الرئيس الجزائري يعاند الأمريكان في قضية الصحراء




حين كان بوتفليقة وزيرا للخارجية في السبعينات كانت أكبر قضية واجهته- بالإضافة إلى القضية الفلسطينية- هي قضية احتلال المغرب للصحراء الغربية؛ أحتلال غير شرعي والذي لم يجد من يقف في وجهه  في الأمم المتحدة سوى الجزائر وثلة قليلة من الدول.. ولم يقف بوتفليقة- الجزائر- آنذاك في وجه المغرب، لكن كان عليه ان يقف في وجه أعتى قوة رجعية- بلغة ذلك العصر- هي الولايات المتحدة التي دعمت المغرب في تجاوزه للقانون الدولي.. وقف بوتفليقة الند للند في وجه من كا يظن نفسه هو أكثر وزير خارجية تأثيرا؛ كيسنجر المتهور، الذي كان يقضي اكثر وقته يرسم خريطة العالم كما يحلو له ثم يأمر بتنفيذ ذلك..
في سنة 2006م، حاولت الولايات المتحدة، مرة أخرى، أن تدعم المغرب في مشروعه للحكم الذاتي، لكن، من سوء حظها، وجدت بوتفليقة مرة أخرى بنفس التصميم ونفس السياسة القديمة التي ظن البعض أنها ماتت مع بومدين.
حسب تقرير للسفارة الأمريكية بالجزائر بتاريخ 1 جويلية 2006م تحت الرقم 06algiers1219_a، فإن الرئيس المتغطرس بوش الإبن، بعث وفدا عالي المستوى إلى الرئيس بوتفليقة ليناقش معه\يضغط عليه أن تفتح الجزائر حوارا مع المغرب حول الحكم الذاتي في الصحراء الغربية والعلاقات الثنائية وفتح الحدود.           
الوفد الأمريكي كان بقيادة مساعد الرئيس للأمن ومكافحة الإرهاب، فرانثس فراغو ودام الاجتماع ساعة إلا ربع يوم 18 جوان 2006م.    
كان بوتفليقة يعرف أن الأمريكان لا يأتون إلى الجزائر إلا من أجل الاقتصاد أو قضية الصحراء الغربية. حسب التقرير فإن بوتفليقة قال لهم في بدايةالاجتماع، لنتحدث عن قضية الصحراء الغربية لإن الزوار الأمريكان يحبون دائما الحديث عنها معي. بدأت رئيسة الوفد الأمريكي بالقول ان الرئيس بوش طلب من بوتفليقة ومحمد السادس ان يتوصلا إلى حل لخلافاتهما، وأنه أيضا- بوش- يقدر دور بوتفليقة في إطلاق سراح الاسرى المغاربة ال404 من عند البوليساريو – العملية حدثت في صيف 2005م بطلب امريكي- وان ذلك ما كان ليحدث دون شجاعة بوتفليقة.. بعد ذلك سألت رئيسة الوفد بوتفليقة عن رائه بخصوص حل المشكلة؟ - مشكلة الصحراء الغربية طبعا-   
تدخلَ بوتفليقة ليقول فقط أن القوة الكبرى، الولايات المتحدة الأمريكية، يجب ان تحترم قرارات الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وواصل يقول انه خلال لقائه- بوتفليقة- مع بوش في سنة 2001م، طلب منه بوش ان يعمل بجد مع بيكر، وانه فعل ذلك، وساعد مخطط بيكر بقوة وحماس، وانه ما كان ليفعل ذلك لولا طلب الرئيس بوش. إن الجزائر تم فرض عليها أن تتعامل مع المغرب مثلما يتعامل معها: ترفض أي شيء يتقدم به المغرب والعكس. ومع ذلك- يقول بوتفليقة- أنه اتخذ قرارين أحدهما هو أن قضية الصحراء لن تكون هي سبب النزاع مع المغرب، والآخر هو أن الجزائر ليست لها أطماع في الصحراء ولا في خيراتها. إن المغاربة يقولون أن الصحراء هي المشكلة بين الجزائر والمغرب. لو كنت قادرا على حلها لفعلت، لكن لا استطيع أن أتخذ قرارا نيابة عن الصحراويين. المغرب والبوليساريو يجب أن يجدا حلا، ويستطيعان فعل ذلك بمساعدة أمريكية. الجزائر ستشجع أي أتفاق تم التوصل إليه بين المغرب والبوليساريو، لكن الذي يخيف هو حل يتم فرضه على الصحراويين. في هذه الحالة- يقول بوتفليقة- الجزائر ستدافع حتى النهاية عن حق تقرير المصير للصحراويين..      
تدخلت رئيسة الوفد الأمريكي في النقاش لتقول:" إن قضية الصحراء الغربية تشكل قضية ذات أهمية كبرى عند الرئيس بوش، وأن نقص الاستقرار يمنع التعاون الجهوي. قال بوتفليقة، إن جيمس بيكر سيكون احسن مستشار يستعين به الرئيس بوش –في هذه القضية-؛ هو رجل له مؤهلات خارقة للعادة، وكان عارا أن يستقيل بيكر. أتعجب – يقول بوتفليقة- كيف لا يمكن للرئيس ان يقنع بيكر كي يعود لمنصبه السابق- ممثل خاص بالصحراء الغربية-. بالنسبة لبوتفليقة، إعطاء تنازلات للمغرب هي مثل إعطاء أحسن نقاط سيرة لأكثر تلميذ مشاغبة في القسم."
لم يحصل الوفد الأمريكي على أي تنازل من طرف الرئيس بوتفليقة؛ بالنسبة لهذا الأخير الحل الوحيد الذي يمكن أن يحدث بشأنه تنازل وقبله الصحراويون هو مخطط بيكر الثاني.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء