حين لم تتكفل الحرب بإنهاء النزاع، ولم يحقق أي من
الطرفين الهدف الذي من أجله بدأ الحرب تم الاحتكام إلى المساعي السلمية، لكن الآن
يبدو أن المساعي السلمية فشلت هي الأخرى مثلما فشلت الحرب دون ان يتمكن أي من
الطرفين من بلوغ الهدف الذي لجأ إلى السلام من أجله.
فشل السلام يعني شيئا واحدا: الاحتكام مرة أخرى
إلى الحرب، لكن بعدها لن يكون هناك احتكام إلى السلام مرة أخرى. لماذا؟
إنهاء الحرب من أجل الاحتكام إلى السلام، وتدخُّل
الأمم المتحدة، وإعطاء الوقت الكافي للسلام، واللجوء إلى الصبر وسكب الماء على الأعصاب
يبدو انه لم ينفع في الأخير. فشل السلام الآن يجعل جرس الانذار يُدق في العالم كله
بسبب الخوف من عودة الحرب. لا أحد يريد الحرب الآن في الصحراء الغربية: الولايات
المتحدة لا تريدها، الأمم المتحدة لا تريدها، الجزائر لا تريدها، موريتانيا لا
تريدها، المغرب لا يريدها، البوليساريو تقول ان الوقت غير مناسب لخوضها، لكنها
تبقى احتمال وارد في اية لحظة.
لكن لماذا لا أحد يريد الحرب الآن في الصحراء
الغربية؟ ببساطة لإنها إذا بدأت سوف لن تتوقف مرة أخرى. فسبب توقفها في سنة 1991م
كان إعطاء فرصة للسلام تحت إشراف الأمم المتحدة، لكن السلام فشل بسبب تعنت المغرب
وضعف الأمم المتحدة، وبالتالي لن يكون هناك، مستقبلا، سبب أو مسعى لإيقاف الحرب وستبقى
مستمرة حتى يتم تدمير كل شيء.
صحيح يمكن ان تحدث مناوشات، ويمكن أن تكون هناك
حرب معركة واحدة أو إثنتين، لكن أن نشهد حربا طويلة لسنوات فهذا ما لا يمكن تصوره
في الوقت الحالي.
فإذا كانت الولايات المتحدة الامريكية سنة 1975م ،
بعد رعايتها لاتفاق مدريد، استطاعت أن تمنع الحرب بين أسبانيا والمغرب حول الصحراء
الغربية، فإنها، هذه المرة، بكل تأكيد، ستتدخل مرة أخرى لمنع الحرب بين
البوليساريو والمغرب، ونتذكر جميعا وساطتها في سنة 2001م حين هدد الصحراويون بشنها
إذا مر الرالي.
إذن، التوتر الآن في الكركرات يمكن أن يؤدي إلى
معركة او مناوشات كأقصى تقدير، لكن لن يقود إلى الحرب، والمغرب سيبقى متمسكا بتكيتيك
التوتر في الكركرات لشهور إضافية.
كل الأطراف الآن - خاصة البوليساريو والمغرب- إذا
لم يتدخل عامل قوي مثل ضغط الولايات المتحدة، لن تتردد في اللجوء إلى القوة في الكركرات
وخوض معركة واحدة على الأقل، لكن لن يحدث المزيد. فالبوليساريو في صالحها خوض
معركة أو إثنتين الآن حتى تعطي لتصريحاتها الكثيرة الماضية بخوض الحرب مصداقية،
وحتى تنفض الغبار عن معنويات مقاتليها وجماهيرها. اما المغرب فلكي ينجح تكتيكه
بتأجيل المفاوضات وتأجيل الخوض في القضية سنة أو إثنتين، هو مستعد لخوض معركة واحدة
أو إثنتين في الكركرات.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء