كرونولوجيا الخيانة الإسبانية الثانية المعلنة

  

 


أتذكر انني كتبت في يناير هذه ألسنة-2022م- مقالا بعنوان: هل ستكرر إسبانيا خيانة سنة 1975مhttp://blog-sahara.blogspot.com/2022/01/1975.html) وفيه طفقت أقول أن إسبانيا ستخون مرة أخرى، وها هي فعلا تخون. لكن بدل أن نغضب من التصرف الإسباني الجبان، لا بأس من التذكير ببعض النقاط التي قد تغيب عن بال المتتبع للموقف الإسباني من قضية الصحراء الغربية. أولا، هناك نقطة معتمة لا نعرف لها تفسيرا، ولا نعرف من هو المسؤول عنها، وهي لماذا تم السكوت عن إسبانيا في المحافل الدولية والتركيز على المغرب فقط، رغم أن الجميع يعلم أن إسبانيا هي التي لازالت مسؤولة قانونيا عن الصحراء الغربية؟ النقطة الثانية،  هي أن إسبانيا كانت دائما تؤيد ضم الصحراء الغربية للمغرب، خاصة الاشتراكيين. فرئيس الحكومة الإسبانية ، ثابتيرو، أعلن مباشرة، في سنة 2008م، تأييد حكومته للحكم الذاتي المغربي(el país 17/12/2008). إذن، الخيانة الإسبانية ليست جديدة، والصحراويون يعرفون كلهم أن إسبانيا عدوة. 

حتى نتحدث عن كرونولوجيا ما نسميه الخيانة الإسبانية الثانية، يجب أن نستحضر، مرة أخرى، بعض الحقائق. أول هذه الحقائق هو قضية سبتة ومليلية. سنة 1975م، وضع المغرب سبتة ومليلية على الطاولة، وطالب إسبانيا أن تسلمه الصحراء الغربية مقابل السكوت عن سبتة ومليلية فرضخت إسبانيا لابتزازه. سنة 2021م، انتقل المغرب إلى خطوة أخرى، وهي أنه استخرج ملف سبتة ومليلية ووضعه على الطاولة، لكن بطريقة أكثر حداثة. هذه المرة، لم يطالب إسبانيا بالسكوت عن قضية الصحراء الغربية، لكنه طالبها بالاعتراف له بالسيادة على عليها مقابل ان يسكت هو عن المطالبة بسبتة ومليلية، فرضخت إسبانيا مرة أخرى لابتزازه. 

بدأت كرونولوجيا  ما يمكن أن نسميه الخيانة الإسبانية الثانية المعلنة هكذا: بعد اعتراف ترامب ب"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية، طالب المغرب إسبانيا وفرنسا وألمانيا بالحذو حذوه، لكن أقصى ما اعترفوا له به هو الحكم الذاتي "كحل" يشكل قاعدة ووذو مصداقية الخ.. إسبانيا، بحكم علاقاتها التاريخية مع الصحراء الغربية، وبحكم تواجدها الجغرافي قرب المغرب، تضاعف عليها الضغط عن طريق الهجرة وسبتة ومليلية. لماذا لم تعلن إسبانيا، منذ البداية، أنها تعترف للمغرب بالحكم الذاتي؟ نقطة ضعف إسبانيا هي اعتمادها على الغاز الجزائري، وظلت تتمنع عن الوقوف علانية مع المغرب في انتظار أن يبدأ أنبوب الغاز الجزائري الضخ نحو إسبانيا. حين بدأ ضخ الغاز الجزائري نحو إسبانيا، بدأت هذه الأخيرة تتحرك لصالح المغرب. أول فعل قامت به هو ذهاب وزير خارجيتها إلى واشنطن يطلب دعمها للوقوف معه، وفعلا كان من بين مخرجات الاجتماع حل قضية الصحراء الغربية(لصالح المغرب)(el mundo 18\01\2022). منذ أيام تحادث رئيس الحكومة الإسبانية مع الرئيس الجزائري لمحاولة التأكد أن الجزائر ستفي بتعهداتها فيما يخص تزويد إسبانيا بالغاز. إذن، مشكلة إسبانيا الآن هي مع الجزائر. الجزائر الجديدة القوية، بدأت هي الأخرى تتحرك ببرغماتية، وإسبانيا تعرف أن قضية الصحراء الغربية هي قضية حساسة بالنسبة الجزائر، سواء تعلق الأمر بالمبادئ أو بالأمن القومي. دعم إسبانيا للمغرب في قضية الصحراء الغربية، اذا نجح، هو دعم سياسي لدولة تهدد الأمن القومي الجزائري، ولا بد أن تتصرف الجزائر وفق مبادئها ومصالحها. 

هناك نقطة أخرى مهمة وجب الإشارة إليها وهي أن إسبانيا، حين أعلنت خيانتها الثانية للشعب الصحراوي، تحركت مثل اللصوص. بعثت رسالة إلى المغرب تخبره أنها تدعم الحكم الذاتي، لكن في بيانها للرأي العام العالمي والاسباني، لم تذكر الموضوع ولا بكلمة. باختصار، قضية الصحراء الغربية يحلها الكفاح المسلح، ولا إسبانيا ولا ترامب ولا إسرائيل ستحلها أو تؤثر فيها، وموقف إسبانيا معروف منذ البداية. الا تتذكرون أن المغرب فرح باعتراف ترامب وقال إن القضية تم حلها، وفرح بعلاقاته مع إسرائيل وقال إن القضية تم حلها، وفرح بفتح القنصليات وقال إن القضية تم حلها. القضية حلها مرتبط باستمرار الكفاح المسلح فقط. 

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء