رسالة بوتفليقة القوية إلى كوفي عنان




مثلما رأينا في مقال سابق فإن كوفي عنان، رغم أنه إفريقي ومن بلد إفريقي معروف تاريخيا-غانا- أنه محب للحرية والعدالة ودافع عن حرية شعوب القارة إلإفريقية، إلا أنه- عنان- كشخص كان يحمل في تفكيره وثقافته بذرة البرغماتية الأمريكية والفرنسية ومتشبع بمبادئهما، ويصدق توجهاتهماالسياسية.. حين جاء إلى المبنى الأزرق في نيورك سنة 1997م عيَّن بيكر مبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية، وطلب منه في سرية تامة- تامة- أن يبحث عن خطة للحكم الذاتي في الصحراء تعطي للمغرب، في النهاية، السيادة. حين لم يستطيع بيكر تنظيم الاستفتاء بسبب خذلان مجلس الأمن له، وعناد المغرب ومجئ بوش للحكم، عاد بمخطط للحكم الذاتي( الاتفاق الإطار) الذي مات قبل ان يولد، ثم أتى بعده بخطة توفق بين الحكم الذاتي الذي يطالب به المغرب والاستفتاء الذي تطالب به البوليساريو وهي مخطط عبارة عن حكم ذاتي لمدة خمس سنوات تكون متبوعة بأستفتاء يشارك فيه المستوطنون الذين يشكلون غالبية في المناطق المحتلة. رفض المغرب الخطة وقبلتها البوليساريو والجزائر لإنها تضمن شرط الاستفتاء الذي يضمن صوتا لكل صحراوي ي نهاية المطاف.
رفضُ المغرب لخطة بيكر الثانية ولجوئه لواشنطن كي تدعم مخططه للحكم الذاتي حفز عنان في آخر أيامه كي يلعب مع الأمريكيين ورقة الحكم الذاتي. وجود بوش الإبن المتهور في البيت الأبيض ساعد في الضغط من أجل إنعاش خطة الحكم الذاتي التي كانت في الدرج، وساعد على جعل بيكر يرمي المنشفة ويستقيل.. لكن كي تنجح خطة الحكم الذاتي، حسب التفكير الأمريكي، كان لا بد من فتح مفاوضات مباشرة بين الجزائر والمغرب. تم الأتصال بالجزائر رسميا من طرف الأمم المتحدة ومن طرف الولايات المتحدة الأمريكية في بداية جانفي 2006م كي تقبل التفاوض المباشر مع المغرب وكي تفتح الحدود، وتقب الحكم الذاتي في الصحراء الغربية..
وحتى تذهب القضية إلى مزيد من التأزم تم تعيين مبعوثا شخصيا ضعيفا ومصاب بمرض الزهايمر هو فان ولسوم من هولاندا، وجاء فقط كي ينعش الحكم الذاتي الذي كان عنان يريد في الخفاء وتريده أمريكا وفرنسا والمغرب.. بالنسبة لهؤلاء " الحكم الذاتي" هو تجسيد حقيقي "للواقعية السياسية". أقتراح الأمين العام للأمم المتحدة عنان المدعوم من أمريكاأن تفتح الجزائر مفاوضات مع المغرب كتقديم لقبول الحكم الذاتي كحل "واقعي" جعل بوتفليقة يغضب ويكتب في نهاية فبرائر 2006م رسالة إلى عنان أوصلها له الوزير المنتدب عبد القادر مساهل. في الرسالة يقول بوتفليقة:" التاريخ سيسجل أنه في عهدة الأمين العام - عنان- فإن مخطط بيكر- الثاني- شكل فرصة للخروج من مأزق الجمود الذي دام ثلاثة عشر سنة في الصحراء الغربية بطريقة تتميز بالواقعية، العدالة والمساواة.. لقد تفاجأت الجزائر تماما حين علمت بمقترح موجه للجزائر كي تشارك في مفاوضات مباشرة مع المغرب بهدف تجسيد خطة مسبقة للحكم الذاتي في الصحراء الغربية بحجة حل "الواقعية السياسية"، والذي لن يكون، في الحقيقة، سواء انقلاب على الشرعية الدولية وعلى حقوق الشعب الصحراوي.. إن الجزائر ترفض أن تكون طرفا في الصراع وترفض التفاوض مع المغرب أو تحل محل الشعب الصحراوي؛ أية مفاوضات للوصل إلى حل يجب ان تتم بين الطرفين( المغرب والبوليساريو) فقط.. لا يوجد ما يدفع الجزائر كي يتم إقحامها في مثل هذه المفاوضات: الجزائر ليس لديها ما تطالب به وليس لديها ما تقدم."
سنة 2006م عرفت الكثير من الضغط سواء على الجزائر او على الصحراويين كي يقبلوا الحكم الذاتي، وشارك في الضغط كل من الولايات المتحدة الأمريكية والأمانة العامة للأمم المتحدة التي كانت، في عهد عنان، متواطئة كثيرا مع الأمريكيين. فمن خلال إيقاع رسالة بوتفليقة القوية لعنان نستنتج أن طلب إجراء مفاوضات بين الجزائر والمغرب كان رسميا ومن الأمانة العامة للأمم المتحدة، وأنه تم رفضه بقوة من طرف الجزائر.. 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء