ما الذي يدفع المخزن إلى الجنون؟

 


بدون مقدمات، بدأ المغرب يضرب يمينا وشمالا مثل الغريق، يحارب طواحين الهواء، يسبح على غير هدى في مياه سبتة ومليلية، يفتح قنصليات وهمية، يتهجم على ألمانيا وعلى إسبانيا وعلى جنوب إفريقيا وعلى الجزائر وعلى السماء والأرض، يرمي بأطفاله إلى عرض البحر لتنفيذ ضغط خسيس، وأخيرا يتهجم على إسرائيل التي ارتمى في أحضانها مفتوح العينين. هناك تهور كبير غير طبيعي، وهناك سعار دبلوماسي  غير مدروس حدث على سياسات المخزن يجعلنا نحدس أن المملكة لم تعد ذلك البلد الذي يخطط له كل شيء وراء البحر في باريس. هذا الجنون الدبلوماسي المخزني المستجد، إذا قرأنا المعادلة من البداية، نجد أن له، كله، علاقة باحتلال المغرب للصحراء الغربية، وبدأ كله بعد إعلان الحرب وإنهاء حالة وقف إطلاق النار الذي دام مدة ثلاثين سنة. فالحرب، رغم محدوديتها إلى حد الآن، بدأ تأثيرها يظهر على المخزن دبلوماسيا وداخليا. على مستوى معالجة الملف الصحراوي في الأمم المتحدة، لا يبدو أن الحال أحسن أو احسن لصالح المخزن. في هذا المجمع العالمي، ظل المخزن يناور ويكذب ويربح الوقت ويشتري المواقف حتى حشر نفسه في زاوية ضيقة بلا مخرج. على مستوى عالمي، أصبح تصرف المخزن مقرفا ومزعجا، وظهر على حقيقته، ولم يعد أحد يحتمل سلوكه الدنيء واكاذيبه ومناوراته وشراءه للمواقف والأصوات كل سنة.  فعلى مدى خمسين سنة وهو يطلب دعما سنويا في الأمم المتحدة ويستجدي ويكذب ويناور، وهذا لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. لقد ملّ العالم، خاصة في مجلس الأمن، من هذا السلوك المخزني الخسيس الذي يتكرر كل سنة بنفس الأساليب الملتوية غير الأخلاقية. في المنطقة المغاربية، هناك تغير كبير في مواقف دولها، خاصة تونس و موريتانيا، وحتى ليبيا، فهي الأخرى لم تعد تتحمل سلوكيات المخزن المنحرفة، أما بالنسبة الجزائر فلا يبدو انها ستستمر في تحمل الضربات من المخزن الذي لا أخلاق له ولا عهد ولا ذمة له. فمن غير الصائب بالنسبة للجزائر أن يظل المغرب منصة جغرافية لإطلاق صواريخ المؤامرات والدسائس والمخدرات ضدها. فالجزائر، حتى تضغط على فرنسا، حليفة المغر، يبدو إنها ستوجه بوصلتها إلى ألمانيا لتفك عنها طوق التحالف الفرنسي-المغربي. وبالنسبة لفرنسا، المحامي التاريخي للمغرب، تبدو تائهة ومصدومة أمام تجاهل الجزائر وبعض دول إفريقيا لها ولدورها، وهناك إشارات قوية إنها تفضل أن تضحي بالمغرب في سبيل الصداقة مع الجزائر. لقد رفضت فرنسا أن تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، ورفضت فتح قنصلية لها في العيون، وبدأت صحافتها المحافِظة تتململ، ويبدو انها لم تعد متحمسة في مجلس الأمن لمواصلة المرافعة عن نظام بلا فائدة يجلب لها الدفاع عنه الكثير من الصداع والمشاكل في الداخل والخارج. بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية رفضت، عن طريق الغمز، تجديد قرار ترامب، وهو ما سيجعل المغرب يدخل معركة مع إسرائيل سيخسرها لا محالة. في الداخل المغربي  ارتفع منسوب الملل الشعبي من خزعبلات المخزن السياسية في تدبير قضية الصحراء الغربية، وأصبح هذا الشارع مقتنعا تماما أن نظامه يتخبط فقط، وانه غير متأكد مما يقوم به، وبدأ بعض المثقفين المغاربة-وهذا أمر جديد يحدث أول مرة-، يرفع صوته منتقدا خزعبلات المخزن ومستهزئيا بها. فتتح القنصليات تحول إلى مهزلة، وقرار ترامب نساه المغاربة، وزاد الأمر سوءا مقايضة القضية الفلسطينية بذلك القرار الأمريكي المرتجل. وحتى تتأزم الوضعية أكثر، زج المخزن بالصبيان والأطفال في سياسته المتهورة ورماهم في البحر. فصور أولئك الأطفال وهم يُرمون في البحر للضغط على إسبانيا، وصورهم وهم يغرقون أو يسبحون مربوطين بقنينات الماء الفارغة جعلت المغاربة والعالم يتقززون أكثر من سياسات المخزن، ومن ذلك المشهد الذي سيبقى مصورا في الذاكرة. على مستوى الإتحاد الأوروبي لا يبدو أن سكوته الماضي سيستمر مثلما كانت عليه الحال في الماضي. وإذا عرّجنا على الإتحاد الأفريقي نجد أنه أكبر المشمئزين من مسرحياته وبهلوانيات المخزن التي لا تنتهي، والتي تعرض وحدة الإتحاد لخطر  الانقسام، وتعرض قانونه للشك. إن كل هذه التحركات المخزنية الانتحارية وهذا الضرب بسيوف من ثلج، خبط عشواء، الذي يقوم به المخزن يعكس أن وراء الأكمة ما وراءها مما لا نعلم به، لكن يعلم هو به.

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء