منذ تولى بايدن مفاتيح البيت الأبيض، كان أول سؤال يواجهه دائما أو يواجه الناطقون باسمه، هو هل ستراجع إدارة بايدن قرار ترامب فيما يخص الصحراء الغربية؟ كان الجواب اما التهرب او تكرار عبارة " الإدارة الأمريكية تُراجع قرارات ترامب". هذه العبارة تكررت خمس مرات على لسان ناطقين باسم البيت الأبيض. وبسبب كثرة تكرارها والتباطوء في تنفيذها تحولت هذه العبارة الى شبه احجية. تكرار هذه العبارة بهذا الشكل يخيف المغرب ويجعله يفقد النوم، وبكل تأكيد أن الخارجية المغربية متأكدة الآن ان بايدن لن يؤكد قرار ترامب أو يعتقد أن قرار المراجعة هو مسألة وقت فقط.. خلال مدة الصمت هذه حول تعامل إدارة بايدن مع قرار ترامب، تم رمي بعض الإشارات التي لا تطمئن المغرب اطلاقا: الإشارة الأولى هي أن إدارة بايدن لم تتصل بالمغرب لتؤكد له أنها مع قرار ترامب أو ضده. الثانية أن وزير الخارجية الأمريكي تحدث مرة ماضية عن دعم إدارته للأمم المتحدة والاستفتاء، والثالثة أن وزارة التجارة الأمريكية نشرت خريطة تفصل فيها الصحراء الغربية عن المغرب، والرابعة هي أن ملك المغرب لم يهنيء، الى حد الآن، بايدن بالفوز، ومدة التهنئة انتهت.
من الجانب المقابل قام بايدن، تقريبا، بمراجعة كل القرارات الحمقاء التي وقّعها ترامب، ولم يبق له إلا مراجعة قرار اعتراف ترامب ب"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية. في الحقيقة مراجعة قرار ترامب حول الصحراء الغربية هو أسهل هذه القرارات جميعا لأن القانون الدولي يدعمه، وسياسة للولايات المتحدة الخارجية والاستراتيجية تدعمه، والسياسة السابقة للحكومات الأمريكية تدعمه، لكن على ما يبدو، الى حد الآن تتعامل إدارة بايدن مع هذا القرار المثير للسخرية بسياسة: لن ندعمه ولن نتراجع عنه. إحجام إدارة بايدن عن التراجع، صراحة، عن قرار ترامب التعسفي في الصحراء الغربية وعدم تأكيدها له يجعلنا نستنتج استنتاجا واحدا، وهو إن البت في هذا القرار تم تركه لإسرائيل لإسكاتها عن الصخب في موضوعات أخرى. يعني إن إسرائيل هي التي لازالت مترددة في الإفصاح عن الموقف النهائي من هذا الموضوع. فإذا رأت تل أبيب أنها تستطيع أن تَبقى متحكمة في المغرب، ويبقى التطبيع معه ساري المفعول دون أن يؤثر عليه التراجع، فيمكن أن تتراجع، أما إذا اكتشفت العكس فسيبقى الصمت وعدم الإفصاح عن الموقف الحقيقي هو المسيطر على التكهنات. في هذه الحالة ستتوجه الفؤوس والسهام نحو بايدن وإدارته بينما تحني إسرائيل رأسها لتمر كل المصائب من فوقه دون أن يصيبها ألم ما. تأخر بايدن في المراجعة التي يتحدث عنها الناطقون باسمه لقرار ترامب يٌظهر أنه متردد والتردد، خاصة في الولايات المتحدة، عادة يُقرأ من ورائه الضعف وعدم الحسم. بالنسبة للطرفين الصحراوي والمغربي، يبقى المغرب هو الأكثر لهفة على تأكيد من بايدن على قرار ترامب لأن لا أحد في المغرب أو حتى في العالم يصدق إلى حد الساعة أن تلك المقايضة نجحت. بالنسبة للطرف الصحراوي، بعد تخلصه من كل أنواع التعامل مع الأمم المتحدة، لم يعد لديه ما يخسر لا مع الكبار ولا مع الصغار، ومادام يستطيع القتال ولو بالحجارة فالأمر محسوم.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء