يكثر الحديث هذه الأيام عن المبعوث الشخصي والمفاوضات- على الأقل في الدوائر الدبلوماسية- لكن الشارع الصحراوي، كله، يعتقد أو مقتنع أن إعادة قضية الصحراء الغربية الى الدائرة المفرغة من جديد، هو ضرب من العبث، وأن الأحداث تجاوزته، بل إن بعضهم يفضل أن تبقى القضية بلا حل أو في حالة حرب على أن تعالجها الأمم المتحدة بنفس الطريقة البائسة المنحازة التي كانت تعالجها بها.
كشف وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، أن الأمين العام للأمم المتحدة أقترح عشرة ممثلين خاصين منذ استقالة كولر، لكن تم رفضهم جميعا إما من طرف البوليساريو أو من طرف المغرب. هذا التصريح يكشف لنا أن الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريس، يُنفذ استراتيجية مغربية محضة وهي ربح الوقت. فرفض عشرة ممثلين من طرف هذا الطرف أو ذاك يعني أن الأمين العام لم يسعى إلى الوسطية، إنما اختار التطرف في عملية الاختيار. التطرف هنا يعني أن الأمين العام كان يختار شخصيات أكثرها موالي للمغرب، وبهذا السلوك المنحاز كان يدفع البوليساريو لترفض مثل هؤلاء المبعوثين حتى يُظهرها أمام مجلس الأمن أنها هي التي تعرقل " العملية السلمية". فالأسماء التي تم تداول بعضها، مثل رئيس وزراء رومانيا السابق أو سياسي من البرتغال، هي كلها شخصيات مشكوك في نزاهتها، أما ما خفيّ فهو أعظم. لجوء الأمين العام لهذا السلوك المتواطيء والمستفِز، يُقرأ من ورائه، دون عناء، أنه ينفذ أجندة مغربية مبنية على ربح الوقت والهروب إلى الوراء. رفض عشرة مبعوثين في ظرف سنتين يجعلنا نستنتج، أيضا، أن غوتيريس استغل فترة رئاسة ترامب الذي تجاهل القضية الصحراوية، وراح يلعب بالملف كما يحلو له لصالح المغرب. فالولايات المتحدة، قبل رئاسة ترامب، كانت تفرض على الطرفين، خاصة على المغرب، قبول الممثلين الخاصين، خاصة الأمريكيين منهم. هذه أول مرة نشهد فيها فراغا في منصب الممثل الخاص، وهو ما يعني، بوضوح، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت هي التي تفرض على المغرب قبول الممثلين الخاصين. فالمغرب، حين لا توضع العصا على قفاه، خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، يرفض أوامر الأمين العام ويستخف بها ويستهزأ بها.
لكن حديث مجلس الأمن وحديث الدول الكبرى عن تعيين مبعوث شخصي ستواجهه عراقيل كثيرة. من جهة، قد لا تفرضه الولايات المتحدة ما لم تتراجع عن اعتراف ترامب ب"مغربية" الصحراء الغربية، ومن جهة ثانية، سوف لن يبقى طويلا إذا عاد الى الدائرة المفرغة القديمة، وثالثا قد يشترط عليه الطرف الصحراوي أن يأتي بالجديد، وطبقا لأجندة محددة باليوم والشهر، اما المعضلة الكبرى أمامه فهي أن الحرب ستبقى مستمرة.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء