الداه البندير، مهندس فتْح ثغرات حزام الذل




زفت ساعة الحقيقة، والتحق الداه ولد البندير ولد خطاري ولد برهاه بالقائمة الطويلة من قادة النواحي وقادة والفيالق والمقاتلين الذين استشهدوا في حرب التحرير: البشير لحلاوي، عبد الرحمان عبد الله، جمبلا، سعيد الصغير، سيدي حيذوك،  بيكا واللائحة طويلة من المقاتلين العظماء ...

الشهيد الداه ولد البندير، حفيد عائلة مجاهدة- أهل برهاه-، جده خطاري ولد برهاه، مجاهد من أبطال المقاومة ضد فرنسا، رسم الرصاص وآثار الجراح لوحة على جسمه، أما عمه- اللوه ولد برهاه- فقد استشهد في معركة ميجك ضد الغزو الفرنسي سنة 1933م. 

قرأ الداه تاريخ المقاومة الصحراوية البطلة من أحاديث جده، خطاري، الذي كان يسرد تاريخ المعارك التي خاض مع المجاهدين، فتشبع به وطبقه على الأرض. تميز برباطة جأش نادرة، وفي أصعب اللحظات كان يسيطر على أعصابه سيطرة أسطورية لا يقوم بها إلا هو وأمثاله، خاصة حينما يتعلق الأمر بفتح الثغرات بالمتفجرات وبنزع الألغام والقيام بالاستطلاع في الليالي المظلمة احيانا وتجاوز الأسلاك الشائكة. 

اختصاصه: خطاك الأول، خطأك الأخير 

أكثر المقاتلين شجاعة وأكثرهم سيطرة على اعصابهم وعلى دمائهم باردة هم الذين يختصون على الاستطلاع والهندسة ونزْعِ الألغام وفتح الثغرات. هذا النوع من الاختصاصات لا يتم إختيار له كل الناس، وغالبا يتم إعفاء 95 بالمائة من الذين يتم توجيههم له. لكن الشهيد الداه كان من الأوائل والأساتذة في اختصاص الموت هذا أو اختصاص الهندسة الذي يحفظ الجميع شعاره: خطأك الأول هو خطأك الأخير. ذهب الداه إلى هذا الإختصاص كأنما يتحدى هذا الشعار، ويستهزأ به وبمن اخترعه. خلال حديثي الطويل مع المقاتلين حول المعارك، خاصة معارك إختراق حزام الذل، قال لي ثلاثة منهم، كل واحد على حدة، "فتح الداه ومجموعة الهندسة الثغرة ودخلنا". كان يقف وسط الرصاص والقذائف ببرودة أعصابه المعهودة كأنما لا توجد معركة ولا قذائف حوله. ورغم إنه يعتبر من قاهري حزام الذل والعار، وفاتح أغلبية ثغراته إلا أن القدر كتب له أن يستشهد بطريقة أخرى وهو يقود رفاقه. أستشهد وهو قائد الدرك، القوة التي لا تشارك عادة في الحرب في الدول الأخرى، إلا أنه هو اشتاق لفتح الثغرات ومهاجمة حزام الذل فضرب هكذا مثلا للرجولة النادرة والزعامة التي لا يعرف الجميع معناها. طيلة مشواره العسكري اللامع  جسّد الداه رمز الإطار المنضبط، المثالي، المتواضع الذي لم يرفض أية مهمة أسندت إليه. رحمه الله، أنه حقيقة خسارة كبيرة وسيصعب تعويضه.

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء