حين نتحدث عن انتفاضة مخيم كديم إزيك، التي
دشنت الثورات العربية، نجد أنها، من حيث السيناريو والوقائع، تستوفي كل شروط
الثورات العربية التي أعقبتها. لنرى أنها استوفت كل شروط الثورات التي جاءت بعدها:
- إذا كانت الثورات العربية قد ثارت كلها، بدون
استثناء ضد الفساد السياسي، الاقتصادي، الإداري، التهميش، فإن انتفاضة كديم إزيك
الصحراوية من جهة قد حدثت ضد الاحتلال وضد التمييز العنصري الذي كانت السلطات
المحتلة المغربية تمارسه برعونة وعنف ضد الصحراويين في وطنهم، ومن جهة أخرى ثارت
للمطالبة بحق شرعي، هو تقرير المصير الذي تضمنه كل الشرائع السياسية وكل القوانين.
أكثر من ذلك حدثت للمطالبة بوقف النهب غير الشرعي للثروات الصحراوية التي كان يعود
ريعها بالجملة للمغاربة ويتم استثناء الصحراويين منها، رغم أنهم هم أصحاب الأرض
الشرعيين.
- الانتفاضة الصحراوية في كديم إزيك استمرت،
لوحدها، أكثر من شهر دون أن نغفل عن المظاهرات التي تحدث كفعل يومي روتيني في
المدن المحتلة، والتي يتم قمعها بكل وحشية ولا يعلم بها احد نظرا للحصار الإعلامي
المضروب على الصحراء المحتلة.
- هي أيضا لها شهداءها الذين سقطوا بالرصاص،
وهنا نذكر الشهيد الصغير الناجم الكارحي الذي يُعتبر، هو والشهيد الخطيب في سوريا،
أصغر شهيدين في انتفاضات الثورات العربية( 14و 13 سنة على التوالي). يُعتبر الشهيد
الطفل الناجم الكارحي، شهيد الانتفاضة الصحراوية، هو الشرارة التي أشعلت المعركة
بين القوات المغربية والمنتفضين الصحراويين وحولت المخيم إلى ساحة مناوشات مفتوحة
انتقلت إلى مدينة العيون والمدن الأخرى. إن الناجم الكارحي الذي أطلق عقال
الانتفاضة الصحراوية كان له أمثال وأتراب آخرين في الثورات العربية التي تلت
انتفاضة كديم إزيك. وليس الناجم هو الشهيد الوحيد في هذه الانتفاضة، إنما سقط
الكركار، دمبر، ميشان وآخرون.
- انتفاضة الصحراويين في كديم إزيك تميزت بأنها،
لضخامتها وهول ما حدث فيها من قمع، كانت الثورة الوحيدة من بين الثورات العربية
التي فرضت على مجلس الأمن أن يعقد لها جلسة خاصة ليتخذ بشأنها قرارً أفشلته فرنسا
في الأخير بواسطة فيتوها الحاضر دائما إلى جانب المغرب.
- وإذا كانت الانتفاضة الصحراوية في مخيم كديم
إزيك لم تنجح مؤقتا في تحقيق مطالبها، بسبب أنها قُصفت بالطائرات وقُمعت بالدبابات
والسلاح، فإنها استطاعت أن تعيد الاعتبار إلى القضية الصحراوية وتفتح طريقا أمام
الشعوب العربية لتثور.
إن هذه المقارنة بين انتفاضة كديم إزيك
والثورات العربية التي جاءت بعدها يجعلنا نقتنع أن ما قاله المفكر نعوم تشومسكي من
أنها كانت هي التي فتحت الأبواب أمام الشعوب العربية لتقلدها، هو صحيح وواقعي
ويلامس الحقيقة بدون اعتبارات عاطفية. إن تشومكسي، المفكر العالمي اليهودي الأصل،
الأمريكي الجنسية ليس صديقا حميما للصحراويين، ولا يعرفهم كشعب، ولم يزرهم من قبل،
لكن يعرف قضيتهم ويتابع كل ما يحدث للشعوب المضطهدة.
إن الشعوب العربية التي ثارت، عليها أن لا تحسد
الشعب الصحراوي الصغير الواقع تحت الاحتلال المغربي، وأن لا تقوم بأختطاف منه
وقرصنة شرف أن انتفاضته في مخيم كديم إزيك
كانت هي الشرارة التي أشعلت فتيل الثورات العربية اللاحقة والتي غيرت الكثير في
الحياة العربية.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء