الرئيس تبون واللهجة الحسانية



عندما كان الصحراويون والجزائريون، معا، يتابعون استقبال/زيارة الرئيس الجزائري، عبد الحميد تبون، للرئيس الصحراوي، براهيم غالي في المستشفى، التقطوا أثناء الحوار بينهما انهما تبادلا مفردات من اللهجة الحسانية الصحراوية الصرفة. 

فحين دخل الرئيس تبون إلى الجناح الذي يتعافى فيه الرئيس غالي، استقبله هذا الأخير بكلمات: "مرحبا، مرحبا، مرحبا،" وكان ينطقها بطريقة البيظان، وباللهجة الحسانية كأنما هو يستقبل صديق من مجتمع البيظان. 

وزاد الأمر تشويقا أن الرئيس تبون اجاب: "بك واهلا" ؛ نطقها بالحسانية جوابا على ترحيب الرئيس غالي له بالحسانية. وتعمق التشويق أكثر أن الرئيس تبون أضاف بحسانية عريقة وقديمة:" اياك الا تْنكَّس". فهذه العبارة(اياك الا تنكس)هي قديمة، ولم تعد شائعة بين الأجيال الحالية من البيظان. يقول الشيوخ الآن انها، اصلا، تقال مجازا للمريض حين يتعافى، وكلمة "تنكس" تعني أن الجَمل حين يكون قويا، يرفض أن يوضع الحمل على ظهره، وإذا وضعوه عليه يرفس ويخبط ويرميه من فوق ظهره.

كيف تعلم الرئيس تبون الحسانية الصعبة أصلا، خاصة الكلمات القديمة منها التي نطق بها مثل:" بك واهلا"، و"تنكس"؟ في الواقع، لم نسمع أن الرئيس تبون عاش في تندوف أو بشار مثل شنقريحة، مثلا، الذي كان قائدا للناحية الثالثة في بشار وتندوف واحتك بالصحراويين. 

كل ما في الحكاية، أن تبون هو ابن قصر بوسمغون ولاية البيض التابعة، قديما، للمشرية والعين الصفراء في الصحراء الجزائرية العظيمة. في سنة 1997م، على ما اعتقد-لست متأكدا من التاريخ بالضبط-كنا في زيارة لولاية البيض ضمن قافلة تضامن صحراوية، ونظمت لنا الولاية زيارة لقصر بوسمغون التاريخي الأثري. حين وصلنا الى القصر، التف حولنا السكان يرحبون بنا، ويبالغون في ضيافتنا، كأنما نحن قادمين من مكان مقدس، وكان منهم من يتكلم الحسانية. اجتمعنا معهم، فقالوا لنا أن شيخهم التاريخي الذي بنى القصر، سيدي بوسمغون، هو أصلا من الساقية الحمراء، وأنه خريج من الوادي المذكور، وجاء ضمن بعثة علمية لتعليم الدين الإسلامي لسكان تلك المناطق، وبني ذلك القصر الذي يحمل اسمه. بما أننا من الساقية الحمراء، عاملنا سكان قصر بوسمغون الكرماء بنوع خاص من الضيافة لم يحظى به لا سائح ولا مسؤول، لأنهم يعتبروننا قادمين من موطنهم الأصلي، الساقية الحمراء. اذن، تبون هو ابن الصحراء الجزائرية العظيمة التي تتكلم الحسانية والعربية واللهجة الجزائرية. لفتة تبون وزيارته تضاف إلى سجل الجزائر في صناعة التاريخ. قضي الرئيس غالي 48 يوما في إسبانيا، لكن لم يزوره أي مسؤول اسباني خوفا من المغرب. وبصق المغرب على وجه إسبانيا ووبخها وهددها أنه سيطرد سفيرها لأنها استقبلت الرئيس غالي للعلاج، بينما الرئيس الجزائري، ابن بوسمغون، فقد استقبل الرئيس وزاره. لم نسمع أن المخزن سيستدعي السفير الجزائري أو يوبخه لأن السفير الجزائري يحميه رئيس يعرف قيمة الرجولة والشجاعة. نتذكر دائما الموقف الجزائري الموضوع على الطاولة: اذا تم إغلاق السفارة الجزائرية في المغرب فلن يتم فتحها مثلما لن يتم فتح الحدود. 

 تحية للجزائر، جزائر نوفمبر والشهداء، وجزائر المواقف. 

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء