الولايات المتحدة تحشد قواها لدعم المغرب، لكنه يخذلها



أقتربت جلسة مجلس الأمن في نهاية أبريل سنة 2206م، لكن دون أن يقدم المغرب مسودة مشروع الحكم الذاتي " الجدي" "ذا المصداقية" الذي كانت تنادي به\ تتصوره الولايات المتحدة الأمريكية. كانت السفارة الأمريكية في الرباط المكلفة بمتابعة المشروع المغربي للحكم الذاتي قلقة جدا من تأخر المغرب، ومن عدم جديته ومن مماطلته. قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن بأيام بعثت السفارة الأمريكية بالرباط تقريرا إلى كتابة الدولة للخارجية تخبرها فيه بعدم جدية المغرب في تقديم المشروع الذي كانت تتنظره الولايات المتحدة الأمريكية.. التقرير كُتب بتاريخ 20 أبريل 2006م تحت الرقم 06rabat729_a وفيه تقول السفارة: "إن المغرب منخرط في عملية منحطة لتأجيل التقدم إلى الأمام نحو حل متفاوض بشأنه حول صراع الصحراء الغربية.. فمشاوراته الداخلية حول حكم ذاتي للصحراء الغربية لا يمكن أخذها على محمل الجد، وتهدف إلى استبعاد أولئك الذين لديهم وجهات نظر مختلفة- مع نظرة المغرب-.  إن القصر،حاليا، لديه دعم كاف من طرف الكثير من الأحزاب السياسية كي يتقدم بمشروعه، لكن يبدو أنه يؤجل ذلك لإن وضعية الجمود تعمل لصالحه.. إن محادثات سرية بين البوليساريو والمغرب مثلما أقترح السفير بولتون، بموافقة الجزائر، هي فكرة جيدة لإنها يمكن أن تساعد في خلق شعور أن لا محيد عن الحكم الذاتي، وستقود إلى المفاوضات.. إذا حدثت المفاوضات يجب أن نجعل الفرنسيين في حالة علم تام بذلك، ونبدأ في مساعي مشتركة مع فرنسا – في سفارتيها- في الرباط والجزائر.. إن السفارة- في الرباط- تتفق – مع مقترح بولتون- أن يكون هناك تجديد محدود للمينورسو لمدة 90 يوما، وخلالها يجب طلب من المغرب أن يحدِث تقدم في مشروع الحكم الذاتي وفي المحادثات مع البوليساريو.. هذا الوقت- التسعون يوما- يجب أن يتم استغلاله لتجريب طرق لتحويل المسئولية مباشرة إلى الجزائر والمغرب لمنع أي تصادم، وتحديد طرق أخرى للتبليغ بالأخطار المتعلقة بالإرهاب والتهريب في الساحل..                       
إن المغرب قد بدأ ما يمكن أعتباره لف ودوران بطئ في قضية الصحراء الغربية، ليس بتقاسم مشروع حكم ذاتي إنما مخطط ربح وقت في مشاورات داخلية لتبرير التأخير لملجس الأمن، وتحاشي عمل مباشر يستطيع أن يقود إلى تسوية للصراع.. فبينما هناك أعتبار مهم في تأكيد المغرب على إجماع وطني من خلال مسلسل تشاوري واسع، إلا أن هذه فقط مجرد حجة تهدف إلى لفت أنظار الولايات المتحدة وحساسيات عالمية أخرى.. في الحقيقة، الملك والحكومة يتمتعان بدعم واسع من الأحزاب السياسية للتقدم إلى الأمام في مقترح الحكم الذاتي(..). إن المسلسل التشاوري الذي يُسييره، نيابة عن الملك، المجلس الاستشاري للشئون الصحراوية( كوركاس) لا يجب أخذها على محمل الجد.. إن أعضاء المجلس الاستشاري تم التحكم فيهم من طرف القصر، وتم استدعاؤهم إلى الرباط وليس إلى العيون. أولئك منهم الذين عبروا عن أراء مختلفة تم إقصاؤهم رغم تأكيد الوزير المنتدب الفاسي الفهري للسفارة الأمريكية أن المشاورات ستكون ذات مصداقية وجدية.. لماذا هذا التأخير؟ لماذا أختار المغرب أن يؤجل. ؟
تجيب السفارة في الرباط في نفس التقرير المذكور على الأسباب التي جعلت المغرب يختار التأجيل: "المغرب يرى نجاحه في التخلص من مخطط بيكر والإبقاء على حالة الجمود والسيطرة على الإقليم أنها تعمل لصالحه؛ المغرب لا يعتقد أن حلا مرضيا- للمغرب- سيكون ممكنا ما دام بوتفليقة في السلطة في الجزائر؛ من جهة أخرى، القصر يخشى ان بعض الأحزاب يمكن أن يحاول معارضة الحكم الذاتي(..).
إن الدوافع الوحيدة التي تحفز المغرب للتوصل إلى حل هي رغبته في أعتراف عالمي بسيادته على الصحراء، وتوقف الانتقادات العالمية لانتهاكه لحقوق الإنسان في الإقليم.
ويمضي تقرير السفارة الأمريكية في الرباط قائلا: " قضية واحدة فقط يبدو ان المغرب على حق فيها وهي الحاجة إلى خلق شعور في المنطقة أنه لا محيد عن الحكم الذاتي كنتيجة محتملة وكوسلة لإقناع البوليساريو بالتفاوض حول مقترح جدي(..) لتسهيل حوار هادئ بين البوليساريو والمغرب مثلما يقترح السفير بلتون- سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة آنذاك- وبدعم جزئري، سيجعل دور أمريكيا بناءا في هذه المرحلة، وبذلك يمكن أن يقود إلى أتفاق حول مفاوضات مباشرة.. ويجب دعوة الجزائر.. إذا حضرت الجزائر سيكون ذلك مفيدا، وفي حالة لا، ستمد يدها حقيقة في إشارة إلى المساعدة.. يجب أن نتوقع أن المفاوضات الأولية ستكون فقط حول الاختلافات والجروح الماضية أكثر مما ستكون حول المستقبل، لكن مع ذلك ستكون خطوة أولى نحو مفاوضات مباشرة.. في نفس الوقت، ستكون مهلة التسعين يوما المقترحة للمينورصو إشارة للمغرب أن صبر مجلس الأمن حول مماطلاته لن يبقى بلا حدود، وانه- المجلس- سوف لن يبقى موافقا على أجندة مغربية غامضة. خلال هذه الفترة أيضا يجب العمل بأتفاق مع الفرنسيين.. المحادثات مع السفارة الفرنسية هنا- في الرباط- تظهر أن فرنسا تجد أن الاختلاف بسيط مع الولايات المتحدة حول قضية الصحراء الغربية، وترى أن هذا الصراع هو مساحة لإمكان حدوث تعاون أمريكي فرنسي. إن مجهودات الولايات المتحدة في تسهيل إطلاق سراح أسرى الحرب المغاربة في غشت الماضي- غشت 2005م- قد فاجأ الفرنسيين، وجعل القلق يتعاظم في باريس من أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تتدخل بمفردها في هذه القضية.. إن شعورا جديدا وظهورا لمصلحة مشتركة حول الصحراء الغربية بين أهم شريكين عالمييين للمغرب- فرنسا وأمريكا- سيرسل رسالة قوية(..) وسيزيد الضغط على المغرب والجزائر..،"
التقرير الأمريكي المذكور يوضح إلى أي مدى كانت الإدارة الأمريكية تحشد كل قواها كي تقنع المغرب، من جهة، ومن جهة أخرى تضغط عليه كي يقدم مقترحا للحكم الذاتي يرضي البوليساريو، لكن يوضح، أيضا، - التقرير- أن المغرب، رغم خوفه من أمريكا، كان يناور معها قدر الإمكان لإنه ليس في مقدوره تقديم حكم ذاتي مثلما تريد الولايات المتحدة، ويعرف، مسبقا،- وهذا ما لم تعرفه الوايات المتحدة- أن البوليساريو سترفض مقترحه للحكم الذاتي..              

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء