رغم أن الجو كان مشحونا منذ سنة 1966م،
وكان الصحراويون يريدون تحرير وطنهم إلا أن السبب المباشر لتأسيس الحركة الطليعية
كان خبرا في إذاعة لندن. فإذاعة bbc للندنية، أو إذاعة لندن كانت، وإلى وقت قريب، هي مصدر الخبر الموثوق
به في العالم العربي كله، لكن بصفة خاصة في الصحراء الغربية بسبب عدم وجود إذاعة
محلية أو وطنية صحراوية. ففي يوم من أيام بداية ديمسبر 1969م، كان شابان يستمعان
إلى تلك الإذاعة حوالي الساعة الخامسة أو السادسة مساء فتفأجأ أن هناك خبرا يقول
أن مفاوضات بين أسبانيا والمغرب وموريتانيا بهدف تقسيم الصحراء الغربية مستقبلا
بين البلدين المذكورين.. الخبر أزعج الشابين الصحراويين فانطلقا إلى المكان الذي
كان يقيم فيه بصيري، الشاب المتنور والأكثر ثقافة في المدينة وربما في الصحراء
كلها آنذاك.. فهو الوحيد الذي يحمل في جيبه دبلوما في الصحافة حصل عليه من المشرق
العربي.. تم اللقاء مع بصيري، وكان عدد الحاضرين ستة شباب فقط.. بدأ النقاش بالخبر
الذي أوردته إذاعة لندن حول تقسيم الصحراء مستقبلا بين المغرب وموريتانيا، وتشعب
حتى وصل إلى نقطة وهي أن أسبانيا ستسلم الصحراء الغربية مثلما سلمت طرفاية ومناطق
أخرى للبلدان المجاورة.. من النقاش خرجت فكرة نيرة وهي أن يتم تأسيس حزب سياسي
يطالب بالاستقلال.. حين كانوا يتحدثون دخلت مجموعة من الرجال إلى نفس البيت الذي
كان يتم فيه النقاش.. بسبب التخوف من المخابرات الأسبانية تم قطع النقاش وتوجيهه
إلى وجهة أخرى.. بدأ أولئك الرجال يلعبون الورق ويتحادثون حتى أنتهى الوقت.. حين
خرج الزوار على الثالثة صباحا تم استئناف النقاش.. لم يتوصلوا إلى أي أتفاق، وهو
ما جعل بصيري، الذي ظل صامتا، يتدخل ليقول بصراحة: إذا كنتم حقيقة تريدون الوصول
إلى شيء جدي فكونوا على استعداد للموت، ومواجهة مشاكل كثيرة، ومساءلات وفي حالة أن
لا تكون لديكم الإرادة فلا تحاولوا.. ذلك التدخل التكتيكي من بصيري أشعل الحماس في
نفوس الرفاق الذين كانوا يناقشون.. كانوا مصممين على التضحية.. يوم 18 ديسمبر
1969م تأسست الحركة الطليعية التي تعتبر أول حركة منظمة تريد النضال من أجل استقلال
الصحراء الغربية.. تعاهد المؤسسون أن تبقى الحركة سرية وأقسموا بالعبارات التالية
على العهد: أقسم بالله العظيم وبكتابه الكريم أن لا أخون منظمتي ولا وطني."
تم توزيع المهام على المؤسسين كالآتي:
بصيري أمينا عاما؛ عبد الحي سيد محمد أمين عام مساعد؛ سيدي لبصير مكلفا بالمالية؛
براهيم غالي مكلفا بالتأطير؛ سلامة المامي مكلفا بالشؤون العسكرية؛ سالم لبصير
مكلفا الشؤون المدنية."
بدأت الحركة الطليعية تشق طريقها، لكن
عمرها كان قصيرا كهيكلة منظمة. بعد ستة أشهر على تأسيسها تم إلقاء القبض على
قيادتها يوم 17 جوان 1970م، وتم حلها لكنها لم تموت. ( المصدر كتاب التاريخ المحظور للصحراء الاسبانية لتوماس بربولو)
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء