يرحل الأبطال الذين فجروا الثورة تباعا، منهم من استشهد ومنهم رحل في صمت في خيمته في اللجوء ماسكا على جمر العهد وعلى ألم الوفاء. آخر من رحل كان ذلك الرجل الحَيِي(من الحياء) المتواضع المعاهد، السالك احمد الولي(غاندي ). من السبعة عشر الأوائل الذين حملوا السلاح وكونوا النواة الأولى لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، ونفذوا عملية الخنكة يوم 20 مايو 1973م. قاده عقله وذكاء إلى الالتحاق الى بالمجموعة الأولى التي ستفجر الثورة. في تلك الخيمة الكبيرة المشيدة في ضواحي السبطي، كان السالك ضيفا هناك، وهناك أيضا سيلتقي بالتاريخ الذي سيغير مسار حياته إلى الأبد. حين كانوا في الخيمة يشربون الشاي، جاءهم رجل يسعى فقال لهم، بعد أن اطمأن إليهم والى حديثهم، أن اسبانيا استعمار، وان الصحراء سيتم تقسيمها بين المغرب وموريتانيا، ثم انزلق به الحديث إلى المهمة التي جاء من أجلها. لم يكن الرجل يبحث عن إبل ضائعة ولا عن بئر ماء، على عادة الصحراويين، إنما قال لهم إنه يبحث عن أسلحة يشتريها للصيد في جبال الوركزيز أين يكثر الرويان. وحده السالك، من بين الحاضرين وكانوا خمسة رجال، فكر أن الرجل يخفي سرا عظيما، وأن بحثه عن السلاح لم يكن للصيد. كيف يتحدث عن الاستعمار والثورة وتقسيم الصحراء، ثم يبدأ السؤال عن صيد الرويان في الوركزيز؟ إنه يبحث عن السلاح للثورة، ويحمل سرا وعلى اللغز ان يتكلم. حين خرج الرجل تبعه السالك، واستفسره عن حقيقة بحثه عن السلاح؟ لكن الرجل كان متخوفا أن يكون السالك مخبرا لإحدى الدول المجاورة للصحراء الغربية فلم يبوح له بالسر. بعد تلك الحادثة بدأ السالك يبحث عن الثوار حتى إتصل بهم وانضم إليهم. عند نقطة الملتقى، قبل انطلاقة عملية الخنكة، عند الحاسي، التقى السالك بالرجل الذي كان يبحث عن السلاح للصيد في جبال الوركزيز. حين حمل الرفاق أسماءهم الحركية مثل الطبيب ولمتين، حمل السالك اسم الزعيم الهندي غاندي، وبقدرة عجيبة حمل صفاته، من صبر ووداعة وحياء وعظمة داخلية وغنى روحي. تلقفته يد الحرب والثورة فقاتل في النواحي، وخاض العمليات واستشهد الإخوة وجرحوا، لكنه حافظ على روح غاندي فيه: الصبر والتحمل والسلم والغني الروحي. حين أخبروه انه يمكن أن يذهب إلى الحج لإنه من مفجري الثورة، أحجم، وقال لهم إنه لا بد أن يستشير قاضيا ليفتي له لإنه يحس أن هذا مال النساء والضعاف، وأنه ليس ماله. وحين كان الرئيس الراحل محمد عبد العزيز يلتقي مع مفجري الثورة يسألهم عن حالهم وعن احتياجاتهم، كان غاندي يقول له، رغم فقره المادي، نحن الذين يجب ان نساعدك. ورحل غاندي وهم يمسك على العهد مثل الجمر، لكن رغم ذلك هو العهد المقدس للشهداء والجرحى والمقاتلين. رحل السالك وهو يرتدي تلك الترية الخالدة كرمز للعهد والقسم.
من صفحة السيد حمدي يحظيه
blog-sahara.blogspot.com.es
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء