كيف ساعد المغرب البوليساريو لتتغلب عليه دبلوماسيا


في مرة ماضية حدثني شاب صحراوي يعمل في مكتب للبوليساريو في دولة أجنبية أن المخزن المغربي يطارد تحركاته ويحاول أن يجمع معلومات عن ما يقوم به في تلك الدولة، لكن المخزن نسى- يقول الشاب- أن الشخص الذي يطاردونه ليست له إمكانيات تجعله يقوم بما يظن المخزن أنه يقوم به، وأنه يزور عائلته مرة في السنة وبصعوبة، وأنه بالكاد يصل إلى نهاية الشهر بالمرتب القليل المخصص للقنصلية، لكن هي الدبلوماسية الثورية، تعتمد على قوة الحجة."    
يقوم المخزن المغربي بحملة كبيرة في العالم كي يجمع معلومات "مهمة" عن دبلوماسية البوليساريو. فهذه الدبلوماسية، هي بالنسبة له، لغز وعلى اللغز ن يحل نفسه بنفسه.. ففي دولة يوجد فيها مكتب للبوليساريو يقوم المخزن بالتجسس عليه ومحاولة جمع معلومات عن كيف يتحرك وكيف يعمل وما هي الوسائل التي يستعمل.. فدبلوماسية البوليساريو التي تلعب لعبة اليربوع مع المغرب يظن هذا الأخير أنها تعمل وفق استراتيجية مدروسة بالتوقيت والزمان والمكان، أنها تتوفر على إمكانيات هائلة تجعلها تتحرك بسهولة ويسر في اي مكان أرادت، فمرة تضرب في السويد والبلدان الاسكندنافية فيتوجه المغرب إلى هناك مهرولا ليطفئ الحريق، لكن في اليوم الموالي تضرب في جنوب إفريقيا فيتم إصدار توصية من البرلمان الإفريقي يقول المغرب نفسه عنها أنها أنتصار للدبلوماسية الصحراوية..
والحقيقة من كل هذا أن المغرب، الذي يظنه الكثيرون في العالم قوي بما فيه الكفاية ليحمي نفسه، لا يفعل أكثر من أن ينهك نفسه بالجري وراء دبلوماسية صحراوية هي غير موجودة بالمعنى المادي للكلمة؛ دبلوماسية شبح، تنتقل من مكان إلى مكان دون أن يتم رصدها أو يتمكن أحد من معرفة خططها وأساليبها..
فهذه الدبلوماسية الصحراوية التي يطارد المخزن ويحاول أن يجمع معلومات عنها هي في الحقيقة غير موجودة كطاحونة تعمل بإمكانيات خارقة مثلما يظن المغرب أنها كذلك. فالدبلوماسي الصحراوي، لا إمكانيات له وهوغير موجود على الساحة كدبلوماسي يستطيع أن يغيير من مجريات الأحداث، وهو يعيش بمرتب صغير لا يكاد يصل إلى نهاية الشهر، وفي الكثير من الأحيان بلا سيارة ولا أدوات أتصال ولا يزور عائلته إلا مرة في السنة ومع هذا يظن المغرب أنه يسجل نجاحات كبيرة تربك الآلة المخزنية وتجعل ميكانيزماتها تتعطل..
في الحقيقة، حين نتمعن فيما تتوفر عليه الدبلوماسية الصحراوية من إمكانيات زهيدة، نجد أنه من المستحيل أن تُغير من المعادلة، ومن المستحيل مقارنتها بنظيرتها الطاحونة المغربية التي تعمل ليل نهار في الكواليس وفي السر والمطابخ. فهذه الدبلوماسية البسيطة أو الرمزية التي يقول المغرب أنها أزعجته وانها أربكته هي في الحقيقة خيالية، أو هي شماعة يحاول أن يعلق عليها إخفاقاته الدبلوماسية..
لقد نسى المغرب أنه، بغبائه السياسي والدبلوماسي وخطائه في أعتماد استرايجية غير واعية بعيدة المدى، هو الذي جعل القضية الصحراوية تصل إلى أكبر المحافل الدولية دون أن تحتاج إلى دبلوماسية طاحونة أو إلى جيش من السفراء وللوبيات.. هناك رباعي  أضلاع قوي هو الذي جعل الدبلوماسية الصحراوية تتفوق على المخزن المغربي في العالم، وأضلاع هذا الرباعي هي: عدالة القضية، شرعيتها وصمود أصحابها وكذب الدبلوماسية المغربية وفقدانها للمصداقية . فهذه الأضلاع الأربعة هي التي جعلت الدبلوماسية\ القضية الصحراوية تتفوق في العالم.. يقابل مربع الأضلاع هذا مربع أضلاع آخر رسمه المغرب بغباء: الهروب إلى الأمام، الكذب، فقدان المصداقية والإفلات من المخططات ومن عنق الزجاجة كلما تم التضييق عليه..
لقد ساعد المغرب بكذبه وزيف أدعاءته وأتباعه لتكتيك الإفلات من المخططات دبلوماسية البوليساريو كثيرا كي تتفوق وتحصد الأعترافات، وبالمقابل قلص من فرص نجاح الدبلوماسية المغربية التي يتم صرف عليها سنويا حوالي أكثر من 60 مليون دولار كي توقع بالبوليساريو وتربح القضية الصحراوية.. فأتباع استراتيجية الإفلات من المخططات والهروب إلى الأمام ومحاولة التخلص كل مرة من عنق الزجاجة هو الذي جعل العالم يكتشف أخيرا أن المغرب يكذب فقط، وأنه غير متأكد مما يقوم به. فمنذ بداية الصراع والمغرب يكذب ويفتري ويملأ عيون العالم برماد الكذب حتى وصل نثار الدقيق المسروق إلى باب بيت السارق.. فعلى مدى سنوات الصراع الطويلة كان المغرب يوهم العالم أنه سيحل القضية: مرة بالحرب، مرة بالاستفتاء، مرة بالمفاوضات، مرة بالحكم الذاتي، وفي الأخير، أكتشف العالم أن المغرب كان يكذب فقط، وان الحبل وصل إلى النهاية وأنقطع..

إذن، قوة نجاح الدبلوماسية الصحراوية ليس في نشاطها مثلما يظن المغرب، ولا في إمكانياتها، لكن في قوة حجتها وفي غباء الاستراتيجية التي تم تسطيرها أول يوم. إن استرتيجية الهروب إلى الأمام وتكتيك التخلص من لي الذراع كل مرة كان سينجح لو لم تكن عند الشعب الصحراوي قوة الحجة وقوة التصميم والعزم. فطول الصراع وتأكد المغرب أنه خسره نهائيا سيجعله ينقلب على نفسه ليعض ذيله مثل الأفعى الجريحة..                        

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء