لم يعد أحد ، الآن، مقتنعا أن الاتحاد الافريقي يمكن أن يستمر في السير إلى الأمام بهذه الطريقة التي يحاول المخزن فرضها عليه. الاتحاد، أيضا، من جهته، لا يمكن أن يظل يتفرج على هذه المسرحية التي يتفنن المخزن في إخراج فصولها، فيضيف إليها ويحذف منها على هواه. بعد خرجات المخزن الكثيرة- الاخيرة في طوكيو، عندما حدث الاعتداء الجسدي على المباشر على السفير الصحراوي- أصبح الشك يتسرب إلى الأخوة الافارقة أن اتحادهم، الذي سهروا كثيرا على تأسيسه وجعله يقف على رجليه، أصبح أسير نزوات دولة هي أصلا ليست منه، إنما دولة مضافة إليه. حسب الأستاذ كارلوس رويث ميغيل(1)، أستاذ القانون الدستوري بجامعة كومبوستيبلا الإسبانية، فإن " المغرب ليس عضوا بالمعنى الصحيح، كما لا يمكن أن نقول أنه عاد إلى الاتحاد الافريقي، إنما هو عضو مضاف، لأن المادة 29 من القانون التأسيسي للاتحاد تقول يمكن أن تنضم دولة للاتحاد بعد الموافقة على القانون التأسيسي وبعدها تصبح عضوا". الأعضاء الحقيقيون هم الذين أسسوا الاتحاد، وشاركوا في تحرير قانونه الأساسي غداة التأسيس ووافقوا على احترامه، وليسوا الذين انضموا إليه. بالتالي، فانضمام المغرب غير سوي لأنه- المغرب- خرق القانون ولهذا لا يمكن اعتباره عضوا. يواصل الاستاذ كارلوس رويث ميغيل، أن استعمال مصطلح " عودة المغرب" للاتحاد الافريقي ليست دقيقة، لأنه لم يكن عضوا في الاتحاد أصلا وخرج منه ليعود إليه، والاتحاد الافريقي الحالي ليس هو منظمة الوحدة الإفريقية التي كان المغرب عضوا فيها وخرج منها سنة 1984م.
الهدف الحقيقي من انضمام المغرب إلى الاتحاد الافريقي
رغم أن واحدا من الأهداف التي وضعها المغرب نصب عينيه، منذ فكّر في الانضمام إلى الاتحاد الافريقي، هو محاولة طرد الجمهورية الصحراوية من الاتحاد، و" إقناع" الدول المعترفة بها بسحب اعترافها، إلا أن الاستاذ الإسباني المذكور، كارلوس رويث ميغيل، يرى أن قانون الاتحاد الافريقي لا توجد فيه مادة تدعم طرد عضو من الأعضاء، كما سيكون من شبه المستحيل إقناع ثلثين من بين 53 دولة بتعديل القانون التأسيسي للسماح بوضع نقطة، يتعنت المغرب على إضافتها، تقول أن الدول غير الأعضاء في الأمم تخرج من الاتحاد الافريقي. إذن- دائما حسب الأستاذ ميغيل- "فإن هدف المغرب من الانضمام إلى الاتحاد الافريقي ليس طرد الجمهورية الصحراوية لأنه لا يستطيع، كما لن يستطيع تعديل القانون الأساسي"، وبالتالي المغرب يسعى إلى إفشال الاتحاد الافريقي، وشق صفه لتحييد تأثيره كعرين آمن يحمي ظهر الدولة الصحراوية.
إذا تأملنا، الآن، المشهد في الاتحاد الافريقي نجده كما يلي: المغرب لم يستطيع أن يقنع أكبر عدد من الدول الإفريقية كي تطلب تعديل القانون، ولم يعد يستطيع أن يقنع أو يرشي دولا أخرى افريقية أن تسحب اعترافها بالدولة الصحراوية، كما لم يجد دولا أخرى تريد أن تفتح قنصليات في المدن الصحراوية المحتلة. هذا يعني أن أصدقاء الجمهورية الصحراوية الاوفياء يمنعون المغرب من تنفيذ خططه مثل تعديل القانون وسحب البساط من تحت أرجل الجمهورية الصحراوية، خاصة إن من بينهم دولا وازنة مثل جنوب افريقيا والجزائر، وهذا الفشل الذريع، بعد ثماني سنوات من المحاولة، يجعل المغرب ينتقل إلى المرحلة الأخرى وهي إفشال الاتحاد وشق صفه.
المخزن يخرق أكثر من مادة من مواد القانون التأسيسي للاتحاد
حسب الاستاذ غابريال .ف(2)، أستاذ زائر بعدة جامعات اوروبية، فإن المغرب يقوم بخرق أكثر من مادة من مواد القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي. فهو يخرق المادة الثالثة من القانون التأسيسي للاتحاد التي تقول يجب الدفاع سيادة وحرمة التراب الوطني واستقلال الدول الأعضاء. هذا خرق واضح وفاتح للقانون التأسيسي للاتحاد، لأن المغرب، البلد غير العضو أصلا، المضاف إلى اللائحة، يحتل أرض دولة عضو وليست مضافة مثله. هذه مفارقة عجيبة لا يوجد أي اتحاد يقبل بها مَهما كان ضعفه. ودائما حسب تصريح الاستاذ المذكور، "لا يخرق المغرب المادة الثالثة فقط من القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي، لكن يخرق، أيضا، المادة الرابعة خاصة المادة الفرعية(ب) التي تقول: احترام حدود الدول عند استقلالها. يخرق، أيضا، المادة الفرعية (و) التي تقول يمنع استعمال القوة بين الدول الأعضاء. إذن، سيكون من الصعب تفهّم كيف يتعايش اتحاد، مثل الاتحاد الافريقي، مع دولة تخرق أكثر من مادة من قانونه".
هل يمكن أن يبقى الاتحاد الافريقي لعبة في يد دولة تخرق قانونه؟
ما قام به نظام المخزن من تجاوزات قانونية، وتجاوز لكل الإجراءات المعمول بها، يتطلب ردا حازما من الاتحاد إن هو أراد أن يحافظ على صورته وتماسكه كاتحاد يجمع دول قارة من أكثر القارات سكانا، ومن أحوج القارات إلى اتحاد يجمعها. منذ انضمام المغرب إلى هذا الاتحاد أصبح اتحادا منقسما على نفسه، تم تشويه صورته وسمعته، ويمكن القول أنه تحول إلى سرك في الهواء الطلق. إن ما يحدث في اروقة الاتحاد بسبب تحريض المخزن على التفرقة، وبسبب خرقه-المخزن- للقانون، يجعل شعوب إفريقيا تبدو غير مطمئنة على مستقبلها في اطار الاتحاد المذكور، ويجعل شركاءها مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والصين والدول الأخرى يفكرون، قبل عقد أي اجتماع، في ماهي المسرحية التي يعد لهم المغرب. الآن، وصل الاتحاد الافريقي إلى مرحلة حاسمة أو إلى مفترق الطرق، وما لم يتحرك، بسرعة، فسينجح المخزن في مسعاه في تشتيت شمله وتقسيمه إلى قسمين.
المخزن دفع دولا أخرى إلى خرق قانون الاتحاد
لم يقم المخزن بخرق القانون وحده، لكنه استطاع أن يجر عدة دول إلى خرق نفس القانون. لقد فتحت عدة دول افريقية، أعضاء في الاتحاد، " قنصليات" في المدن المحتلة من الجمهورية الصحراوية، وهذا غير قانوني. فعمل مثل هذا-فتح قنصليات في دولة محتلة عضو في الاتحاد- كان يتطلب أن تتدخل الهيئة القانونية للاتحاد وهي التي تفتي، بالاعتماد على القانون، بالسماح بفتح تلك القنصليات أم لا. الآن، لا يوجد أي مبرر يجعل الاتحاد يسمح أن تبقى قنصليات دول اعضاء فيه مفتوحة في مدن دولة محتلة وعضو في الاتحاد. لا يمكن، أيضا، فهم لماذا لا تصدر الهيئة القانونية للاتحاد فتوى قانونية حول تصرف الدول الأعضاء في الاتحاد التي فتحت قنصليات في مدن الجمهورية الصحراوية المحتلة وهي عضو في الاتحاد؟
قبول الاتحاد الافريقي لخرق قانونه، وسكوته عن المخزن الذي يتمادى في التلاعب بكل الاعراف يطرح أكثر من سؤال حول جدية هذا الاتحاد في تطبيق قوانينه، وحول ما هي خلفية تساهله مع مثل هذا التصرف.
إذن، هناك الكثير مما يجب معالجته قبل أن ينجح المحزن في مسعاه.
(1) كارلوس رويث ميغيل، periodista digital
7/2/2017
(2) مكالمة مع البروفيسور غابريال. ف. 26/7/2024
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء