إدارة بوش تحث المغرب كي يبدأ ترتيبات الحكم الذاتي

الذي استنتجته إدارة بوش هو ان على المغرب أن يبدأ حالا- نحن في سنة 2006- في إعداد مسودة للحكم الذاتي، لكن مستشار الملك، اليهودي ازولاي كان قد أعد مسودته من قبل وهي في الدرج وتنتظر فقط الموافقة الأمريكية بالدرجة الأولى..لكن مشكلة المغرب مع الولايات المتحدة، ورغم حماسها القوي لمساعدته في الأمم المتحدة، نه غير قادر على إنتاج مشروع حكم ذاتي ذا "مصداقية" حسب التصور الأمريكي. ورغم أن ازولاي اليهودي كان قد ناقش مسودته للحكم الذاتي سريا مع بيكر في سنة 2001م، ورغم أن بيكر قبلها وقبلها تحت مسمى " الأتفاق الإطار"، إلا أن الأمريكان كانوا يريدون حكما ذاتيا بعيون أمريكية. من وراء الستار- المكان المفضل للولايات المتحدة في قضية الصحراء منذ سنة 1975م- كانت إدارة بوش تعمل ليل نهار كي ترى مخططا مغربيا للحكم الذاتي،" ذا مصداقية" يعطي كل شيء للصحراويين ما عدا السيادة. لكن مشكلة الأمريكيين أنه، بعد عقود من الزمن، لازال يستعصي عليهم فهم وهضم معضلة ان الصحراويين، تاريخيا، يفضلون إعطاء كل شيء مادي ونفعي مقابل الكرامة والسيادة.. ففي حين كان الأمريكيون، بطريقة غير مباشرة، يغروون الصحراويين بإعطائهم التصرف في كل شيء ما عدا السيادة، كان الصحراويون يردون عليهم انهم يريدون السيادة وما عدا ذلك سيعطونه للمغرب الفقير الجشع.   

ففي فبراير 2006م بعثت الإادارة الامريكية مسئولا رفيعا فيها هو السيد وليام جوردان إلى المغرب ليقف على التحضيرات المغربية الحثيثة للخروج إلى العالم بمخطط الحكم الذاتي. التقى وليام جوران مسؤلين مغاربة من بينهم سفير المغرب لاحقا في الأمم المتحدة عمر هلال، ومع شخصيات أخرى. خلال اللقاء حث جوردان المسئولين المغاربة على التفكير بجد في مخطط حكم ذاتي موسع وسخي يجعله، في النهاية، ذا مصداقية وواقعية عند الشعب الصحراوي. من جهة اخرى حث المسئول الأمريكي المغاربة على التحضير بجد للتفاوض مع البوليساريو.. التفاوض مع البوليساريو جاء فقط بعد أن اغلق الرئيس الجزائري اثناء لقائه بالسناتور لوغار في غشت 2005م، كل النوافذ والأبواب أمام أي فهم خاطئ ان الجزائر يمكن ان تتفاوض مع المغرب حول قضية الصحراء الغربية.. رضخ الأمريكان للواقع وقرروا "حث" – في اللغة الأمريكية السياسية كلمة "حث" تعني فرض- المغرب على التفاوض مع البوليساريو، لكن فقط حول نقطة واحدة هي الحكم الذاتي.. وحتى يجعل المسئول الأمريكي- جوردان- المغاربة يوسعون من حدود مشروعهم المنتظر، قال لهم " إن الولايات المتحدة تقاسم المغرب نفس وجهةالنظر التي يتبناها الكثير من البلدان التي مفادها أن " دولة مستقلة في الصحراء الغربية" هي غير واقعية، وأن أكثر الحلول واقعية هو الحل الذي يضمن للصحراويين قدر معتبر من الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.." وطمأن المسئول الأمريكي المغاربة أنه سيتوجه إلى تندوف للقاء قيادة البوليساريو كي يضغط عليهم- مصطلح يضغط استعمل هكذا في تقرير السفارة الأمريكية في الرباط بتاريخ 2 مارس 2006م- كي يقبلوا التفاوض مع المغرب بدون شروط مسبقة.. 
حسب نفس التقرير الأمريكي المذكور رقم 06rabat389_a( مكتبة الدبلوماسية الأمريكية كذلك ويكيليكس)  فإن المسئول الأمريكي جوردان، وبعد لقاء بعض المسئولين المغاربة أعاد التصريح مرة أخرى أنه يرى ان " دولة مستقلة في الصحراء الغربية هي غير متناسقة مع التفكير الأمريكي، وبالنسبة للكثير من المجموعة الدولية.. إن حلا متفق عليه متبادل يمنح حكما ذاتيا حقيقيا من خلاله يستطيع الصحراويون تحقيق تقرير المصير في إطار السيادة المغربية، كان هو الحل المفضل. إن الولايات المتحدة تظن أن هذا يمكن الوصول إليه.. إن تقديم مشروع حكم ذاتي لمجلس الأمن في جلسته القادمة سيكون هو الخطوة المقبلة(..) إن صيغة جديدة أصبحت ضرورية للتقدم إلى الأمام، لكن بمساعدة المجموعة الدولية ومجموعة أصدقاء الصحراء الغربية.. (..) إن المخطط المغربي يجب أن يشمل كل المناحي وويدعمه الشعب الصحراوي..
ويواصل المسئول الأمريكي جوردان- دائما حسب التقرير- قائلا ان الذي يقلق الولايات المتحدة الأمريكية هو المظاهرات في الإقليم سواء كانت بتحريض من البوليساريو أو تكعس ما يحدث في الداخل والتي تعطي الانطباع أن الصحراويين مهمشين..(..)إن نهاية دائمة للصراع، تتطلب حلا يمر عبر سكان الإقليم.. إن الجزائر - حسب جوردان- ستكون مهتمة كثيرا في البحث عن حل.. بدون الجزائر سوف لن يكون هناك حل دائم، ولن يكون هناك ضغط على البوليساريو يمكن القيام به.. إن الولايات المتحدة الأمريكية تحث المغرب ان يتفاوض مباشرة مع البوليساريو أو مع ممثلي الشعب الصحراوي. ان الولايات المتحدة لا يمكن أن تتصور حلا ملموسا بدون ذلك. إن الولايات المتحدة قلقة بشان الأنشطة " الاستفزازية" للبوليساريو في ما يسمونه المناطق المحررة.."
وبلغة الأمريكي المتعالية أخبر الموفد الأمريكي محاوريه المغاربة أنه سيزور مخيمات تندوف وسيتصل بمسؤلي البوليساريو، وسيشدد على المخاوف الأمريكية من الأنشطة التي تهدد استقرار المنطقة، وأن الطريق الوحيد المتبقي هو الحل الدبلوماسي. يجب أن يتم فرض على البوليساريو أن تولي أعتبارا جديا، رغم أعتراضها المعلن، للمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي.. إن الولايات المتحدة ستحضر نفسها لتساعد، إذا وافقت البولليساريو، في التوصل إلى حل سياسي..
(حذاري: مصطلح "الحل السياسي" هو مصطلح خطير لإنه يهدف إلى القفز على الحل القانوني الموجود في قانون الأمم المتحدة والذي يضمن حق تقرير المصير.)
ويواصل الموفد الأمريكي جوردان قائلا بنفس اللغة المتعالية" أنه سيخبر الجزائر بصراحة أنها لا تستطيع أن تبقى خارج المشهد، وان حلا دائما يتطلب المساهمة التامة للجزائر.
وفي لقاء آخر لنفس الموفد الأمريكي مع مسئول مغربي قال له:" غن أمريكا تنتظر بفارغ الصبر خروج المقترح المغربي- الحكم الذاتي- إلى الوجود. إن مشكلة الصحراء تتصدر الواجهة التي من خلالها يتم تشويه صورة المغرب عند المجموعة الدولية.             
الذي نستنتجه من التقرير ومن أفكار الموفد الأمريكي أن الولايات المتحدة كانت تنتظر من المغرب مشروعا للحكم الذاتي يشبه تقرير المصير؛ أي يعطي كل شيء للصحراويين ولا يبقى للمغرب ما عدا العلم فقط، وان أمريكا مقتنعة أن الجزائر هي الوحيدة في العالم التي تستطيع أن تضغط على البوليساريو، وأنه لا يمكن أستثناؤها من أي حل. نستنتج أيضا أن المغرب كان مترددا في أقتراح صيغة للحكم الذاتي ترضي الشعب الصحراوي ويرضى عنها الأمريكان.    

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء