أحدث
اللجوء في الحمادة تغيرا جوهريا في حياة
النساء.
كان
جزء من التغير يعود بالدرجة الأولى إلى
الثقافة.
. إن
غياب الرجل عن أسرته يعتبر في الثقافة
الشعبية الصحراوية حدادا، وعلى النساء
زوجات أو أخوات أو أمهات أن يمتنعن عن ضفر
شعورهن وعن إظهار أي نوع من الفرح..
كان
كل الرجال في الحرب؛ كانوا غائبون في مهمة
محفوفة بالمخاطر.بعض
المرات كانت تعود أخبارا سيئة من المعركة:
رجل
استشهد أو جُرح، رجل وقع في الأسر أو جُهل
مصيره.
وحتى
تُظهر النساء تضامنهن مع بعضهن البعض ومع
رجالهن في ميدان المعركة ومع أبنائهن
الغائبين في الدراسة امتنعن عن إقامة
حفلات الزفاف سبعة أيام مثل الماضي؛
امتنعن عن كل ما يوحى بالفرح.
في
المخيم لم تعد تشاهد أية امرأة بشعر مضفور
أو امرأة متزينة متجملة أو "متنيلة".
كانت
قلوبهن كلهن معلقة بالرجال في الحرب
وبالأبناء الغائبين في الخارج، وكانت
عقولهن معلقة بالعمل الجماعي الذي يقمن
به في المخيم.
وحتى
أولئك اللاتي لم يكن لهن رجل غائب في الحرب
أو ابن يدرس في الخارج أعلنَّ من جانبهن
الحداد تضامنا مع الأخريات.
بالنسبة
لأولئك اللاتي لا يوجد لهن رجل في مهمة
خطيرة – وهن قليلات-
كان
بالنسبة لهن عيب أن يفرحن هن وجاراتهن
حزينات.
إن
اللجوء والجوار وعيش الحلوة والمرة جعل
كل النساء يتواجدن في خندق واحد، يعشن
نفس الحالة، يحزنَّ مع التي فقدت شهيدا
أو مع التي جُرح لها أخر في المعركة، يفرحن
مع التي عاد زوجها أو ولدها سالما من
المعركة أو من الخارج.
عندما
تعرف نساء المخيم أن واحدة منهن فقدت
عزيزا في المعركة كن كلهن يتوجهن إلى
خيمتها لتعزيتها، يقفن كلهن إلى جانبها،
يبكين معها، يواسينها، يمسحن دموعها
ويعانقنها.
وحتى
المرأة التي فُجعت تحس إنها ليست هي الأم
أو الزوجة الوحيدة لذلك الفقيد؛ تحس أن
فقيدها هو فقيد المخيم كله، فقيد كل تلك
النساء اللاتي يجاورنها، فقيد الشعب كله.
إن
ذلك التعاون في العمل والتعاون على المصائب
جعل الحياة في الحمادة تسير إلى الأمام
عكس ما كان منتظرا لها.
التالي
« الموضوع السابق
« الموضوع السابق
السابق
الموضوع التالي »
الموضوع التالي »
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء