انطباعات عن المؤتمر وولاية الداخلة(1)



عداد شريط الذاكرة الملبدة بغيوم الماضي يعود إلى الوراء عشرين سنة خلت. آخر زيارة لي إلى ولاية الداخلة كانت سنة 2002م، وكانت الداخلة يومها كبيرة، مضيافة، دافئة وهادئة، وكان الانطباع الذي خرجت به بعد مغادرتها انها تعيش في عالم آخر نحسدها عليه؛ عالم بعيد، غير عالم اللجوء وعالم ضوضاء وصخب الولايات الاخرى. الآن، بعد عشرين سنة، دوائر ولاية الداخلة قليلة العدد، بعد أن هجرها الكثير من سكانها وتوجهوا الى الولايات الشمالية واستبدلوا التقرب من الرابوني والإدارات وربما من الضوء في مدرسة 27 فبراير بخلوتهم وزهدهم وكبريائهم في تلك المنطقة البعيدة. ورغم تلك الهجرة احتفظت ولاية الداخلة بذلك الكبرياء وذلك السر العجيب وهو أن من يزورها يعتقد أنها تختلف عن الولايات، وأنها تعيش في أرض اخرى غير أرض اللجوء، وتعيش في زمن آخر غير زماننا الصاخب. يقول سكان ولاية الداخلة بأصواتهم المميزة الخاصة بهم، أنهم يعيشون اللجوء مرتين: لجوء عن الوطن، ولجوء بسبب البعد. ورغم كل ذلك لم يتغير قلب ولاية الداخلة ولازال دافئا كالجمر، ولازالت تقبض بيد من وفاء على صفاتها الجميلة: هادئة، بسيطة، دافئة ومضيافة، كما احتفظت بذلك السر وهو أن من يزورها،  من غير سكانها، يقتنع أنها تختلف عن الولايات، ويتصور أنها توجد في مكان ما من عالم بعيد أو في كوكب آخر. 

**

مؤتمر الجيش 

هذه أول مرة أشارك في مؤتمر، وكان أول انطباع خرجت به من الندوة في ولاية اوسرد، أن هذا المؤتمر سيكون هو مؤتمر جيش التحرير الشعبي الصحراوي. كان الجيش في الواجهة وفي المرآة وفي صدر القاعة الايمن كأنما يقول بلغة مستترة أنه هو ضامن النصر والوحدة الوطنية، وأن الحرب غيرت المعادلة داخليا وخارجيا. بدا الجيش أكثر جسارة وأكثر حضورا، وعكَس صورة جاهزية افتقدها زمنا طويلا تحت وطأة سراب السلم المخادع الكاذب الذي كاد يعصف به. وأنت تتفقد بعينيك جناح الجيش في القاعة ستحس ذلك الإحساس الذي يرفع المعنويات والذي افتقدناه طويلا، وسترى بريقا في عيون أولئك الصقور يعود بك إلى زمن الملاحم الكبيرة. سترى تلك الفسيفساء العجيبة المتناسقة المتداخلة أو تلك الصورة التي تدهشك حتما. سترى مفجري الثورة منذ خمسين عاما يجلسون جنبا الى جنب مع مقاتلين ازدادوا سنة 2002م. سترى الغزواني علي صاحب طلقة 20 ماي وترى عبدى بوبوط جنبا إلى جنب مع شبان في عمر احفادهم، وكلهم يلبسون الزي العسكري بأناقة تدل على حضور دائم، وتدل على استعدادهم وجاهزيتهم للقتال. يالها من صورة أو فسيفساء نادرة الحدوث ولن تتكرر في زمن آخر. صورة الجيش في المؤتمر ترفع المعنويات وترمم كل الانكسارات التي سببها لنا زمن الاحرب والاسلم اللعين. يستمد حضور الجيش في الجهة اليمنى للقاعة قوة أخرى من حضور المناضلات في جهة القاعة الأخرى. إذا ذكر أحد ما كلمة جيش في تدخّل تنفجر القاعة زغاريدا واهازيجا بحياة الجيش، ويتم التلويح بالأعلام وبأطراف الملاحف في مشهد رائع يعكس مكانة الجيش. رفع الجيش معنوياتنا عاليا في المؤتمر وحملنا على أجنحة من فخر الى أعلى. يتبع

blog-sahara.blogspot.com.es 

من صفحة السيد حمدي يحظيه 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء