هكذا حاولت البوليساريو في البداية الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية (I)


حسب الكثير من وثائق الدبلوماسية الامريكية المصنفة فإن البوليساريو، ابتداءا من سنة 1975م، حاولت أن تربط الإتصال بالولايات المتحدة الأمريكية لتشرح لها موقفها
وعدالة قضيتها، ولتضحض الصورة التي حاول المغرب الصاقها بها من انها حركة شيوعية، وتمت محاولات الاتصال عن طريق سفارات الولايات المتحدة في الجزائر واسبانيا، وقام بها دبلوماسيون صحراويون تحت أسماء مستعارة غالبا. أول وثيقة أمريكية مصنفة تتحدث عن أول اتصال للبوليساريو بالولايات المتحدة تعود الى تاريخ 25 جويلية 1975م، وتحمل رقم 1975ALGIER01669_b، صادرة عن سفارة الولايات بالجزائر،  وتقول: ان شخصا قدَّم نفسه انه مناضل من البوليساريو اتصل بالسفارة، وقال ان اسمه عادل، وان اتصاله هو بهدف توعية البلدان الصديقة التي تدافع عن مبادئ الأمم المتحدة، وان قيادة البوليساريو لا تعلم باتصاله هذا مع السفارة. قال ايضا ان حركته متشبثة بتقرير المصير، وأنها تقبل أي حل تأتي به الأمم المتحدة. سأله أحد أعضاء السفارة عن عدد المنخرطين في البوليساريو، ومن هم قيادتها، فقال " ان الشعب الصحراوي كله أعضاء في البوليساريو، اما قيادتها فهي مناضلين منها ولا يريد ذِكر اسمائهم" سألوه أيضا عن هل الجزائر غيرت موقفها بعد زيارة بوتفليقة للمغرب- الزيارة التي حدثت يوم 2 جويلية 1975م-؟ قال لا. الجزائر موقفها ثابت. حين أراد الانصراف سلمهم كتيبا عنوانه " الشعب الصحراوي يكافح"، وقال انه سيعود كلما سنحت له الفرصة. حسب التقرير فإن عناصر السفارة لم يرحبوا بزيارته.
حسب تاريخ الوثائق فإنه منذ ذلك التاريخ توقفت الاتصالات، ولم يتم استئنافها إلا بعد مضي تسعة أشهر على تولي جيمي كاتر منصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن رغم تغير الإدارة في واشنطن بقى الاتصال مع البوليساريو في نفس الخانة التي تركه فيها الرئيس فورد ووزيره كيسنجر: منع الاتصال بممثلي البوليساريو.
الوثيقة الثانية صادرة عن سفارة الولايات المتحدة بمدريد، بتاريخ 19 أكتوبر 1977م وتحمل رقم 1977MADRID07787_c، وتقول ان شخصا اسمه "السَّيد"، اتصل بهم طالبا ان يتم ترتيب لقاء بين البوليساريو والسفارة، وان نائب مسؤول البوليساريو سيزور مدريد، ويريد ان يتصل بالسفارة لعقد لقاء مع السفير نفسه. يقول التقرير ان السفارة فهمت أن طلب اللقاء هو بهدف شرح موقف البوليساريو مباشرة للولايات المتحدة. لكن السفارة الأمريكية رفضت ترتيب اللقاء، وطلبت تعليمات من كتابة الدولة الامريكية حول هل يمكن الاتصال بالبوليساريو ام يتم رفض أي محاولة اتصال.
الوثيقة الثالثة بتاريخ 2 ديسمبر1977م، وتحمل رقم 1977STATE287605_c وتقول: ان عادل الذي زار سفارتهم في الجزائر سنة 1975م، ظهر في واشنطن يوم 1 ديسمبر 1977م، وانه عقد ندوة صحفية، وقام بعرض فيلم عن كفاح الشعب الصحراوي، وقال انه هو وزير خارجية البوليساريو، وانه جاء كي يلتقي مع الرسميين الامريكان. حسب التقرير تم رفض محاولة اتصاله بالرسميين الأمريكيين، وإن كندا، بناء على شكوى من السفير المغربي في واشنطن، بن جلون، رفضت ان يقوم باي نشاط على أراضيها. يقول التقرير، أيضا، ان كتابة الدولة الامريكية اعلنت انها لن تتصل بالبوليساريو، وان الاتصال بها هو فقط لمنح التأشيرات فقط.
حسب وثيقة أخرى بتاريخ 31 جويلية 1978م من سفارة الولايات المتحدة بالجزائر تحت الرقم 1978ALGIER02267_d فإن شخصا اسمه علي مولود، ملحق ببعثة البوليساريو بالجزائر قد اتصل بالسفارة، وقال انه يريد الاتصال مباشرة بالسفير كي يرتب معه لقاءا لشرح موقف البوليساريو من مجمل القصايا، وانه في حالة ان يقبل السفير، فإن عمر منصور ومختار مالعينين هما من سيلتقيان معه. كان جواب السفارة له ان السفير موجود في تونس. في التقرير طلبت السفارة من كتابة الدولة تعليمات حول الطريقة التي يجب اتباعها للتعامل مع ممثلي البوليساريو.
الوثيقة الاخرى بتاريخ 31 جويلية 1978م وصادرة عن كتابة الدولة الأمريكية تحت الرقم 1978STATE193164_d، وموقعة من طرف كاتب الدولة للخارجية، فينس، ويقول فيها لسفارته في الجزائر،  انه فعلا بسبب الظروف الحالية، وبسبب محاولة الحفاظ على المصالح والتوازن في المنطقة، يجب أن لا يتم الاتصال بممثلي البوليساريو إلا في حالة واحدة وهي منح التأشيرات لهم." لكن في وثيقة أخرى من السفارة الامريكية في الجزائر بتاريخ 6 غشت 1978م تحت الرقم 1978 ALGIER 02308_d  نصل الى نتيجة وهي ان السفارة الامريكية في الجزائر كانت تتوقع المزيد من الاتصالات من طرف البوليساريو. في الوثيقة يقول السفير " في حالة ان توافق كتابة الدولة على الاتصال بقادة البوليساريو، نوصي أن يبقى دورنا مقتصرا على الاستماع لما يريدون تمريره لسلطاتنا، كما يجب أن نحصل على موافقة البوليساريو المسبقة أن لا يتم نشر اي شيء عن لقاءاتنا معهم. اقترح كذلك أن تكون اللقاءات على ثلاثة مستويات: أ) على مستوى نائب القنصل الذي سبق أن اتصل معهم حول قضايا منح التأشيرات؛ ب) على مستوى الملحق السياسي أو على مستوى السفير. في الوثيقة يسأل السفير وزارته: هل لديكم أفكار حول الموضوع .؟  تمت اجابة السفير الامريكي في وثيقة أخرى بتاريخ 10 غشت 1978م، صادرة من كتابة الدولة للخارجية تحت الرقم 1978STATE202026_d، وكان الجواب مختصرا ويقول: يمكن ان نفقد الكثير في علاقتنا السياسية مع المغرب، وعليه نواصل منع التعامل مع البوليساريو ما عدا في الشئون القنصلية فقط."
لكن يبدو أن كتابة الدولة الامريكية فكرت من جديد في التقرير السابق لسفيرها بالجزائر، فكتبت في يوم 12 غشت 1978م رسالة تحت الرقم  1978STATE204740_d تقول فيها: ان تغييرنا لموقفنا من منع التعامل مع البوليساريو ما عدا على المستوى القنصلي سيصب في صالح أهداف البوليساريو، وسيقوض سياستنا الحيادية، وسيثير المغرب الذي سنخسره لو فعلنا ذلك.
لكن مع ذلك أصرت البوليساريو على الاتصال بالولايات المتحدة، لكن غيرت تكتيكها، وأصبحت تبحث عن الاتصال بالامريكان لتناقش معهم القضايا الإقتصادية بدل السياسية . حسب وثيقة صادرة عن كتابة الدولة الأمريكية للخارجية بتاريخ 11 سبتمبر 1978م تحت الرقم.1978STATE229990_d فان المستشار السياسي بالسفارة الجزائرية، عجالي، اتصل بمدير شؤون شمال افريقيا، بيشوب، وطلب منه أن يحدد لقاءا مع وزير خارجية البوليساريو ليتحادث معه حول قضية الفوسفات في الصحراء الغربية، وان كتابة الدولة للخارجية حذرت وزارة الاقتصاد من ان وزير خارجية البوليساريو يمكن ان يلتقي مع الوزارة مباشرة أو عن طريق الجزائر.

وثيقة اخرى من كتابة الدولة الامريكية بتاريخ 9 نوفمبر 1978م تحت الرقم 1978STATE285279_d، وتقول ان اي لقاء مع البوليساريو هو معارض لتعليمات كتابة الدولة، وانه يمكن ان نخسر الكثير سياسيا مع المغرب حتى لو ربحنا معلومات استخباراتية عن البوليساريو، ويجب ان نبقى متشددين كثيرا في عدم التعامل مع البوليساريو. في حالة ان يقترب أعضاء البوليساريو من السفارات لتسليم رسالة للرئيس او للاستفسار عن جواب رسالة سابقة يجب القول لهم ان هذا ليس من اختصاص السفارة، وأنها ليست مخولة للقيام به.
انتهى الجزء الاول(يتبع)
blog-sahara.blogspot.com.es
ترجمة وتعليق: السيد حمدي يحظيه

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء