جاء روس... غادر روس


يبدو أن زيارات روس للمنطقة أصبحت أشبه بأحجية. فمنذ سنوات ونحن ننام ونستيقظ على "زيارة جديدة لروس للمنطقة"، " المبعوث الشخصي سيزور المنطقة"، "روس يبرمج لزيارة قريبة"، " من المنتظر أن يكون روس في المنطقة رأس العام"، " روس يصل إلى الدول المعنية بقضية الصحراء قبل تقديم تقرير الأمين العام"، " روس يغادر المنطقة". هذا المسلسل الكوميدي التراجيدي في نفس الوقت هو مضحك ومبكي.. فلا روس سيغير من معطيات الصراع على الصحراء ولا الأطراف ستفعل نفس الشيء وتتنازل عن مواقفها الراديكالية..
الآن الصراع وصل إلى النقطة الميتة: المغرب لا يوجد ما يفرض عيه أن يترك الصحراء ويغير من وضع الأحتلال، والصحرايون، من جهتهم، لا يوجد ما يفرض عليهم قبول حل لا يرضونه ولا يرضاه حليفهم.. وبالتالي فكل طرف سيحاول أن يحفر من تحت أقدام غريمه ببطء.
بالنسبة لقضية روس يبدو أن المغرب يلعب معه لعبته مع بيكر.. فحين كان بيكر مبعوث اشخصيا قويا للأمين العام بعد سنة 1997م، كان قادرا بفضل التفويض الذي منحه له مجلس الأمن وبفضل دعم إدارته له أن يأخذ بأنف الحسن الثاني ويلوي ذراعه ويذهب به إلى المفاوضات.. ناور المغرب مع بيكر حتى تغيرت الإدارة الأمريكية وجاءت إدارة بوش المتهور وتم فرض على بيكر أن يستقيل مقابل خدمات يؤديها المغرب للأمريكان آنذاك في حربهم على "الإرهاب".
الآن يتكرر السيناريو. فوجود روس المدعوم من وراء الكواليس من طرف إدارة اوباما مزعج بالنسبة للمغرب، وتصريحاته قد تصل إلى حدود الاستفزاز، لكن حتى لو أصبح يزور المنطقة كل يوم فلن يغيير مما هو واقع على الأرض ولن ياتي بجديد..
حسب أجندة المغرب فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تبعد شبح ابتسامة روس "المنتصر"- بيكر الثاني- هي أن ينهزم الديمقراطيون الأمريكيون في الانتخابات القادمة ويأتي فريق جمهوري للحكم.. لا ننسى أن الجمهوريين في سنة 1975م هم من أيد الغزو المغربي، ولا ننسى أيضا أنهم هم من فرض على بيكر الاستقالة، وهم من  أيَّد الحكم الذاتي في سنة 2007م. التكيتيك المغربي مبني الآن على التمني فقط؛ تمني أن ينهزم الديمقراطيون في الانتخابات الأمريكية القادمة لعل متنفسا جديدا يحصل من موق الجمهوريين.

وإذا كان المغرب يتمنى أن يسقط الديمقراطيون في الانتخابات القادمة فإن البوليساريو تلعب على مستوى دبلوماسي من خلال القيام بتوسيع دائرة الدعم للقضية الصحراوية بإظهار المغرب أنه هو المعرقل الرئيس لكل الجهود، وأنه ليس لديه مل يقدمه، وبالتالي يجب الأعتراف بالدولة الصحراوية كشماتة بالمغرب مثلما حدث مع الدولة الفلسطينية.. على مستوى تأثير الولايات المتحدة في الصراع تلجأ البوليساريو إلى التمني أيضا. فهي ترى أن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في قضية الصحراء الغربية الداعمة للمغرب – منذ 1975م- قد أخذت وقتا أطول مما أخذته أية استرايجية أمريكية في قضية أخرى في العالم، وأنها لم تربح أي شيء من هذه الاستراتيجية، ولهذا فمن الممكن أن تغيير استراتيجيتها مثلما فعلت في كوبا. فبعد حصار دام أكثر من 50 سنة يبدو أن أمريكا رفعت الراية البيضاء في كوبا وصرحت أنها انهزمت في قضية الحصار، وغيرت من استراتيجيتها.. البوليساريو أيضا تراهن على أن تغيير أمريكا من استراتيجيتها في قضية الصحراء الغربية مثلما فعلت في كوبا وتدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير..                   

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء