كان ضغط الولايات المتحدة- إدارة
بوش- كبيرا على المغرب( بعث وفود، تلبية
رغبات، استفسار عن المشروع) كي يعجل بتقديم مقترحه للحكم الذاتي، لكن كانت هناك
مشكلتان: 1) الولايات المتحدة تريد مقترحا يعطي الكثير من الصلاحيات للصحراويين
ولا يترك للمغرب ما عدا السيادة( يسمونه حكم ذاتي مثل تقرير المصير)، ويحظى برضى
الصحراويين؛ 2) أن المغرب يعرف أنه ليس لديه ما يعطي للصحراويين خوفا من أن يفتح
عليه جبهة الريف والأمازيغ الذين قد يطالبون بحكم مثل الحكم الذاتي في الصحراء
الغربية. المغرب أيضا كان مقتنعا أن البوليساريو – ممثل الصحرايين- لن تقبل بأقل
من السيادة اما الباقي فيمكن النقاش بشأنه.
الضغط والحث
وتكثيف الاتصالات جعل المغرب يرضخ في النهاية. يوم 20 مارس 2006م، أتصل الفاسي
الفهري بالسفير الأمريكي بالرباط واخبره أنه هو ومصطفى ساهل من الخارجية المغربية
سيتوجهان في وفد إلى واشنطن كي يخبران، بإيجاز وشفهيا، الرسميين في الولايات
المتحدة بمشروع محمد السادس للحكم الذاتي في الصحراء الغربية وبمبادرات أخرى ينوي
الملك أتخاذها مثل " انتهاج ديمقراطية تامة"، وتشخيص المصادر البشرية في
المستقبل، وتطور الأجيال، ورؤية المغرب لكيف سيتدرج مشروع الحكم الذاتي، وكيف ستقف
الجزائر في وجهه..
حسب تقرير
للسفير الأمريكي في الرباط ريلي بتاريخ 20 مارس 2006م، فغن الفاسي الفهري كان يريد
تجريب ردة الفعل الأمريكية الأولية على المقترحات المغربية، ويتمنى ان يحصل على
مسعى أمريكي حول قرارات مجلس الأمن وتجديد مهمة بعثة المينورصو..
في حديثه مع
الوفد المغربي الح السفير الأمريكي ريلي على أن الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة
بمقترح حكم ذاتي جدي، وان التركيز على المخاوف من معارضة جزائرية سينقص من قيمة
المقترحات المغربية.
حين عادت
الكلمة للوفد المغربي، قال الفهري أن تعهد الملك بالحكم الذاتي هو واضح، وأنه فقط
يريد النقاش مع الأمريكيين في واشنطن كيف يمكن ضمان أن نجاح المقترح المغربي مئة
بالمئة يعتمد على التشاور مع الأحزاب السياسية، وتمنى أن يكون للمغرب والولايات
المتحدة نفس الهدف بخصوص قرارات مجلس الأمن، وأن المغرب ينوي ان يشاطر واشنطن
وباريس مقترحاته. حسب التقرير الأمريكي (06rabat497_a، 20 مارس 2006) فإن الفاسي قال
أنه يأمل أن يحصل من واشنطن على وجهة نظرها بخصوص بخصوص مقترحات المغرب، وأنه
سيخبر الولايات المتحدة بمعلومات سرية عن موقف الجزائر، ويتمنى ان تشاطره تحليلاته
عن دور الجزائر..
لكن يبدو أن
السفير الأمريكي ريلي كان مستاءا من تكرار المغاربة للاسطوانة القديمة التي لا
جدوى منها.. قال السفير بشيء من الغضب: الولايات المتحدة تفهم وجهة النظر المغربية
أن المشروع الذي سيقود إلى حكم ذاتي يجب ان يكون مقترحا من طرف المغرب، ويجب ان
يقود إلى محادثات، وأن المقترح المغربي المفتوح لا يجب ان يمثل وجهة نظرهم فقط..
يُفهم من
كلام السفير الأمريكي أن الولايات المتحدة تريد المغرب أن يتقدم بمقترح للحكم
الذاتي، لكن يكون مفتوحا ويتم إدراج فيه وجهة نظر البوليساريو؛ أي أن لا يبقى
محصورا على الأقتراح المغربي فقط.. ويواصل السفير الأمريكي قائلا بغضب للوفد
المغربي: الأمريكان يريدون سماع مقترحات بشأن حكم ذاتي جدي وإيجابي وليس الاستماع
إلى وجهة النظر المغربية حول الأهداف الجزائرية.. إن التركيز- يقول السفير- على
الأهداف الجزائرية – في الصحراء الغربية- سينقص من تأثير تقديم المقترح في
واشنطن..
كان
الأمريكان يتصورون أنهم إذا غمزوا المغرب بأقتراح الحكم الذاتي، وساندوه في الأمم
المتحدة أو في خارجها فإن المغرب، بدوره، سيتفهم لاحقا ما هو الحكم الذاتي الذي
يريد الأمريكان، وانه سيتم إدراج ملاحظاتهم – الأمريكان- فيه والتي تتركز أساسا
على إدماج مقترحات البوليساريو في المقترح وجعلهم محاوروا رسميا.. تركز الضغط
الأمريكي الخفيف على المغرب على تكرار ان يكون المقترح جديا، وذا مصداقية"،
لكن المغرب كان يعرف، مسبقا، أنه إذا خرج ولو بفاصلة عن المقترح الذي تقدم به
سيخسر اللعبة بكاملها..
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء