نبض التاريخ: بعثة تقصي الحقائق سنة 1975م(ا)

Resultado de imagen de ‫بعثة تقصي الحقائق الصحراء الاسبانية 1975‬‎في الحقيقة كان يجب ارسال البعثة في سنة 1967م تطبيقا للقرار الاممي الشهير 2229 للجمعية العامة حول الصحراء الغربية، لكن اسبانيا، انذاك، كانت هي التي لها حق استقبالها او رفضها، وبقيت تناور الى ان وصلت المناورة الى اخر دقيقة من عمرها. اخيرا اعطي الضؤ الاخضر بناء على قرار الجمعية العامة لسنة 1974م .تشكلت يوم 13افريل 1975م من ثلاث شخصيات ريئسية، ومنمجموعة من الموظفين الصغار. اسندت رئاستها الى السيد سيمون اكي من ساحل العاج، وكان نظام دولته انذاك من الدول الصديقة للمغرب، يساعده في هذه المهمة السيدة مارتا خيمينار مارتينيزا من كوبا، والسيد مانو سهار من ايران التي كانت تحت حكم الشاه الصديق للمغرب انذاك ايضا. بدأ كل شيء قابلا لطرح الاسئلة في تصرفات الامم المتحدة منذ سنة 1973م. التقرير، تاجيل الاستفتاء، رفع القضية الى المحكمة، ارسال بعثة تقصي الحقائق رغم المعرفة المسبقة ان تقريرها لن يفيد مادامت المحكمة لم تقدم رايها الاستشاري الذي أُجِّل الاستفتاء في انتظاره، والذي يعتبر هو كل ما ينتظره الجميع، اما ماعاداه فهو اضافات لن تفيد في اي شيء . يوم 8ماي تقرر سفر البعثة الى الصحراء، ومعها تعليمات بعيدة في مجملها عن المرجو منها مستقبلا، والمطلوب منها حسب الرسالة التي وضعت بين ايديها قبل سفرها هو" الاتيان بمعلومات أكيدة عن الوضع السائد في الاقليم، بما في ذلك معلومات عن الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وايضاحات عن مطالب وتطلعات الشعب، وان تجري اتصالات مع أكبر عدد من السكان الاصليين سواء الذين يعيشون في الاقليم او خارجه من اجل التأكد من مطامح كل هؤلاء."
وحتى في الرسالة التي تسير البعثة على ضوئها هناك اشارة واضحة الى تاثير المغرب عليها المتمثل في استشارة السكان خارج الاقليم.
حضَّرت البوليساريو جيدا لاستقبال البعثة سياسيا وعسكريا. في يومي 11و12ماي قام الجناح العسكري للجبهة بتخطيط عمليتين عسكريتين ضد الوحدات العسكرية الاسبانية المتنقلة، وجاء امر الى كل المجندين الصحراويين في الجيش الاسباني بالالتحاق بالجبل كمقاتلين في صفوف البوليساريو.
يوم 12ماي كانت البعثة في العيون، العاصمة السياسية للاقليم وهنا حدثت المفأجأة.
خرجت البوليساريو من خلف الستائر السرية والصمت ورفعت أعلامها عاليا.جاءتها الفرصة في عقر دارها لتظهر للعالم والامم المتحدة خاصة، انها هي القوة المسيطرة في الاقليم، وانها سحبت البساط من تحت اقدام اسبانيا ومن تحت أقدام التنظيمات التابعة لها. كان خروجها بمثابة الاحتجاج القوي على تغييب الصحراويين عن محكمة العدل الدولية، وكذا على القرار الاممي القاسي القاضي بتأجيل الاستفتاء، وردا على المطالبة المغربية والموريتانية بالاقليم. ارتفعت غابة من الاعلام الصحراوية الملونة امام عيني البعثة.
استيقظت العيون في يوم مشهود لم تعرف له مثيلا في تاريخها. خرج الصحراوين يهتفون بشعارات موحدة  يحملون اعلام البوليساريو ويطالبون بالاستقلال التام، ويرفضون الانضمام للمغرب وموريتانيا. كان الاستقبال حارا ومباغتا بالنسبة للبعثة التي ادهشتها كثرة الاعلام  والشعارات المنادية بالاستقلال المكتوبة في كل مكان وبكل اللغات حتى فوق المباني الحكومية الاسبانية وعلى أرضية الشوارع ومعلقة فوق اسلاك واعمدة الكهرباء. في لقاءاتها مع الفعاليات السياسية في المنطقة اتصلت البعثة بالجبهة كحركة ريئسية ظهرت الى الوجود في الصحراء وبالحزب الاسباني وبجماعة الشيوخ، لكن الجميع انقلب على اسبانيا وطالب بالاستقلال، فحتى الحزب الذي كانت اسبانيا تعلق عليه امالا كبيرة خذلها امام البعثة وذاب امام البوليساريو، وكان انصاره القليليون يقولون لمناضلي الجبهة:" نحن نعلم انكم ضد الحزب، لكن الصحراويين جميعهم متفقين على الأم وهو الاستقلال، وعليه فالواجب ان نظهر امام الاجانب اتحادنا لنطالب بالاستقلال."
حتى مسرحية الحاكم الاسباني في الصحراء افشلها المتظاهرون. لقد جمع الكثير من اعضاء الحزب ووزع عليهم الاعلام الاسبانية امام ادارته وامرهم برفعها اذا راوء أعضاء البعثة، وحين ذهب الى المطار لاستقبال الوفد الاممي، قال لهم ان الكل يطالب بالبقاء تحت علم اسبانيا وسترون ذلك باعينكم، لكن دهشته كانت كبيرة حين اخفى الصحراويوين الاعلام الاسبانية ورفعوا مكانها اعلام البوليساريو.
التقت البعثة مع مسوؤلي البوليساريو وعبروا لها عن موقف الجبهة بصراحة، وقالوا لها ان الجبهة توئيد خروج اسبانيا وتسليم ادارة البلد للصحراويين، وان الاستفتاء اصبح متجاوزا مادام الجميع متفق على الاستقلال، لكن اذا الحًت الامم المتحدة على اجرائه فيجب ان تخرج اسبانيا، وتكون هناك ادارة صحراوية تحت حماية عالمية وبضمانات اممية."
قبل انتهاء مهمتها وصدور تقريرها توصلت البعثة الى ملاحظة وهي انها سلمت بحقيقة ماوقع امام عينيها، وهو تحكم البوليساريو في الاقليم، وانضواء كل الصحراويين تحت علمها يطالبون بالاستقلال التام؟
بعد الصحراء الغربية انتقلت البعثة الى البلدان المجاورة. في المغرب كان استقبال البعثة فرجة مسرحية مثيرة للضحك. في الرباط اعرب رئيس البعثة لوزير داخلية الملك عن تاثره بما راى في الصحراء الغربية، لكن تم تهديده، وفُرض عليه ان يتسلم لائحة تضم اسم 30الفا مغربيا بحجة انهم منفيين صحراويين في المغرب، اما الصحراويين الحقيقيين فقد تم تغييبهم نهايئا عن المشهد حتى لايتصلون بالبعثة خوفا من مطالبتهم بالاستقلال التام وفضح المسرحية المغربية. في الشوارع كان الاستقبال فاترا رغم المسرحية، ولم تظهر سوى مجموعة قليلة من المواطنيين فُرض عليهم لبس الزي الصحراوي فلبسوه بطريقة مختلفة." قام المغرب بعملية تزوير كبيرة، وقال ان الصحراويين الذين فروا من اسبانيا هم الان في المغرب، والبس المغربيين دراريع مفتوحة من الخلف ووزع عليهم الثمة بيضاء، اما الملك ذاته فقد اتصل بريئس ساحل العاج شخصيا وطلب منه ان يتصل بمسؤول البعثة بصفته من ساحل العاج ليكون مع المطالب المغربية."
كان المغرب متشددا في مطالبه فهو مع ان تتبع الصحراء للمغرب وتشبث برحيل اسبانيا وجيشها وادارتها حتى يتم الاستفتاء ويكون السؤال:" الانضمام للمغرب فقط."
في الجزائر كانت الامور صافية وواضحة؛ فالصحراويون المتواجدون هناك عبروا عن تمسكهم بالاستقلال التام.

في موريتانيا كانت كان سيكون هناك مشهد من المسرحية المغربية، وكان الاخراج سيكون أكثر حبكة لتشابه الصحراويين والموريتانيين، لكن الجالية الصحراوية في هذا البلد لم تغب عن الموعد التاريخي واتصلت بالبعثة وطالبت بالاستقلال التام يؤيدها في ذلك الكثير من الموريتانيين الشرفاء ، اما الموقف السياسي الموريتاني فقد انقسم، فالبعض متحمس لضم الصحراء لموريتانيا، والبعض يفكر في مستقبل المنطقة وموريتاينا ويرى ان الاستقلال هو الحل، اما الحكومة فهي مع تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا.(يتبع)

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء