أصبح واضحا الآن أن سياسة إدارة بايدن، فيما يخص مشكلة توريط نرامب لها في اعترافه غير الشرعي وغير القانوني ب"سيادة" المغرب على الصحراء الغربية، أصبحت مرتبطة بالأجندة الإسرائيلية التي سيلعب فيها المغرب دورا أساسيا كمنصة نحو إفريقيا. فبما أن إدارة بايدن لم تعلن، صراحة، عن موقفها من مرسوم ترامب، فهذا يعني أن الخطط الإسرائيلية التي سيكون المغرب هو منصة انطلاقها لازالت لم تكتمل.
هذا التذبذب والضعف الذي ظهرت به إدارة بايدن اتجاه قضية الصحراء الغربية لم تظهر به آية إدارة أمريكية سابقة. على مدى أكثر من ثلاثة أشهر وهذه الإدارة تقول إنها تراجع الموقف من قرار ترامب الارتجالي، لكن بما أنها لم تحسم موقفها الى حد الآن فهذا يعني أن القرار النهائي هو بيد إسرائيل. لكن لماذا لم تفصح إسرائيل عن موقفها؟ الجواب، أن المغرب يشترط على إسرائيل التقدم في العلاقات بتأكيد إدارة بايدن لقرار ترامب السابق. إذن، بكل تأكيد، من الآن فصاعدا يجب ألا نتحدث عن هل ستتراجع إدارة بايدن عن موقف ترامب، لكن الصواب أن نقول هل ستتراجع إسرائيل ام لا؟ الإحراج الذي سببته قضية الصحراء الغربية لإدارة بايدن خلال هذه الأشهر الثلاثة الماضية لم يسببه لها حتى الملف النووي الإيراني. هذا الإحراج تعاملت معه إدارة بايدن بسياسة التراجع بالتقطير والتأكيد بالتقطير. من جهة، هي تقول إنها مع الأمم المتحدة ومع بعثة الاستفتاء ومع تعيين مبعوث شخصي، ومن جهة أخرى تقول إن لا جديد لديها بما يخص بقرار ترامب في الوقت الراهن. سياسة التقطير هذه أو الغموض يفسرها كل طرف أنها لصالحه.
إذن، الواضح أن المَخرج بالنسبة لإدارة بايدن هو العودة إلى الوضع القديم، وهو فرض مبعوث شخصي على الطرفين، وسياسة الدوران في حلقة المفاوضات الدائرية. لنعرّج على مكالمة كاتب الدولة للخارجية، بلينكن، مع وزيري خارجية الجزائر والمغرب بأقتراح منه. المرجح أنها تناولت فقط تعيين مبعوث شخصي والمفاوضات وتفادت التأكيد أو التراجع عن قرار ترامب. في تغريدة وزير الخارجية الجزائري قال إنه تحدث مع بلينكن عن قضية الصحراء الغربية بينما لا يشير تويتر الخارجية الأمريكية لذلك. اذن، تغريدة وزير الخارجية الجزائري هي الصحيحة لإنه من عاشر المستحيلات ألا تتناول المكالمة قضية الصحراء الغربية من قريب أو بعيد. بالنسبة لوزارة الخارجية المغربية والخارجية الأمريكية لم تذكر أن مكالمة بوريطة مع بلينكن تناولت قضية الصحراء الغربية، وهذا يجعلنا نفهم أن بلينكن أوصى بوريطة أن لا يذكرها. هذا يعني شيئين: الأول أن وزير الخارجية الجزائري لم يلتزم بتعليمات بلينكن بعدم ذِكر الصحراء الغربية في الإعلام، والثاني أن الوزير الجزائري كان متفائلا بالمحادثات، خاصة الشق المتعلق بقضية الصحراء الغربية. لكن إذا كان بوريطة التزم بتعليمات بلينكن وأحجم عن ذِكر ان المكالمة تناولت قضية الصحراء الغربية فإنه، من جهة أخرى، سرّب بعض الأخبار لوسائل الإعلام تقول انه تحدث مع بلينكن عن قضية الصحراء الغربية وأنه طمأنه أن إدارته لن تتراجع عن قرار ترامب. ما حدث في المكالمتين لا يخرج عن سياسة التقطير المنتهجة من طرف إدارة بايدن منذ ثلاثة أشهر، وهذا لدفع الأطراف الى نسيان التراجع والتأكيد وطلب منه التركيز على المبعوث الشخصي الذي سيفشل وعلى المفاوضات الفارغة.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء