الولي: احمد باب، أين الكتاب؟

  


كان الولي، معجزة وأسطورة الصحراء، مثقفا أكثر من اللازم، وكان يفوق مجموعته بسنوات ضوئية من الثقافة. كان مولعا بالقراءة والكتابة، فكان لا يمر على دولة أو يلتقي بشخصية إلا وترك مذكرة أو رسالة أو مقالا عن قضية شعبه. هنا نتذكر أنه صدر في نهاية 1978م، كتاب من أجود الكتب التي صدرت عن القضية الصحراوية بالفرنسية، عنوانه " البوليساريو، روح شعب"، كتبه الدبلوماسي الرائع الراحل احمد باب مسكه، لكن هذا الكتاب رغم روعته لم يعلم به الصحراويون واحرقه الجهلاء بالتجاهل وعدم الترجمة إلى العربية. لكن فكرة الكتاب هي أصلا للشهيد الولي. في صفحة الكتاب الأولى نجد ما يلي بخط الشهيد الولي : 10\05\1976م، احمد باب: تحية الثورة حتى فرض الاستقلال وإعادة  شعبنا إلى دياره، وبعد: لاشك أنكم نجحتم في جانب هام من المهمة والحمد لله. لكم التوفيق" المهمة هنا هي كتابة الكتاب المذكور. حين تعرَّف الولي على احمد باب مسكه طلب منه أن يبدأ كتابة كتاب عن الشعب الصحراوي، لكن المشكلة أن الولي، الشعلة، لم يطلب من احمد باب أن يكتب الكتاب فقط، إنما ظل يسأله عنه ويلح عليه، كأنما كان يتابع اطوار التحضير لعملية أو كأنما كان الولي يربط في ذهنه صدور الكتاب بتحقيق نصر كبير. في إهداء الكتاب يقول أحمد باب: "إلى الولي لألف سبب. هذا الكتاب الذي كان سيشارك في كتابته، والذي كانت الفكرة له، والذي ساعد فيه." دائما حسب الاهداء، يقول الكاتب أن الولي قال له: أنت الذي تتقن جيدا لغات النصارى، وتتقن أكثر من لغاتهم.. انت تعرف يا أخي أن المنفى صعب، فلنتعلم منه ما في وسعنا. إذا كان بإمكان المرء فقط تجنب التعلم أكثر من اللازم، للحفاظ على روحه. حسنا. عرّفهم بشعبنا. أنا متأكد أنهم لو كانوا يعرفوننا، كانوا ساعدوننا ضد هؤلاء المستعمرين الغاشمين وضد توغل التوسعيين. شعبنا رائع، إنساني وشجاع، ولا يريد الشر لأي أحد. كان شعبنا يمكن أن يكون مستبدا  لكنه لم يفعل ذلك."

هكذا بدأ الحوار بين الرجلين، وعند نقطة معينة يقول احمد باب: موافق-على كتابة الكتاب-، لكن بشرطين.

الولي: موافق على الشرطين.

احمد باب: الشرط الأول، نكتبه معا.

الولي: اسمع، انا دوري هو الحرب، أما الباقي فهو لكم.(..)

لكن لماذا لا أشارك معك؟، كل منا يجب ان يشارك في كل مجالات الكفاح. 

احمد باب: الشرط الثاني، أن كتابة كتاب تحتاج الوقت.

الولي: الثوري يجب أن يقوم بعشر مهام في وقت واحد.

حدث هذا الحوار في بداية سنة 1975م، لكن الولي لم ينس، وفي يوم من الأيام، سأله في تندوف: أين الكتاب؟ 

استشهد الولي قبل صدور الكتاب، وكان من الممكن ألا يكتبه احمد باب لأن الملهم رحل، كما كان من الممكن  أيضا، أن ينسبه لنفسه، لكن احمد باب هو رجل من معدن حر، فاعترف ان الكتاب هو فكرة الولي، ذلك الرجل المعجزة.

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء