المرأة الصحراوية: الحشمة والحياء(دراسة يتبع)


Resultado de imagen de boda saharaui في الحياة الاجتماعية الصحراوية لا يمكن الحديث عن العلاقات الاجتماعية والأسرية دون الحديث عن الحشمة والحياء. الحشمة حاضرة في كل تعامل بين أفراد الأسرة خاصة بين الأبناء والوالدين، لكنها تحضر بشكل غريب في العلاقة بين الأنساب والأصهار. فالزوج مثلا لا يتكلم مع أنسابه( والد ووالدة زوجته) ولا يخوض معهم في أي حديث، وإذا حضر معهم في جلسة عليه أن يخفي وجهه بلثامه. وليس هذا فقط ف"قانون" الحشمة لا يسمح للزوج بالأكل أو الشراب مع أحد أنسابه ولا بشرب الشاي معهم. إن العلاقة بين الزوج وأصهاره تقتصر فقط على السلام مرة أو اثنتين في الشهر فقط، وإذا كان هناك موضوع ما بينهم يتم عبر وسيط.

وإذا كان هناك تشدد في قضية الحشمة فإن المرأة تعاني أكثر من الرجل في هذا الموضوع. فحسب عادات المجتمع القديم تذهب المرأة بعد الزواج مع زوجها لتعيش مع أهله؛ أي مع أنسابها. إن هذا الإجراء الاجتماعي يجعل الرجل يبتعد عن أنسابه وبالتالي لن يعاني من تأثير "قانون" الحشمة وضغط العادات في هذا الموضوع، أما المرأة( الزوجة) فإن وجودها المستمر مع أصهارها يجعلها تعيش حالة طوارئ دائمة؛ تقضي اليوم كله واضعة نقابها دون وجهها، لا تتكلم بصوت مرتفع أمام نسيبها أو حميانها الأكبر من زوجها أو أعمام زوجها وأخواله ولا تشرب أو تأكل أمامهم، وحتى حين تجد فرصة حرية صغيرة حين يغيب نسيبها أو حميانها فهي لا تنسى أن تبقى مستنفرة طوال اليوم خوفا إن يفاجئونها في حالة غير حالة الحشمة. فحين يكح شخص في الخارج إذانا بقدومه فإن الزوجة تترك كل ما كان بيدها وتهرب لتختفي وراء الستار أو تخرج حتى لو كان من فتحة في الخيمة أو من وراء "الكفى"( ما يغلق الخيمة من الخلف). وفي بعض الحالات تعيش الزوجة سنوات طويلة مع أنسابها دون تتكلم أو تقترب مع والد زوجها ولا تتبادل معه التحية إلا في الأعياد والمناسبات فقط أو قد تسلم عليه حين يعود من غيبة أو من سفر.                                 
وإذا كان من البديهي أن الحشمة تنتهي أو تقل بين الزوجة وأنسابها الذكور بإنجابها للأطفال فإنه عند المجتمع الصحراوي يحدث العكس: إذا أزداد الأطفال تتشدد المرأة في قواعد الحشمة وتبالغ فيها، فهي في هذه المرحلة لا تستطيع أن تحمل ولدها الصغير أو ترضعه أمام أنسابها من الرجال. فمثلا إذا كان الحفيد الصغير يلعب عند جده أو عند أعمامه وبكى، فإن الزوجة، حفاظا على قواعد الحشمة، لن تقترب منه أو ترضعه ويبقى هناك يبكي حتى يحمله أحد آخر، مثل عماته أو جدته،  إلى أمه المختفية وراء الستار لترضعه.

وحتى بعد الزواج فإن المرأة الصحراوية او ابنة العائلة المتربية تربية تقليدية تحافظ على عفتها وحشمتها في علاقتها مع زوجها؛ فهي لا تناديه با اسمه الحقيقي وإذا اضطرت إلى ذلك تقول" الراجل" أو " مول الخيمة"( رب البيت). وقبل أن يزداد عندهما أولاد لا تدخل الزوجة على زوجها بإرادتها لتنام معه في خيمة واحدة ولا تجلس معه وحدها أو تأكل معه، خاصة إذا كان الاثنان لازالا يعيشان مع أهل احداهما، بل تضطر النساء لحملها على الذهاب إلى خيمتها وزوجها، وفي بعض الأحيان يتم تعنيفها وحملها إليه بالقوة. إن المرأة الصحراوية القديمة، حتى وهي متزوجة، لا تتساهل في عفتها أبدا؛ فمثلا حتى لو بقى زوجها غائبا مدة طويلة وحضر فلا تستقبله أو تعانقه أو حتى تمد له يدها وكل ما قد تقوم به هو السلام عليه كلاميا فقط ومن بعيد. ورغم أن هذا النوع من الحشمة والحياء يحرم المرأة كثيرا من التعبير عن عواطفها ويجعلها تكتم شعورها إلا أنها تعتز بذلك وتبقى محافظة عليه. إن معنى أن تترك المرأة الصحراوية دائما مسافة بينها والرجل هو أنها لا تُظهر له أية نقطة ضعف فيها أو أي نوع من الاستسلام أو الخضوع.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء