استشاريا قاضيا يقول بالحرف الواحد:" إن اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الاقليم، كما أنها لن تعط لأي من الموقعين عليه مركز الدولة القائمة بالإدارة."
وبالتالي، فنحن أمام اتفاق لاغ، ولا يعدو كونه محاولة قرصنة واضحة ومسرحية هزلية ضعيفة الإخراج.
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء