كتالونيا، الديمقراطية تتوقف عند حدود المصالح


File:Flag of Catalonia.svgالغرب يوقظنا وينومنا كل يوم على شعاراته البراقة وعلى الديمقراطية حتى أصبحنا نتهم أنفسنا أننا ديكتاتوريين وظالمين  وحتى مجرمين. الديمقراطية الحقة مثلما نظَّر إليها اليونانيون هي صناديق الاٌقتراع وهي حكم الأغلبية\ الشعب وهي صوت لكل شخص.. هذا المفهوم ورثه الغربن لكن جعله هكذا: الديمقراطية هي مصلحة الأقلية القوية، وتحدد ملامحها المصالح.. الغرب يقول أنه ديمقراطي، وهذا هو ما نراه في شاشات التلفزيون وفي تصريحات المسئولين في الغرب، لكن، الحقيقة، أن المصالح حين يتم المساس بها يضرب الغرب بشعارات الديمقراطية عرض الحائط وعرض السماء وعرض البحر، ويرمي اليونان وكتب فلاسفتها ونظرياتهم في النار..
كتالونيا التي تضمها أسبانيا بالقوة منذ قرون تريد الاستقلال، تريد الحرية، وتريد التصويت فقط لتجرب الديمقراطية التي يملأ بها الغرب أشداقه،. الكتلانيون، في السر، يصفون أسبانيا أنها استعمار، ويريدون التخلص منها بالديمقراطية بدلا من العصيان..
في الحقيقة أسبانيا خائفة من تداعيات ما يقوم به الكتلانيون، وبدل أن تتعامل مع الموضوع بالديمقراطية، بدأت تطحن الشارع الكتلاني بكل ما تمتلك من قوة ومن نفوذ. المصالح تكشح عن عضلاتها وتستخرج أنيابها.. الكتالانيون، مثلهم مثل الباسكيين، يكرهون الأسبان وينظرون إليهم من فوق نظاراتهم ويحتقرونهم.. من جهتهم، الأسبان يكرهون الكتالانيين ويحاولون التعالي عليهم، لكن يخشون انفصالهم\ استقلالهم حتى لا يخسرون اللبن الذي يرضعونه من بقرة كتالونيا.. كتالونيا تمثل 20% من اقتصاد أسبانيا، والباسك يمثلون 15% من اقتصاد أسبانيا، وبالتالي فخسران الإقليمين القويين أقتصاديا يعني أن أسبانيا ستتحول إلى دولة فقيرة تشبه المغرب. ستصبح أسبانيا دولة للغجر وللمهاجرين من أمريكا اللاتينية ومن المغرب فقط.. الأسبان- وهذا طبيعي- يتصورون أن استقلال كتالونيا سيجعل الباسك يطالبون، في اليوم الموالي، بالاستقلال، وبالتالي لن تستطيع أسبانيا الوقوف في وجههم..
حتى لا تخرج كتالونيا من الحظيرة الأسبانية  تم شن حملة في الخارج تحبط من عزائم الكتلانيين وتم حتى استجداء اوباما ومركل وهولاند ليقولوا أمام التلفزيون أنهم يفضلون التعامل مع أسبانيا موحدة؛ أي أنهم ضد استقلال كاتلونيا، وتم الترويج أن كتالونيا مستقلة لن يقبلها الاتحاد الأوروبي، وستبقى محاصرة من جميع الجهات.
من جانب آخر لعبت أسبانيا على الوتر الحساس للكتاليين: المال. فالكتالانيون معروفون أنهم يحبون المال أكثر من العادي، والأسبان يتهكمون على الكتالنيين ويقولون أنهم يعبدون المال.. بدأت الحملة من البنوك ومن وكالات الصرف، وأبدأ الترويج أن كتالونيا مستقلة يعني أن البطالة ستزيد وستنسحب الشركات الأسبانية منها، وسيبدأ جمع الضرائب ويتم فرض على الكتالاني أن يحصل على الفيزا إذا أراد دخول أسبانيا، وسينقص مرتب المتقاعدين، وسيحدث حصار على الشركات الكتلانية..  وحتى أن بعض رؤساء الأحزاب جاء إلى التجمعات يحمل تفاحة ليقول للكتالانيين أن الاستقلال سيجعل تفاحهم يكسد ويفسد..
فريق ريال مدريد يريد استقلال كتالونيا، وفريق البارصا ضد الاستقلال. غريبة لكنها حقيقة.. المصالح تكشر عن أنيابها دائما حتى في كرة القدم..
وحتى في عالم كرة القدم بدأت الحرب. ففريق ريال مدريد يتمنى أن تستقل كتالونيا ولتخرج البارصا من الليغا، ويكون هو سيد المنافسة وليحصد المزيد من الألقاب، ويكون هو المتوج دائما..
فريق البارصا لا يريد الاستقلال خوفا من أن يخرج الفريق من الليغا، فيصبح بلا منافسة وبلا بطولة وبالتالي يرفض هذا الفريق، الذي يُعتبر فخر كتالونيا، أن يلعب مع فرق قرى صغيرة مجاورة بدلا من أن يلعب مع الكبار..       

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء