اللهم احفظ مخيماتنا من الفيضانات( مقال مكتوب سنة 2007)

المقال منشور في صفحة اتحاد الكتاب الصحراويين سنة 2007م والرابط هو  http://upesonline.info/bodyindex.asp?field=articulos&id=1672 
07/09/2010 
 
يرى علماء الجغرافيا ان التغير المناخي الذي يتحدثون عنه منذ مدة أصبحت علاماته، يوما بعد يوم، تظهر جليا في كوكب الأرض، فالمناطق المتجمدة صارت أقل مما كانت عليه منذ خمس سنوات والزلازل صارت تضرب بقوة مدمرة لم تعرف لها الأرض مثيلا من قبل والسيول والفيضانات بدأت تغرق المناطق والأوطان بالمياه وتحول كل شيء إلى طمى. ولن نتكلم عن ارتفاع درجات الحرارة ودرجات البرودة وما إلى ذلك من الظواهر الأخرى التي ينسبها الجغرافيون والجيولوجيون إلى التغير المناخي.

هنا أريد أن أتحدث عن ظاهرة الفيضانات التي تصاحب التغير المناخي، لكن ليس من باب أنني سأتفلسف وأتحدث عن أسبابها ولماذا تحدث هذه السنوات الأخيرة بالضبط بعنف يكاد يغرق أوطانا بكاملها، هذا أنا- في الحقيقة- لا افقه فيه أي شيء البتة. إن الذي جعلني أتحدث عن الفيضانات هو الخوف من إن تحدث فيضانات وطوفانات يوما ما، لا قدر الله، لا قدر الله، لا قدر الله في مخيماتنا البسيطة الواقفة في العراء بعيدا عن أي حماية طبيعية أو أسمنتية. إنني أتصور أن تخوفي من حدوث فيضانات في المخيمات مشروع، ومن حقي كما من حق أي شخص آخر أن يتصور ويتخوف ويطلب من المواطنين والسلطات أن يتخوفوا معه ويتوخوا الحذر. قد يقول قائل إن مخيماتنا توجد في منأى تام عن الفيضانات، وأن هذه الأخيرة تحدث فقط في بلدان هي معروفة أصلا بأمطارها الطوفانية وبسحبها وبمناخها كذا وان الحمادة لا تحدث فيها السيول المدمرة. وقد يقول لي البعض "فمك لحسو غراب" ويقول لي البعض الآخر" ما انَّا على فالك". نعم، لنطلب جميعا الفأل الحسن والسعد الميمون لمخيمات شعبنا الضعيفة ماديا، لكن من جهة أخرى يجب أن نحتاط ولا نكتفي برفع الأيدي بالدعاء فقط..

حسب أهل الجيولوجيا فإن التغير المناخي يعني حدوث ظواهر طبيعية خارقة في أماكن هي أصلا غير معروفة بها. إنهم على حق، فالفيضانات التي ضربت باكستان وأغرقته كاملا تقريبا لم يعرف لها البلد مثلا منذ حوالي مئة سنة، لن نذهب بعيدا، فالجارة موريتانيا ذات الامتداد والجغرافية الصحراوية، التي تشبه إلى حد ما المنطقة التي توجد فهيا مخيماتنا، غرقت منها مناطق كثيرة لم تشهد هي الأخرى قطرة مطر منذ مئات السنوات.

إن المشكلة أن الأمطار التي يحدثها التغير المناخي تضرب بقوة شرسة وفي وقت قليل تحول كل شيء إلى طمى وتترك القتلى والجرحى والمشردين وتلحق دمارا هائلا بالممتلكات. أليس من حقنا أن نتخوف أو نحتاط من أن تحدث فيضانات وسيول في مخيماتنا لا قدر الله.

إنها كارثة لو حدثت. فالمخيمات توجد كلها في منخفضات (حُفَر): العيون، السمارة، الداخلة، 27 فبراير، وباختصار فكل الولايات توجد في منخفضات. وليس هذا فقط فما هو موجود من مباني ومنشآت هي أصلا هشة ولن تقاوم الفيضان لو حدث بالقوة التي حدث بها في موريتانيا أو في باكستان.

إن الحديث عن الفيضانات في المخيمات ليس من باب زرع الرعب في نفوس الناس ولا بهدف تخويفهم لكن بهدف الحذر. صحيح، إننا لن نستطيع وقف قضاء الله وقدره ولن نرد ما في الغيب، وحتى لو حدثت سيول في مخيماتنا لن نستطيع أن نفعل أي شيء مادي ملموس لنوقفها: لن نغير أماكن الولايات لنضعها فوق مرتفعات، ولن نسد منافذ المياه لو سالت، لن نستعمل المروحيات لنقل الغارقين. هذا ليس لدينا طاقة به، لكن من واجبنا كمواطنين وكسلطات أن نوعي الناس بخطر كارثة مثل التي تحدث في هذا العالم خاصة السيل.
فكما يقولون إن الحذر والحيطة هما نصف الانتصار، علينا نحن كذلك أن نحتاط حتى لا تفاجئنا الأمطار ونحن نيام. إن الخوف هو من الأمطار وحدها التي لم تعد في المدة الأخيرة تسامح أي مكان مرت به. إن فيضانات التغير المناخي لن تكون مثل الفيضانات التي أصابتنا في مرات ماضية ولن تمر مرور الكرام هذه المرة.
في الأخير "ما نكم على فألي، فمي لحسو غراب".
أللهم أحفظ مخيماتنا شر السيول ورمضان مبارك وعيد سعيد لكل الصحراويين.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء