في جانفي الماضي من هذه
السنة – 2015م- تمت مجزرة في مقر جريدة "شارلي هبدو"، بدم بارد
وبالكثير من الثقة في النفس، وخرج المهاجمون بطمأنية وتمت مطاردتهم وقتلهم في وقت
كان يمكن القبض عليهم. حدثت تلك العلمية في قلب باريس، عاصمة أقوى دولة أوروبية
أمنيا، وببساطة لم تكن تلك العلمية مفهومة أو كانت مدبرة لكن إرتداداتها لم تنجح..
بعد تلك العلمية، بديهيا،
كان يجب على الحكومة الفرنسية أن تتخذ كافة أحتياطات الحذر، وأن تنفذ خطة أمنية
وطنية حتى لو كانت مؤلمة، لكن يبد ان شئيا من هذا لم يحصل، ومضت فرنسا إلى الأمام
دون أن تثير تلك العلمية الكثير من الإرتدادات في الداخل الفرنسي..
لكن لنعتبر – فقط نعتبر
دون أن نترك الشك انها كانت مدبرة- أن تلك
العلمية كانت معزولة ومنفردة وفي غفلة من السلطات الأمينة، فماذا سيقال الآن عن
هجمات الجمعة 13 نوفمبر؟. هي ليست عملية إرهابية بسيطة أو منفردة أو قام بها شخص
واحد أو إثنين أو هي أنفجار قنبلة يدوية الصنع في حافلة؛ هذا هجوم ناجح مكتمل
الأركان وقامت به كتيبة أو فصيلة مسلحة ومدججة حتى الأسنان، وتم تنفيذه في قلب
باريس بكل راحة وبكل هدوء وتم تنسيقه حتى ليظن المشاهد أن فرنسا لا أمن فيها ولا
شرطة.. مثل هذا الهجوم لا يجعل عاقل يصدق أنه وقع دون أن تنام عنه، متعمدة، أعين
الدولة الفرنسية.
هل هو سيناريو جديد ل 11
سبتمبر جديد… نفس الخطة تقريبا مع فارق أن فرنسا هذه المرة هي “الضحية” وهي التي
بكت موتاها، في حين أن ضحية 11 سبتمبر كانت أمريكا.. إذن، هذا الهجوم هو مدبر
أحتمالا، ويمكن أن تكون له أهداف بعيدة مثلما حدث مع العراق بعد أحداث 11 سبمبر..
لكن ماذا نستطيع أن نخمن
حول أهدافها البعيدة.. هل سيقال أنها مدبرة من داعش، وعلى فرنسا أن تتدخل عسكريا
في سوريا والعراق لتقضي على هذا التنظيم، أم سيقال أن هذا تنظيم جديد تم تصديره من
دولة أخرى إلى فرنسا، وبالتالي تكون تلك الدولة هي التي ستتحمل ردة الفعل
الفرنسية؟
هل سيتوجه الغضب ضد المهاجرين ويطالب الفرنسيون بطردهم، هل سيتم منع أي مهاجر من الدخول إلى فرنسا، هل سيتم اتهام المهاجرين السوريين بأنهم أدخلوا معهم مقاتلين من داعش.. في كل الحالات يمكن أن تحدث حرب ضد المهاجرين ليس في فرنسا وحدها، لكن في أوروبا عامة، وسيتم تشديد الخناق عليهم. فالمظاهرات التي ستخرج في باريس وكل اوروبا يمكن أن يكون لها ما بعدها وما قبلها.
بكل بساطة لا يمكن فهم أي شيء في هذا
الهجوم المكتمل الأركان والزوايا، وفي كل الحالات، إذا لم يكن مدبرا، قد تواجه
الحكومة الفرنسية السقوط، ومستقبل هولاند السياسي، إذا كانت في فرنسا ديمقراطية،
هو الاستقالة أو على الاقل لن يتم انتخابه مرة أخرى..
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء