في البروتوكول الدبلوماسي البسيط، إذا كان مسؤول في دولة ما سيقوم بزيارة إلى دولة أخرى، يتم إعداد برنامج للزيارة، ويتم تحديد التاريخ الذي ستتم فيه. ما حدث لوزير خارجية موريتانيا في " زيارته" التي الغاها المغرب يثير الشفقة والتعاطف. فما كاد الوفد الصحراوي يغادر نواقشوط حتى رتب وزير الخارجية الموريتاني زيارة بيعة الى المغرب ليتعذر له عن ما بدر من الشعب الموريتاني وسلطاته الواعية بعد استقبالهم للوفد الصحراوي. الإعتقاد الذي يحضر إلى الذهن هو أن هذه الزيارة هي من بنات أفكار وزير الخارجية وحده، لأنه سبق وقام بشطحات مماثلة فاشلة مع المغرب. وحتى ذهبت بعض الأوساط إلى القول إنه يحمل مبادرة وساطة بين المغرب بالبوليساريو. فالظاهر أن هذا الوزير، مع احترامنا لدولته وشعبه، سيموت " دون أن يفهم فيها شيء". هل يُعقل أن يفتح له المغرب الأبواب والأحضان والكؤوس التي كان الوفد الصحراوي يشرب فيها الشاي في نواقشوط لازالت لم " تُزيف"؟ لقد تعجل الوزير الموريتاني للخارجية تقديم البيعة للرباط وندم. النقطة الثانية، إذا كان سعادة الوزير يحمل وساطة، هل يتصور أن المغرب سيقبلها أو يناقشها معه؟ إذا كان يتصور ذلك فهو مصاب في عقله. هل سيقبل المغرب وساطة من موريتانيا هو الذي رفض وساطة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي؟ هل سيقبل المغرب وساطة موريتانيا هو الذي يعتبرها جزءا لا يتجزأ من الصحراء الغربية؟
لا أحد، حتى الموريتانيين أنفسهم، يفهم لماذا تواصل الدولة الموريتانية خلق فرص منذ ذهب للمغرب كي يبهدلها. الاقتناع في المغرب عامة، خاصة ما يُسمى الممكلة والمخزن وحزب “الاستقلال” التوسعي، وديناصورات المملكة الكبار، لازال وسيبقى كما هو: أن موريتانيا هي ” جزء تاريخي” من المغرب، وأنها ستعود إليه في يوم من الأيام، وأن الدولة الموريتانية هي دولة “فاشلة” وغير قابلة للحياة. قبل أتفاق مدريد كان المغرب، خاصة ملكه الحسن الثاني، يحتقر موريتانيا ولا يريد الاعتراف بها، وكان يرفض ان يصافح الرئيس الموريتاني ولد داده ولا يعتبره رئيسا، وإذا أتفق والتقيا في ملتقى يتجاهله الحسن الثاني ويترك يده في الهواء ويمر دون النظر إليه. لم يعترف الحسن الثاني بولد داداه إلا بعد ما اتفق معه على تقسيم الصحراء الغربية، ولو كان ولد داداه رفض التقسيم كان الحسن الثاني بقى يحتقر ولد داداه ويتعالى عليه.
في سنة 2008م، تم إعلان أن الملك المغربي سيزور موريتانيا، وقامت موريتانيا بواجب ترتيبات الاستقبال وشيدت خيمتها الكبيرة التي تعدها للضيوف، لكن الملك المغربي لم يأت ولم يعتذر عن إلغاء الزيارة.
في سنة 2016م، حل وزير خارجية موريتانيا مرتين أو أكثر بالرباط يشحت لقاء العاهل المغربي، لكن هذا الأخير تجاهله وتركه يعود إلى عاصمته.
حين أعلن المغرب التطبيع مع إسرائيل، اتصل الملك المغربي بالرئيس الموريتاني، ووعده بزيارة إلى نواقشوط، لكن بما أن نواقشوط مترددة في قبول الشروط والضغوطات المغربية والإماراتية فلن يزورها الملك، ولن يلغي الزيارة. في الواقع لا يمكن لوم موريتانيا كلها لما يحصل لمسؤوليها من استخفاف بالكرامة وبعزة النفس، لكن نلوم الأفراد فقط الذين لا يتعلمون دروس التاريخ.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء