تصحيح مغالطات بشأن اعتراف بعض الدول الغربية بالحكم الذاتي في الصحراء الغربية

 


تحاول أذرع النظام المغربي الإعلامية، في الداخل والخارج، تهويل وتضخيم اعتراف ماكرون بالحكم الذاتي المغربي مثلما ضخمت اعتراف ترامب وبيدرو سانتشيز ونتنياهو قبله، وتصوره كضربة قاضية لمشروع استقلال الصحراء الغربية. من بين هذه المغالطات ما نشرته جريدة "القدس العربي" يوم  10 غشت، تحت عنوان: لأسباب جيوسياسية مقبلة: هل بدأ الغرب الرهان على الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء الغربية؟ لكاتب مغربي اسمه حسين مجدوبي. في المقال يركز الكاتب على اعتراف ماكرون، ويقول أن الغرب، خاصة فرنسا، يتخوف من استقلال الصحراء الغربية ويفضل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية لأنها- دولة في الصحراء الغربية-ستكون تابعة للجزائر، وهذه الأخيرة ستكون تابعة لحلف الصين وروسيا. أولا، هذه المبرر ليس جديدا، وهو نفسه الذي تذرعت به فرنسا سنة 1975م حينما أيدت اتفاق مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا. ثانيا، فرنسا التي أيدت اتفاق مدريد سنة 1975م كانت تتحكم في نصف دول إفريقيا، وكانت تتزعم الدول الأوروبية، وكان لها نفوذ في بعض الدول العربية. الآن، فرنسا التي اعترفت بالحكم الذاتي لا تساوي بصلة: طُردت من إفريقيا، لا تتحكم في دول أوروبا، ومنشغلة بمشاكلها الداخلية ولا صوت لها في أي محفل، وإذا حدث أي تغيير على مجلس الأمن مستقبلا ستجد نفسها خارجه. لا أعرف هل الكاتب يلاحظ هذا أم يعيش في برج ايفل، لكن من  العاج؟ أسال الكاتب الذي يعتقد أن موقف فرنسا الجديد- هي وامريكا وإسبانيا وحتى والغرب عموما-، سيحل قضية الصحراء الغربية لصالح المغرب، لماذا لا يكون قد حلها من قبل هو الذي كان قويا، ووقف عسكريا وسياسيا مع المغرب وزوده بالأسلحة، وتدخل ميدانيا إلى جانب المغرب؟ في الشق الثاني من المقال المليء بالمغالطات، يقول الكاتب أن الغرب يفضل أن يضم المغرب أرض الصحراء الغربية حتى لا تكون، مستقبلا، قاعدة للصين وروسيا للهيمنة على سواحل المحيط الأطلسي. هذا الكلام مكرر، أيضا، وتم التطرق إليه سنة 1975م، وقيل، حينها، يجب ألا تكون هناك دولة شيوعية جديدة في الصحراء الغربية تكون نقطة هجوم متقدمة للاتحاد السوفييتي. أقول للكاتب، وأظنه يعرف هذا جيدا، وسبق وكتب عنه، أن التغيير في العالم قادم لا محالة، والمسألة مسألة وقت فقط، وأظن أن كل الخرائط موضوعة الآن على الطاولة، وبعد نهاية الحرب في أوكرانيا ستكشف الاطراف اوراقها، وإذا كشرت روسيا والصين واصدقاؤهما عن أنيابهم فلن يقف في وجه زحفهم لا المغرب ولا الولايات المتحدة الأمريكية ولا الغرب. في كل الحالات، التغيير القادم في العالم سيكون في صالح القضية الصحراوية. لماذا؟ لن تكون هناك قوة وحيدة تتحكم في العالم مثلما يحدث الآن، وستعمل الصين وروسيا على فرض دور جديد عادل للأمم المتحدة والقانون الدولي. سواء انتقل العالم إلى القطبية الثنائية أو إلى إصلاح مجلس الأمن، فكل ذلك في صالح الصحراويين أصحاب الحق والأرض. لنحلل مواقف الدول التي اعترفت بالحكم الذاتي: أولا، ترامب اعترف في آخر أيامه وهو يغادر البيت الأبيض، ولا أحد يعيره اهتماما لأنه شخص غير مسؤول، ومضت الآن أربع سنوات ولم يحل ذلك الموقف القضية مثلما طبلت جريدة "القدس العربي" لذلك الاعتراف حينها؛ بيدرو سانتشيز اعترف من وراء ظهر الحكومة والبرلمان، وسبب اعترافه هو ابتزاز المخزن له بعد سرقة معلومات من هاتفه، ويوميا يطالبونه بتفسير ذلك الاعتراف الذي يمكن أن يجره إلى السجن. ماكرون اعترف وهو في أسوأ أيامه، واسوأ أيام فرنسا، ولا يمكن استبعاد أن المغرب ابتزه،  أيضا، بمعلومات مسروقه من هاتفه مثلما حصل مع بيدرو سانتشيز. نتنياهو اعترف وفي اليوم الموالي رفع خارطة العالم العربي بلون والصحراء الغربية بلون. تحدث الكاتب عن الجزائر كثيرا في المقال، لكن مع ذلك يمكن اختصار الرد على كل ما كتب عنها في أربع كلمات: الجزائر سنة 1975م،  والجزائر التي اعادها الارهاب عشر سنوات إلى الوراء في الثمانينات والتسعينات، ليست هي جزائر 2024م. 

حتى لا يغالط محللو وكتاب جريدة "القدس العربي"، سواء المغاربة منهم أو المرتشين، القراء في العالم العربي، يجب التذكير بثوابت قضية الصحراء الغربية وهي: قضية تصفية استعمار لا تسقط بالتقادم؛ الدول الغربية التي اعترفت بالحكم الذاتي أخيرا كانت تدعم المغرب من موقف قوة، وموقفها الآن سنة 2024م هو موقفها سنة 1975م، لكن من موقف ضعف، وبالتالي لا جديد تحت الشمس: إسبانيا هي التي قسمت الصحراء الغربية مع المغرب، فرنسا هي صاحبة الفيتو لدعم المغرب، الولايات المتحدة الأمريكية هي التي نظمت المسيرة الخضراء، وكخلاصة، الشعب الصحراوي هو الذي يقبل أو يرفض الحكم الذاتي أو أي حل آخر. 

السيد حمدي يحظيه 



يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء