كاليدونيا والصحراء الغربية و فرنسا

 


 


تتعامل فرنسا مع تصفية الاستعمار بنفاق كبير، اذ تسمح بتنظيم استفتاء تقرير المصير في بلدان تحت استعمارها وتقف ضده في أقاليم لا تستعمرها مثلما هو الحال مع قضية الصحراء الغربية. اليوم، مثلا، ستسمح فرنسا بتنظيم استفتاء تقرير المصير في كاليدونيا الجديدة للمرة الثانية بعد الذي نُظم سنة 2018م والذي تم تزويره. كاليدونيا الجديدة هي مجموعة جزر في المحيط البعيد، وإذا قارناها بالصحراء الغربية في موضوع تصفية الاستعمار نجد الفرق شاسعا: كاليدونيا الجديدة تمت إضافتها من طرف الأمم المتحدة لقائمة البلدان التي يجب تصفية الاستعمار منها سنة 1986م، بعد عشرين سنة من مطالبة الجمعية العامة  بتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية-1966م. من هنا يبدأ نفاق فرنسا حين تتعامل بمعيارين مختلفين فيما يخص تصفية الاستعمار. في قضية الصحراء الغربية، ومنذ سنة 1975م، لعبت فرنسا دور الدولة الاستعمارية المجتهدة التي تمنع الصحراويين من تقرير مصيرهم، ولولا فيتوها في مجلس الأمن، كانت الصحراء الغربية قد تمتعت بحق تقرير المصير سنة 1979م. فالمغرب الذي يستعمر الصحراء الغربية نيابة عن فرنسا، ويشتغل بالماندو، ما كان ليصمد كل هذا الزمن لولا الغطاء الذي وفرته له فرنسا في الحرب وفي الأمم المتحدة. فالاستفتاء الذي حاولت الأمم المتحدة تنظيمه في الصحراء الغربية سنة 1992م، افشلته فرنسا بتهديدها باللجوء إلى الفيتو، وكل المحاولات الايجابية التي اعقبته افشلتها أيضا. ففي كل مرة يحاول مجلس الأمن إرغام المغرب على التقيد بالقانون الدولي، والامثال لتنظيم الاستفتاء ترفع فرنسا فيتوها، وتهدد أنها ستلجأ إليه ولو في التصويت العلني إذا تطلب الأمر ذلك. الكثيرون يظنون أن فرنسا لم ترفع، يوما، الفيتو في مجلس الأمن ضد تقرير المصير في الصحراء الغربية، لكنها في الحقيقة كانت ترفعه في الكواليس، وتحذر الأعضاء الآخرين أنها سترفعه إذا ظهر أن هناك قرار سيمر عكس مشيئة المغرب وفرنسا. تعتبر قضية تقرير مصير الشعب الصحراوي أكثر قضية هددت فيها فيها فرنسا برفع الفيتو حتى أصبحت مهوسة بالتهديد بالفيتو ولو ضد قرار بسيط مثل قرار توسيع صلاحيات المينورسو ليشمل حقوق الإنسان.


لكن فرنسا المعادية لتقرير المصير في الصحراء الغربية، والشرسة في رفع الفيتو إذا تطلب الأمر ذلك؛ فرنسا التي تدير المغرب بالماندو وعندها عقدة من السماح للشعب الصحراوي بالتصويت الحر، فاجأتنا حقيقة في كاليدونيا الجديدة: في لحظة عجيبة تحولت إلى دولة “ديمقراطية” تطالب بتقرير المصير، وتسمح بالتصويت الحر، وتعترف بنتيجة الاستفتاء في الجزيرة المذكورة. فجأة تم السماح لعبارة الاستفتاء أن تدخل قاموس الدولة الفرنسية، وتم رفع الحظر عن تقرير المصير، وتحولت فرنسا إلى دولة تنظم استفتاء في تقرير المصير في كاليدوينا الجديدة أمام عدسات التلفزيون. 

فكاليديونيا الجديدة مساحتها لا تتعدى 19 الف كلم مربع، لكن للمفارقة، وفجأة، ظهرت كاليدونيا الجديدة على شاشات تلفزيونات العالم تمارس حق تقرير المصير، وبإشراف الأمم المتحدة وفرنسا، أما الصحراء الغربية التي تم تسجيلها في قائمة البلدان غير المستقلة سنة 1964، والتي مساحتها أكثر 280كلم مربع فهناك فيتو فرنسي يمنعها من التمتع بحق تقرير المصير. هكذا تتصرف الدولة الاستعمارية الفرنسية في الصحراء الغربية، وهذه هي معايير تقرير المصير في ذهنيتها المتخلفة.


Blog-sahara.blogspot.com.es


السيد حمدي يحظيه


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء